اتصالات أوروبية لتلافي تفشي عدوى أزمة الديون

وسط مخاوف من تأثير المضاربات على فوائد السندات

TT

كثفت الاتصالات بين العواصم والمؤسسات الأوروبية خلال الساعات القليلة الماضية، في ظل تزايد القلق من تفشي عدوى أزمة الديون السيادية إلى دول جديدة لتنتقل من اليونان وآيرلندا والبرتغال، لتشمل إيطاليا وإسبانيا وقبرص. وأجرى رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، اتصالا هاتفيا مع رئيس وزراء إسبانيا خوسيه ثاباتيرو. وقالت المفوضية إن أفضل تحرك هو وضع الاتفاق الذي توصل إليه زعماء منطقة اليورو الشهر الماضي قيد التنفيذ، كما أجرى رئيس منطقة اليورو رئيس وزراء لكسمبورغ، جان كلود جونكر، مشاورات طارئة مع وزير الخزانة والمال الإيطالي، جوليو تريمونتي، على خلفية تنامي المضاربات بشأن المتاعب المالية للحكومة الإيطالية، واحتمال تقدمها بطلب للحصول على مساعدة عاجلة من الاتحاد الأوروبي. وأجرى وزير الخزانة والمال الإيطالي، جوليو تريمونتي، اتصالات هاتفية مع مفوض النقد الأوروبي، أولي رهين، لبحث سبل القيام بتحرك أوروبي لوقف مضاربات الأسواق المالية.

وجاء ذلك قبل ساعات فقط من مخاطبة رئيس الحكومة الإيطالية، سيلفيو برلسكوني، للبرلمان الإيطالي بشأن تفاقم أزمة الديون في إيطاليا. وبينما فتحت إيطاليا اتصالات مع شريكاتها الأوروبيات وأعلنت عن مخطط لإنعاش اقتصادها، فقد عقد رئيس وزراء إسبانيا، خوسيه ثاباتيرو، اجتماعا عاجلا في مدريد لمعاينة الموقف. في حين قال زعماء منطقة اليورو يوم 21 يوليو (تموز) الماضي إن الوصفة التي صاغوها لليونان تعد بمثابة القنبلة النووية للجم المضاربين. ولكن الأسواق المالية لم تقتنع بفاعلية التحرك الأوروبي وظلت الفوائد على سندات الديون لغالبية الدول الأوروبية مرتفعة بشكل غير مسبوق، بينما انخفضت قيمة فوائد السندات الألمانية إلى أدنى مستوى لها منذ إعادة توحيد ألمانيا، فقد اجتمع رئيس الحكومة الإسبانية مع نائبته للشؤون الاقتصادية، إلينا سلغادو، لتحليل وضع الأسواق المالية. وجاء ذلك بعد أن وصل ثاباتيرو برفقة أسرته مساء الثلاثاء إلى منطقة دونيانا، جنوب إسبانيا، للاستمتاع بعطلته الصيفية، ولكنه قرر العودة صباح أمس، الأربعاء، إلى مكتبه في قصر «لامونكلوا» بمدريد، لمتابعة تطورات الأسواق المالية عن كثب.

وكان العائد على السندات الإسبانية لأجل 10 سنوات قد سجل، أمس، الأربعاء، رقما قياسيا جديدا، بوصوله إلى 407 نقاط قبل دقائق من افتتاح جلسة التعاملات في البورصة، التي شابها التوتر من جديد بسبب شكوك الأسواق حيال الاقتصاد الأميركي والأوروبي. واجتمع ثاباتيرو مع سلغادو ومع وزير البنية التحتية والمتحدث باسم الحكومة الإسبانية، خوسيه بلانكو، لبحث التطورات الأخيرة للأسواق المالية. كما ينتظر أن يواصل المحادثات الهاتفية التي يجريها مع المتحدثين باسم الكتل البرلمانية، التي لم يتمكن من الاتصال بهم في وقت سابق. وكان ثاباتيرو قد أجرى، أول من أمس، الثلاثاء، اتصالات بزعيم الحزب الشعبي، قطب المعارضة الإسبانية، ماريانو راخوي، ومرشح الحزب الاشتراكي الحاكم لرئاسة الحكومة، ألفريدو بيريث روبالكابا. كما أجرى أيضا اتصالا برئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، الذي استبعد إمكانية تقديم مساعدة مالية لإسبانيا.

