منطقة اليورو تنقذ اليونان من الإفلاس.. ونفسها من الانهيار

ارتياح حكومة أثينا إلى قرارات قمة بروكسل.. والشارع ما زال منقسما

TT

في الوقت الحاسم، وبعد نحو 11 ساعة متواصلة من المفاوضات، توصل زعماء دول منطقة اليورو في قمتهم الطارئة إلى حل نهائي، لمواجهة أزمة القروض والديون التي كادت تنتقل من اليونان إلى بقية دول اليورو وتطيح العملة الأوروبية الموحدة، ونجح بذلك قادة منطقة دول اليورو السبع عشرة، في إنقاذ اليونان من الإفلاس، وأيضا إيقاف دومينو السقوط والانهيار داخل المجموعة الأوروبية.

بالنسبة لليونان، فإن كان ما تم التوصل إليه في القمة، يتماشي مع متطلبات الحكومة اليونانية، فالبنود التي حملها معه رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو لزعماء اليورو - تم الموافقة عليها، من حيث تمديد فترة السداد التي تم مضاعفتها من 7.5 عام إلى 15 عاما وأخرى إلى 30 عاما، وخفض معدل الفائدة على القروض من 4.5 في المائة إلى 3.5 في المائة فقط، وأيضا شراء السندات اليونانية القديمة التي توفر لليونان مبالغ طائلة، ومساهمة جهات مانحة من القطاع الخاص من مصارف وشركات تأمين في مساعدات اليونان، وشمل قرار القمة منح اليونان مبلغ 109 مليارات يورو ونحو 50 مليارا من القطاع الخاص على مدار الثلاث سنوات المقبلة.

ويقول أحد المحللين الاقتصاديين لـ«الشرق الأوسط» إنه على الرغم من أن كل البنود التي تم التوصل إليها هي إيجابية للغاية لليونان، لكن لا بد من التأكيد على أن أي حل تم التوصل إليه، يحتاج إلى عمل جاد وجهد متواصل هنا في اليونان، لخفض عجز الموازنة وعدم الإنفاق أكثر من حجم الدخل القومي المحلي.

ويؤكد المراقبون هنا في أثينا، أن على اليونان اغتنام هذه الفرصة، والاستفادة منها للوقوف مجددا على قدميها، في ظل الإجراءات والقوانين الجديدة التي طالبت بها الحكومة تحت مبدأ، التغيير في كل شيء للأفضل ومواجهة الفساد ومحاربة التهرب الضريبي والإصلاحات اللازمة. وبالنسبة لردود الفعل على قرارات القمة، فعلى المستوى الحكومي، تهيمن نظرة إيجابية وشعور بالأمن والأمان تجاه الموقف الأوروبي الحاسم بخصوص اليونان، لأن ما تم التوصل إليه لم يكن سهلا، بل تطلب جهودا مضنية من قبل الحكومة والشعب خلال الفترة الماضية. وصرح وزير المالية اليوناني ألفثيريوس فينزيلوس أمس الجمعة بأن الأولوية حاليا هي تنمية البلاد وإعادة الاقتصاد إلى النمو الإيجابي، وأن هذا هو التحدي الذي سوف تفعله الحكومة خلال الفترة المقبلة.

وبالإشارة إلى القرارات الصادرة عن القمة، شدد فينيزيلوس على أن قادة أوروبا تغاضوا عن حجم الديون الكبير المحملة به أثينا، وقدموا لها الدعم المالي للتنفس وتسوية الديون، وأكد المسؤول اليوناني أن اتفاق قادة منطقة اليورو هو مصدر ارتياح كبير بالنسبة للاقتصاد اليوناني.

وأكد فينيلوس أن اتفاق قادة منطقة اليورو هو مصدر ارتياح كبير بالنسبة للاقتصاد اليوناني، وأوضح أن أي تقييم من جانب الشركات الأجنبية لن يكون له أي تأثير، ولن تؤثر على الناس أو أن المصارف سوف تستمر في الحصول على سيولة من البنك المركزي الأوروبي وأن النظام المصرفي في اليونان مضمون جدا من قبل أوروبا.

ولكن في نفس الوقت، فالشارع اليوناني ما زال منقسما على نفسه، وخصوصا بعدما شعر خلال الفترة الأخيرة بعدم الأمان تجاه مستقبل البلاد، فهناك قطاع كبير يؤيد المساعدات ويشعر بالارتياح، ومن الجانب الآخر هناك من يرفضون ما تم التوصل إليه، وخصوصا هؤلاء العاملين في الشركات والمؤسسات الحكومية التي من المقرر تخصيصها، وأيضا أصحاب المهن المقرر تحريرها مثل سائقي سيارات الأجرة والمحامين والصيادلة.

من جانبه، دعا رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو الشعب، إلى الشعور بالطمأنينة، ولكن أيضا دعا إلى المشاركة في التغيير إلى الأفضل والرضوخ للإصلاحات الاقتصادية والعمل الجاد من أجل إصلاح البلاد. ويرى قطاع معتبر من الشعب اليوناني، أن هذه الحلول إيجابية وجيدة للغاية، ولكن اليونان أيضا لا تزال مديونة حتى النخاع ومسؤولة عن سداد كل ما عليها من ديون، وربما ذلك يفرض اقتناع بالإجراءات الجديدة، وتقبل التغيير في كل أوجه الحياة بعيدا عما كان يحدث في الماضي.