رئيس «غوغل» شمال أفريقيا لـ «الشرق الأوسط»: مهتمون بتصدير صناعة السياحة والطيران المدني إلى الخارج

وائل الفخراني: أتمني أن يأتي اليوم الذي نستحوذ فيه على شركة في مصر أو في العالم العربي

وائل الفخراني («الشرق الأوسط»)
TT

قال وائل الفخراني، المدير الإقليمي لشركة «غوغل» في شمال أفريقيا، إن زيادة استخدام الإنترنت في دول المنطقة ستسهم بشكل كبير في زيادة الطلب الداخلي، وهو الأمر الذي سيحفز اقتصادات تلك الدول على النمو بشكل كبير، خاصة مع ظهور بوادر لاستخدام الإنترنت في تقديم الخدمات.

وأضاف الفخراني في حواره مع «الشرق الأوسط» في القاهرة أن عائدات شركته من المنطقة ضعيفة جدا، لكن هذا لا يؤرق شركته التي تسعى في الوقت الحالي إلى تأسيس بنية أساسية للإنترنت في دول شمال أفريقيا، وجعل كل منتجات شركته متاحة للمواطنين، فما تنظر «غوغل» إليه الآن هو الاهتمام بالمستخدم إلى أقصى درجة. وأشار إلى أن فرص نمو الإنترنت في المنطقة كبير جدا، فالمجال لا يزال بكرا، وهناك محتوى كبير «offline» (غير منشور على الإنترنت)، وهو ما يمثل فرصا كبيرة للنمو.

ويشرف وائل الفخراني على تصميم وتنفيذ استراتيجيات الأعمال وإدارة العمليات بشركة «غوغل» في كل من مصر ومنطقة الشرق الأوسط. وتتضمن مسؤولياته الوظيفية تهيئة البيئة الملائمة لاستخدام شبكة الإنترنت، بالتعاون مع كبرى الهيئات والمؤسسات لتنمية وتطوير شبكة الإنترنت، وكذلك تطوير المحتوى الإعلاني وأساليبه في المنطقة.. وفي ما يلي نص الحوار..

* ما هي أكثر فئة تستخدم الإنترنت في منطقة شمال أفريقيا؟

- الشباب أكبر فئة تستخدم الإنترنت، فتلك الفئة في المنطقة تتميز بعدة سمات مختلفة عن مثيلاتها حتى في منطقة الشرق الأوسط، فأعداد الطلبة في تلك البلدان كبيرة جدا، فهناك 47 مليون طالب ما بين مراحل التعليم الأولى وحتى نهاية التعليم الجامعي، كما أن نصف العالم العربي متركز في منطقة شمال أفريقيا، فهي كثيفة بالسكان، عكس منطقة الخليج التي لديها اقتصاد أقوى لكن التعداد السكاني بها أقل، والمستخدمين للإنترنت أقل، فإذا نظرنا إلى مصر مثلا فمستخدمو الإنترنت بها يقدر عددهم بنحو 25 مليون فرد، وهو ما يماثل عدد مستخدمي الإنترنت في الخليج العربي كله.

* وهل هناك تغير في استخدام الإنترنت والبحث خاصة بعد الثورات العربية؟

- بالطبع.. فقبل العام الحالي وخلال السنوات الأربع الماضية كان استخدام الإنترنت يتم للترفيه، فالإقبال كان أكثر على تتبع أخبار الفنانين وغيرها، أما الآن وبعد الثورات العربية فقد أصبح الإقبال أكبر على الأخبار خاصة التحليلية منها.

* وما هي فرص النمو في هذا المجال بتلك المنطقة؟

- فرص النمو كبيرة جدا، فبالإضافة إلى الخصائص للشريحة الأكبر لمستخدمي الإنترنت في المنطقة والتي تهيئ المناخ للنمو، هناك محتوى كبير «offline» (غير منشور على الإنترنت)، يتوزع بين المحتوى لدى دور النشر في المنطقة العربية والمتاحف والكتب والمجالات، كما أن تقديم الخدمات عبر الإنترنت لم ينم بشكل كبير، وكل تلك الخصائص السابقة تعطي فرصا كبيرة لنمو الأعمال المرتبطة بالإنترنت، كما أنها ستسهم في تعزيز الطلب الداخلي في تلك الأسواق.

