خدمة «بلاك بيري» ترفع حدة المنافسة وتهدد بحرب أسعار في سوق الاتصالات السعودية

عدد المستخدمين 1.2 مليون مشترك والأجهزة الجديدة تهدد بانخفاض العدد

تسعى شركة «رام» الكندية للحفاظ على موقعها كأسرع شركة نموا في مبيعات الأجهزة بالسعودية («الشرق الأوسط»)
TT

دخلت خدمة «بلاك بيري» حيز التنافس بين شركات الاتصالات في السعودية، وذلك بعد الإقبال المتواصل عليها، في الوقت الذي فاق فيه حجم المستخدمين 1.2 مليون مشترك في هذه الخدمة التي بدأت في الاستحواذ على حصة كبيرة من سوق الهواتف الجوالة، التي تقدمها شركة «ريسيرتش آند موشن» الكندية.

ويأتي دخول الخدمة كمحور تنافسي جديد بين شركات الاتصالات في المملكة، بعد أن خفضت شركات الاتصالات أسعار الخدمة بنسب تقل عن 50 في المائة، الأمر الذي يتوقع أن يسهم في رفع عدد المستخدمين خلال الفترة المقبلة.

وقال حمود الغبيني، نائب الرئيس التنفيذي للإعلام والعلاقات العامة، إن الشركة لم تستهدف الدخول في حرب أسعار، وإنما الهدف الأساسي هو تقديم العروض الجيدة لمشتركيها، مشيرا إلى أن شركته أدخلت الخدمة منذ 6 سنوات، التي كانت مخصصة لقطاع الأعمال.

وتابع الغبيني: «بعد تطوير أجهزة (بلاك بيري) وتعزيز الشركة لتقديم خدماته في السعودية، زاد الإقبال على الخدمة من قبل الأفراد، وما التخفيض الأخير إلا استمرار في تقديم العروض المنافسة لعملاء (موبايلي) في المملكة، التي دأبت على تقديم الأفضل لعملائها».

ولم يكن تنافس شركات الاتصالات السعودية في تقديم خدمة «بلاك بيري» وليد اللحظة، وإنما كان منذ بداية تقديم الخدمة، التي بدأت منذ ما يقارب 5 أعوام في المملكة، حيث كانت الشركات تتنافس في تقديم سعات إضافية بنفس المبالغ، من خلال منح المشترك 1000 ميغا، ومن ثم 2000 ميجا، إلى أن وصل تقديم الخدمة إلى سعات مفتوحة.

ثم انتقل ذلك التنافس في تقديم عروض وطرح أجهزة لشركة «ريسيرتش آند موشن» بشكل حصري، الذي اشتد بشكل كبير في التسابق نحو طرح تلك الأجهزة وتوفيرها قبل طرحها في الأسواق.

وفي أغسطس (آب) 2010 كادت تشهد خدمة «بلاك بيري» توقفا في عدد من الدول الخليجية نتيجة عدم التزام الشركة الأم «ريسيرتش آند موشن» بوضع خوادم داخل تلك الدول، واعتمادها على خوادم خارجية، في الوقت الذي تطالب فيه الدول بضرورة توفير خوادم داخلية، التي من شأنها توفير الرقابة على تلك الأجهزة بهدف عدم استغلالها من أي أطراف، وهو ما دعا إلى قيام الشركات المشغلة لجهود واسعة لتفادي حظر الخدمة، في الوقت الذي بلغ فيه عدد المشتركين في ذلك الوقت نحو 700 ألف مشترك.

وخلال هذه الفترة شهدت أسعار أجهزة «بلاك بيري» في السعودية والإمارات انهيارا، وفقدت ما يقارب 35 في المائة من قيمتها، مع مخاوف المستخدمين من توقف الخدمة، في الوقت الذي بدأ فيه عدد من المستخدمين بالتحول إلى أجهزة منافسة، كجهاز «آي فون»، الذي تنتجه شركة «أبل» الأميركية، وجهاز «إتش تي سي». وبعد نجاح شركات الاتصالات في استيفاء الشروط التنظيمية للخدمة لهيئة الاتصالات السعودية استمرت الخدمة، وتنفس المشتركون الصعداء، في الوقت الذي قام فيه جيم بالسللي، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة «رام» الكندية لزيارة المملكة، والتقى عدد من المسؤولين والرؤساء التنفيذيين لشركات الاتصالات في المملكة.

من جهته، قال الدكتور عبد العزيز الغدير، الخبير الاقتصادي، إن تخفيض الأسعار لم يكن حرب أسعار، وإنما قد يكون محاولة من شركة «ريسيرتش آند موشن» الكندية، التي بدأت تخسر حصة من سوقها لصالح الشركات الأخرى، في الوقت الذي تسعى فيه للحفاظ على حصصها في أسواق العالم، التي كانت في فترة متربعة على عرش مبيعات قطاع أجهزة الهواتف الجوالة.

