10 أيام أمام الكونغرس للتوصل لاتفاق بشأن الدين قبل سقوط الاقتصاد الأميركي في الهاوية

مفاوضات زيادة سقف الاقتراض لم تخرج بنتيجة.. واقتصاد العالم مهدد بكارثة

TT

أجرى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وكبار المشرعين الأميركيين مفاوضات ماراثونية، لبحث مشكلة الدين، لكنها لم تخرج بنتيجة، مما قد يهدد الاقتصاد الأميركي بكارثة إن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن سقف الدين العام قبل 10 أيام فقط.

واتهم رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور هاري ريد، مساء السبت، الجمهوريين بدفع الولايات المتحدة إلى «شفير التخلف عن السداد» برفضهم التنازل في المفاوضات المصيرية الجارية بين الحزبين حول رفع سقف الدين العام.

وقال ريد في بيان إن «عدم استعدادهم لتقديم تنازلات يدفع الولايات المتحدة إلى شفير التخلف عن السداد». وأضاف أن «وقت السياسة قد نفد والوقت الآن هو للتعاون».

وصدر بيان ريد بعد يوم ماراثوني من المفاوضات الفاشلة في البيت الأبيض ومن ثم في الكونغرس، لتجنيب البلاد كارثة مالية محتومة بعد عشرة أيام في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق على رفع سقف الدين العام، وبالتالي عدم الوقوع في فخ التخلف عن السداد.

وأوضح ريد أن نقطة أساسية في الخلاف بين الجانبين في المفاوضات الرامية إلى رفع سقف الدين إلى أكثر من الـ14.3 تريليون دولار، التي بلغتها المالية العامة في 16 مايو (أيار)، تكمن فيما إذا كان تمديد فترة السماح بالاقتراض سيمتد لغاية الانتخابات الرئاسية في 2012.

وقال إن «أي شيء أقل من هذا لن ينجح في توفير الطمأنينة التي تتطلع إليها الأسواق والعالم أجمع، ويهدد بخفض فوري لمستوى التصنيف الائتماني للولايات المتحدة».

وقال أحد مساعدي عضو جمهوري بارز إن المشرعين يعملون على إعداد خطة لتوفير بين ثلاثة وأربعة تريليونات دولار على مدار عشرة أعوام، ولكن مسؤولا جمهوريا بارزا آخر قال إنه لم تحدد أرقام.

ولم يتضح ما إذا كان هذا البرنامج سيتضمن إيرادات ضريبية إضافية وخفض الإنفاق الحكومي كما يطلب أوباما.

ويريد أعضاء جمهوريون بارزون «إظهار تقدم» قبل بدء التداول في الأسواق المالية في آسيا، على أن يكشف النقاب عن التشريع اليوم. وقال مساعد لعضو جمهوري آخر: «يعمل قادة الكونغرس بنية طيبة بهدف التوصل لشيء لتقديمه لأعضاء الكونغرس اليوم».

وتنفد الأموال التي تمول منها الولايات المتحدة خدمة الدين في الثاني من أغسطس (آب) إذا لم يقر الكونغرس اقتراضا إضافيا. ويصر الجمهوريون على أن يقر البيت الأبيض خفضا ضخما للإنفاق لتقليص الدين على المدى الطويل، قبل الموافقة على أي زيادة لأعباء الدين في الولايات المتحدة.

وأدلى ريد بهذا التصريح إثر مشاركته في جولة مفاوضات مع كل من رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر، وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل وزعيمة، الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي.

وأضاف: «آمل أن يعيد رئيس المجلس باينر والزعيم ماكونيل النظر في موقفهما المتعنت». بالمقابل، أعلن مسؤول أميركي لوكالة الأنباء الفرنسية، أن باينر أعرب عن أمله في التوصل إلى اتفاق حول رفع سقف الدين العام قبل بعد ظهر أمس، أي قبل أن تبدأ التداولات في أسواق المال في آسيا.

وأوضح المسؤول، طالبا عدم ذكر اسمه، أن باينر أعرب عن هذه الرغبة خلال اجتماع عبر الهاتف مع برلمانيين جمهوريين آخرين، مؤكدا أن الزعيم الجمهوري «يدرك المخاوف المتعلقة بالأسواق الآسيوية».