* لكن كيف ينمي الإنترنت الطلب الداخلي في تلك الأسواق؟

- نسعى خلال الفترة القادمة إلى جعل الإنترنت في منطقة شمال أفريقيا وسيلة خدمية، بعد أن كان في البداية وسيلة ترفيهية فقط ثم أصبح وسيلة للوصول إلى الأخبار.. تلك الخطوة بدأت مع ظهور بعض المواقع التي تقدم خدمات للجمهور، مثل موقع «نفسك» (nefsak.com) وغيره، وهناك من 15 إلى 20 موقعا لتسويق المنتجات عبر الإنترنت، ويقوم بإدارتها وتسويقها شباب، ونحن نساعدهم في الوصول إلى المستهلك فهي تعتبر فرصة جيدة جدا لزيادة الطلب المحلي.

أما الجزء الثاني الذي يساعد على نمو الطلب الداخلي والذي نسعى للوصول إليه، فهو إتاحة معلومات الشركات الصغيرة والمتوسطة على الإنترنت، مثل «الوسيط» و«يللوبيدجز» (yellow pages)، فلو لديك شركة أو خدمات تجارية، فيجب أن يكون لديك موقع على الإنترنت حتى لو كان صغيرا، حتى تحقق انتشارا بشكل أكبر، فعندما يبحث أي فرد على الإنترنت عن محام أو طبيب أو أي شركة خدمية، يجب أن يجد كل من يقدم الخدمة، وهذا يساعد فعلا على زيادة الطلب المحلي، وخلق اقتصاد قوي جدا، وسيسهم الإنترنت بشكل كبير في هذا المجال.

* وهل هذا يعني أن «غوغل» لديها خطط لدعم اقتصادات دول المنطقة؟

- نحن مهتمون بعنصرين أساسيين لدعم اقتصاد دول شمال أفريقيا، وهما تصدير صناعة السياحة، والطيران المدني في المنطقة إلى الخارج، فبالنسبة للسياحة نقوم بالتعاون مع هيئات التنشيط السياحي في كل بلد بالعالم العربي، بالحصول على عروض ومنتجات كل بلد ونشرها على الإنترنت في العالم بعدة لغات، بطرق علمية عن طريق التعرف على احتياجات السياح بالخارج، ونقدم لهم مجموعة متكاملة من الخدمات تلبي رغباتهم، فمثلا إذا كان هناك شخص في بريطانيا يبحث عن رحلة سياحية في مصر، فمن خلال «غوغل» يستطيع الوصول إلى كل العروض السياحية المقدمة، ويستطيع أن يقوم بالحجز أيضا من خلال تلك الخدمة.

وفي ما يتعلق بالطيران المدني، نساعد على تنشيط تلك الشركات في الوطن العربي، فشركة مثل «مصر للطيران» تستطيع زيادة أرباحها من خلال تسويقنا لها في الخارج، فهناك الكثير من الأجانب يبحثون خلال الإنترنت عن «الطيران إلى الشرق الأوسط»، ومن هذا المنطلق نحن نساعدهم من خلال عمل إعلانات لشركة مثل «مصر للطيران» بالتعاون مع هيئة التسويق والمبيعات بتلك الشركة، ونقدم للباحث عبر «غوغل» في نتائج بحثه عن شركات الطيران إلى الشرق الأوسط، «مصر للطيران»، ويستطيع من خلال الإنترنت حجز التذكرة الخاصة به. فتلك الخدمات تدر للبلاد ملايين الجنيهات يوميا من خلال خدماتنا.

* وما هي عائدات «غوغل» من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

- الشركة حققت العام الماضي 29 مليار دولار، وفي الربع الأول من العام الحالي حققت 9 مليارات دولار، وهو يعتبر عائدا كبيرا لم نصل إليه من قبل، لكن إيرادات «غوغل» من منطقة الشرق الأوسط ضعيفة جدا جدا، لكن ليس الهدف الأساسي لوجودنا الآن هو الربح، فنحن لا نزال نبني في منطقة الشرق الأوسط البنية التحتية للإنترنت، لكن عندما ننتهي من ذلك، ويزيد المحتوى وتزيد المنتجات والمستخدمين، سنحقق عائدا جيدا، وبدأنا في كل المناطق التي تعتمد إيرادات الشركة الآن عليها بشكل كبير بنفس الاستراتيجية، بالتركيز على المستخدم أولا ثم بعد ذلك تأتي الأرباح.