ولفت الغدير الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك اتفاقات ضمنية بين شركات الاتصالات بالمحافظة على الأسعار في مختلف المنتجات، وعدم الخوض فيما يتعلق بحرب الأسعار، وذلك للمحافظة على مكتسبات السوق، مستشهدا بأن خدمة النطاق العريض المفتوح تقدم من الشركات الثلاث بأسعار شبه ثابتة تدور حول 350 ريالا (93.3 دولار) شهريا، مؤكدا إلى أن الفترة الماضية كان المنظم - هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية - محايدا نوعا ما، ولم يعط المشغلين الجدد أي ميزات إضافية.

وتشهد سوق تقنية المعلومات نموا واسعا في السعودية، حيث بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة بنهاية الربع الأول نحو 11.8 مليون مستخدم، وعدد اشتراكات النطاق العريض نحو 4.8 ملايين، وبلغ متوسط النمو السنوي التراكمي للنطاق العريض في المملكة نحو 123 في المائة سنويا خلال السنوات الخمس الماضية.

في حين بلغ حجم الإنفاق على تقنية المعلومات في عام 2010 أكثر من 27 مليار ريال (7.2 مليار دولار)، بمعدل نمو سنوي بلغ نحو 23 في المائة ويمثل الإنفاق السنوي على تقنية المعلومات ما نسبته 1.65 في المائة من إجمالي الدخل الوطني.

وبحسب هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية فإنه نجم عن هذا الإنفاق أن تكللت الجهود بنجاحات بارزة على المستوى العالمي، وحققت المملكة من خلالها مكانة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات؛ إذ احتلت المرتبة الثالثة والثلاثين في عام 2010 - 2011 في مؤشر جاهزية الشبكة، وهو المؤشر الذي يصدره الملتقى الاقتصادي العالمي، متقدمة في ذلك على الكثير من الدول المتقدمة، مثل إيطاليا وإسبانيا.

من جهته، قال سعود الهواوي، مؤسس موقع «عالم التقنية»، إن هناك إقبالا على الخدمة في السعودية، وتسعى شركات الاتصالات إلى المحافظة على ذلك الإقبال، في ظل دخول أجهزة جديدة تقدم نفس الخدمة دون رسوم، وهو ما قد يفقد شركة «ريسيرتش آند موشن» حصة في إحدى أهم أسواقها. وأضاف الهواوي: «هناك أنباء تتداول منذ 3 شهور عن أن الشركة ستوفر الخدمة في أجهزة أخرى، إلا أن ذلك مستبعد كون الشركة ستخسر بذلك مبيعات أجهزة (بلاك بيري)».

وكانت شركة «الاتصالات السعودية» قد أعلنت عن تخفيضها سعر الاشتراك الشهري لباقة «بلاك بيري» للأرقام المفوترة والمسبقة الدفع، ليصبح 79 ريالا (21.06 دولار) بدلا من 99 ريالا (26.4 دولار) وبحجم بيانات متاح قدره 1000 ميغابايت، واستخدام غير محدود لـ«بلاك بيري ماسنجر» والبريد الإلكتروني، كما أعلنت عن عرض آخر لسعر الاشتراك في باقة «بلاك بيري» للأرقام المفوترة والمسبقة الدفع الشهرية لتصبح 49 ريالا (13 دولارا) بدلا من 79 ريالا (21 دولارا)، مع حجم بيانات متاح قدره 1000 ميجابايت، واستخدام غير محدود لـ«بلاك بيري ماسنجر» والبريد الإلكتروني، مضافا إليها 5 ميغابايت عند التجوال الدولي مجانا.

كما أعلنت «موبايلي» عن تخفيض الاشتراك في خدمة الـ«بلاك بيري اللامحدودة» إلى 50 ريالا (13.3 دولار) شهريا، ويستمر لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ تفعيل الاشتراك.

وبين مؤسس موقع «عالم التقنية» أن المنافسة اشتدت بشكل كبير خلال الفترة الحالية، وذلك بعد أن أعلنت شركة «أبل»، عن توفير برنامج جديد في إصدارها الخامس من جهاز «آي فون» باسم «اي مسج» وهو ما سيقدم فكرة مشابهة لما عليه برنامج المحادثة في جهاز «بلاك بيري»، الذي بسببه نمت شعبية هذا الجهاز، والمتوقع أن يصدر في الخريف المقبل.

يذكر أن أسعار أجهزة «بلاك بيري» قد شهدت نموا خلال الفترة الماضية في السعودية، إضافة إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 10 في المائة، مع تقديم عروض مختلفة من شركات الاتصالات وموزعي أجهزة الهاتف الجوال، وتتراوح أسعار أجهزة «بلاك بيري» ما بين 680 ريالا (181 دولارا) وحتى 2000 ريال (533 دولارا)، في الوقت الذي بلغ عدد مشتركي «بلاك بيري» نحو 67 مليون مشترك حول العالم حسب إحصائيات غير رسمية.