وكانت المفوضية الأوروبية أعلنت في وقت سابق، أن إسبانيا وإيطاليا ليستا بحاجة حاليا إلى خطط إنقاذ شبيهة بخطة إنقاذ اليونان، ولكن الأسواق المالية والمتعاملين واصلوا ضغوطهم على العملة الأوروبية خلال الساعات الأخيرة. وبلغ فارق قيمة سندات الديون بين ألمانيا من جهة وكل من إسبانيا وإيطاليا أعلى نسبة له منذ 12 عاما، ويطالب الاتحاد الأوروبي بأن تعلن الحكومة الإيطالية بشكل سريع عن خطة إنعاش اقتصادية قابلة للصمود أمام المضاربين.

وجاء ذلك بعد أن أكدت المفوضية الأوروبية في بروكسل، ثقتها في قيام الحكومة في كل من إسبانيا وإيطاليا، بالخطوات والإجراءات المطلوبة، لوضع الاقتصاد على الطريق الصحيح ومواجهة أي مشكلات، وأكد الجهاز التنفيذي للاتحاد أنه يراقب تطورات الأسواق والأوضاع في مختلف دول الاتحاد عن قرب، وهناك ثقة في أن الدول الأعضاء تعمل ومن خلال الإجراءات المطلوبة لتفادي وقوع أي مشكلات في المنطقة، وجاء ذلك على لسان شانتال هوغز، المتحدثة في المفوضية الأوروبية، خلال المؤتمر الصحافي اليومي، وحول الحاجة إلى قرارات سياسية عقب اجتماع قادة منطقة اليورو الأخير في بروكسل، خصوصا أنه لا توجد تحركات ملموسة على أرض الواقع عقب القمة، قالت المتحدثة، إن القمة الأخيرة أصدرت قرارات تتعلق بحزمة إجراءات لمساعدة الدول الأعضاء، وتحقيق الاستقرار والانتعاش في المنطقة، وإن لجان عمل بدأت عملها، كما أن مجموعة اليورو عقدت في الأسبوع الماضي اتصالات في اجتماع عبر الفيديو، وجرى التطرق للتحركات المقبلة وسبل التنفيذ. يأتي ذلك بينما توقع «مجلس الحكماء الخمسة»، أحد أهم المجالس الاقتصادية الألمانية، عودة أزمة المديونية إلى منطقة اليورو في الخريف المقبل، محذرا من أن حزمة المساعدات المالية الجديدة للحكومة اليونانية «لن تكون كافية». وقال العضو في المجلس الاقتصادي المعني بتقديم استشارات لديوان المستشارية الألمانية، لارس فيلد، في تصريحات صحافية، إن «أزمة اليورو تتطور إلى خطر على النظام المالي في منطقة اليورو». ووجه فيلد رسالة واضحة إلى المسؤولين الأوروبيين مفادها أن «الإجراءات التي اتخذها رؤساء دول وحكومات منطقة اليورو وحزمة المساعدات التي ستحصل عليها الحكومة اليونانية لن تكون كافية من أجل الحد من توتر أزمتها المالية». وحذر المسؤول من تحول أزمة المديونية في دول منطقة اليورو إلى «خطر حقيقي يهدد الاستقرار الاقتصادي والمالي في منطقة اليورو»، قائلا: «أتوقع في موعد أقصاه سبتمبر (أيلول) المقبل عودة شكوك أسواق المال في قدرة بعض اقتصادات منطقة اليورو على السداد».