وبحسب أحد المشاركين في هذا الاجتماع، فإن باينر دعا زملاءه إلى رص صفوفهم والتمسك بموقفهم، مشيرا إلى أن هناك مفاوضات مع البيت الأبيض تتناول خفض نفقات الدولة الفيدرالية من أربعة آلاف مليار دولار إلى ثلاثة آلاف مليار.

ويضع الجمهوريون هذا الخفض شرطا مقابل الموافقة على رفع سقف الدين العام، الذي تجاوز الـ14 ألف مليار دولار.

وأوباما مستعد للتضحية ببعض النفقات ذات الطابع الاجتماعي، لكنه يطالب في المقابل بزيادة الضرائب على الفئات الأكثر ثراء، وهو ما يعارضه الجمهوريون معارضة تامة. وإذا لم يتم التوصل قبل الثاني من أغسطس إلى اتفاق حول رفع سقف الدين العام، تصبح الإدارة الأميركية في حالة تخلف عن السداد، الأمر الذي من شأنه أن يعرض الاقتصاد العالمي بمجمله للخطر.

وكان البيت الأبيض دعا في أعقاب اجتماع، بين أوباما وقادة الكونغرس، إلى «تجنب المناورات السياسية المتهورة» فيما يتعلق بالاقتصاد الأميركي.

وقال المتحدث باسم البيت، الأبيض جاي كارني: «بدلا من ذلك عليه (الكونغرس) أن يتحلى بالمسؤولية ويقوم بواجبه بما يحول دون التخلف عن سداد الديون وبما يؤدي لخفض العجز» في الموازنة. وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس أوباما خلال الاجتماع «أعاد تأكيد معارضته لرفع سقف المديونية لأجل قصير»، مضيفا أن أي إجراء محدد بأجل قصير قد لا يجنب الولايات المتحدة تدني تصنيفها الائتماني.

لكن على الرغم من الفشل المدوي لمفاوضات الجمعة بين أوباما وباينر لم تتوقف المحادثات. وقال كارني «إن قادة (مجلسي الشيوخ والنواب) وافقوا على العودة إلى الكونغرس للتحدث إلى كتلتيهما، وبحث الطريقة التي تساعد على التقدم، والمحادثات ستتواصل طوال اليوم».

من جهته، أكد باينر بدوره أن أعضاء المجلسين سيواصلون العمل. وأضاف: «خلال عطلة نهاية الأسبوع سيعد الكونغرس حلا مسؤولا للخروج (من المأزق). سيعمل قادة مجلسي النواب والشيوخ لإيجاد حل مدعوم من الحزبين من أجل خفض نفقات واشنطن بشكل كبير، وصون الثقة (تجاه اقتصاد) الولايات المتحدة».

في الجانب الديمقراطي، قالت بيلوسي إنها تأمل أن يتم التوصل إلى اتفاق قبل يوم الاثنين. وأضافت: «يجب الاستفادة من كل لحظة». وكان أوباما حذر الكونغرس من أن «(وول ستريت) ستفتح الاثنين وسيكون من الأفضل أن نجد أجوبة في الأيام المقبلة». وقال «الأميركيون تعبوا» من عجز الكونغرس عن التحرك.

كما أكد استعداده لأن يتحمل لوحده مسؤولية رفع سقف الدين. وقال: «في النهاية مسؤوليتي هي ضمان تجنيب الشعب الأميركي وقطاع الأعمال الأميركي مصاعب فوق العادة». وبين خطط الإنقاذ بإجراء تشريعي معقد يسمح لأوباما بالاضطلاع وحده بمسؤولية رفع سقف الدين.

ويطالب الرئيس بأن يكون رفع سقف الدين كافيا لسنتين، أي بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 التي سيترشح إليها لولاية ثانية. وفي حال لم يتم ذلك، فإن الولايات المتحدة قد تتعرض لـ«خفض تقييم الدين» من قبل وكالات التصنيف المالي، كما قال كارني.