كما أن هناك عوامل أخرى تؤثر على إيراداتنا من المنطقة، فسوق الإعلانات التي تعتمد إيرادات «غوغل» بشكل كبير عليها، تمثل 5 إلى 6 مليارات دولار في منطقة شمال أفريقيا، والإنترنت لا يمثل 2 إلى 3 في المائة من تلك القيمة، لكن في الأسواق العالمية الإعلان في الإنترنت يمثل 17 في المائة من حجم الإنفاق الإعلاني.

* لكن كيف تقيس الشركة نجاحها في المنطقة إذا كان العائد ضعيفا؟

- لدينا طرق علمية لقياس نجاحنا، عن طريق قياس زيادة المحتوى وارتفاع معدل الانتشار، وعدد المستخدمين والمبرمجين الذي يستخدمون برامجنا على الإنترنت، فاستخدام الإنترنت ينمو في المنطقة بنسبة 40 إلى 50 في المائة، ونحن ننمو بمعدل أكبر من هذا، لكن هناك بعض المنتجات التي نطلقها تنمو بشكل كبير قد تصل إلى 500 في المائة، فالسوق بها فرص نمو هائلة، ونحقق معدلات نمو الآن بمعدل أكبر من أي وسيط آخر.

* وما هو حجم الإنفاق واستثمارات «غوغل» في المنطقة؟

- نحن ننفق في المتوسط 10 في المائة من دخل الشركة السنوي على البحث والتطوير، أي أن كل موظف ننفق عليه 140 ألف دولار سنويا، ونحن في شركة «غوغل» 26 ألف موظف، أي أن حجم إنفاقنا 3 مليارات دولار في السنة.

* لكن مع كل هذا الاهتمام التي تبديه «غوغل» للمنطقة، فإن هناك كثيرا من المنتجات غير متاحة للمستخدم العربي..

- نعم.. لكننا في سبيلنا إلى تطويرها لتكون متاحة لكل الأفراد في المنطقة العربية، ونسعى أن تكون كل المنتجات متاحة للمستخدمين في الوطن العربي بشكل سريع، لكننا لا يمكننا وضع خطة للإتاحة، ففي السنوات الثلاث الماضية التي عملنا خلالها في تلك المنطقة أطلقنا منتجات كثيرة باللغة العربية قبل أن تكون متاحة في بلاد كثيرة، وأصدرنا منتجات باللغة العربية بالتزامن مع إطلاقها في الولايات المتحدة الأميركية، وكانت تلاقي قبولا بشكل كبير.

* «غوغل» دائما ما تبحث في العالم عن شركات لشرائها لتنمي خدماتها، فهل هناك خطط للاستحواذ على شركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

- نحن نقوم بشراء شركة كل يوم تقريبا، نبحث طوال العالم عن الموهوبين وعن الشركات، لكننا لم نشتر حتى الآن شركة في المنطقة أو في مصر، لكني أتمنى أن يأتي اليوم الذي تقوم فيه «غوغل» بالاستحواذ على شركة في مصر أو في العالم العربي. وهناك فريق عمل كبير بالشركة ينظر في تلك الفرص، لكني متفائل جدا بالشباب والثورة التي حصلت على الإنترنت، فلا يوجد مجال أو قطاع ينمو مثلا في مصر مثل مجال الإنترنت، ومع هذا النمو أتوقع أن تكون هناك بصمة للمصريين والعرب على الإنترنت.

وتركيزنا الآن على تنمية الشباب خاصة من فئة الجامعات، فنحن نعتبر طلبة الجامعة مبتكري المستقبل، فقد أطلقنا برنامجا إقليميا تحت عنوان «سفراء غوغل في الجامعات»، وذلك بعدد كبير من جامعات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويدعو البرنامج الطلبة لتمثيل «غوغل» في جامعاتهم على مدار عام دراسي كامل، كما يهدف البرنامج الطموح لإمداد طلبة الجامعات بالمعلومات والأدوات التي تسهم في تنمية قادة المستقبل بتلك المنطقة الكبيرة، وقد تم اختيار سفراء «غوغل» من طلبة الجامعات بناء على عدد من المعايير منها مدى معرفتهم التكنولوجية، والتزامهم بإحداث تغيير في مجتمعهم الجامعي، مع رغبتهم في إبراز الابتكارات الجديدة التي تتيح لشركة «غوغل» تحقيق الكثير من المزايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.