هل يتحول «المركزي الأوروبي» إلى مضارب في سوق السندات؟

وسط انخفاض سعر السندات الإسبانية والإيطالية وارتفاع كلفة الدين

جانب من مقر البنك المركزي الأوروبي
TT

تتجه الأنظار الخميس إلى البنك المركزي الأوروبي الذي يعقد اجتماعا لمجلس حكامه، على أمل أن يساعد على تسوية أزمة الديون في منطقة اليورو بعدما بدأت تطال إيطاليا وإسبانيا.

وقال أنخيل دي مولينا رودريغيث المحلل لدى شركة «تريسيس» إن على البنك المركزي الأوروبي أن يتخذ «تدابير أكثر جدية لردع المضاربين من خلال شراء سندات أو أسهم بشكل منسق مع مصارف مركزية أخرى.. أو توجيه رسالة مفادها أن ذلك لا يمكن أن يستمر».

من جهته، اعتبر نوريا الفاريث المحلل في شركة السمسرة الإسبانية «رنتا 4» أنه «يجدر بالبنك المركزي الأوروبي أن يكون باشر شراء ديون» الدول التي تواجه صعوبات، غير أنه «لا يشتري شيئا منذ مارس (آذار)، وهذا أمر لا يمكن فهمه». ومن المتوقع بالتالي أن يدور القسم الأكبر من المؤتمر الصحافي الذي سيعقب اجتماع البنك المركزي الأوروبي حول برنامج إعادة شراء السندات في السوق الثانوية حيث يجري التداول حاليا بالسندات الصادرة، وهو ما لا يلقى استحسان رئيس البنك جان كلود تريشيه.

وكان البنك المركزي الأوروبي وافق على مضض على القيام بهذه المهمة في ربيع 2010 سعيا منه لاحتواء أزمة الدين اليوناني وتجنيب منطقة اليورو انهيارا، غير أنه توقف منذ 18 أسبوعا عن الاضطلاع بهذه المهمة، معتبرا أنه بذل ما يكفي وأنه يعود الآن للمسؤولين السياسيين الأوروبيين البحث عن حل نهائي للاضطرابات التي تهز المنطقة.

وفي 21 يوليو (تموز) تقرر خلال قمة عقدت في بروكسل لإقرار خطة جديدة لإنقاذ أثينا، أن يحل الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي محله للقيام بهذه المهام. غير أنه من غير المرجح أن يتمكن الصندوق الأوروبي الذي أنشئ لإقراض دول منطقة اليورو التي تواجه مصاعب، من التدخل قبل سبتمبر (أيلول) على أقرب تقدير، كما أن بعض الجهات العاملة في الأسواق لا ترى حجمه كافيا لمعالجة مشكلات إيطاليا وأوروبا، حيث إن قدرته على الإقراض حددت بـ440 مليار يورو. وأصدرت إسبانيا الخميس سندات لثلاث وأربع سنوات بقيمة إجمالية قدرها 3.311 مليار يورو بمعدلات فائدة مرتفعة بالنسبة إلى آخر سندات أصدرت، غداة يوم صعب.

وتعرضت إسبانيا وإيطاليا لهجمات المضاربين في الأسواق يومي الثلاثاء والأربعاء مما أرغم حكومتيهما على التحرك وظل التوتر مخيما في الأسواق صباح الخميس رغم تسجيل توجه طفيف إلى الارتفاع في انتظار اجتماع البنك المركزي الأوروبي. وقال كريستيان شولتز من مصرف «بيرنبرغ» إن البنك المركزي الأوروبي «يبقى الحصن الوحيد الموثوق في وجه حركات الهلع». ورأى زملاؤه في «آر بي إس» أن البنك المركزي الأوروبي «سيضطر إلى استئناف عمليات الشراء قبل نهاية العام». غير أن جيل مويك من مصرف «دويتشي» حذر من أنه سيطالب بثمن باهظ لقاء تدخله، بعد تجربة الربيع الماضي وما خلفته من تبعات.

ويعتبر حكام الهيئة المالية التي تتخذ من فرانكفورت مقرا لها أن موافقتهم على التدخل بدون شرط «أخرت الإصلاحات الضرورية في بعض الدول الواقعة عند أطراف منطقة اليورو» مما قد يدفع البنك المركزي بحسب المحلل على المطالبة بضمانة من الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي عن جميع السندات التي يعيد شراءها. وفي المقابل يجمع الكل على أن حكام البنك المركزي الأوروبي سيبقون بالتأكيد على معدل الفائدة الرئيسية بمستواه الحالي 1.5 في المائة. وكان خبراء الاقتصاد يرجحون حتى الآن زيادة معدل الفائدة في أكتوبر (تشرين الأول). غير أن هذا الخيار لم يعد مطروحا على ضوء التطورات الأخيرة. وقال كارستن برزسكي من «آي إن جي» إن «الاحتمالات تتضاءل بأسرع مما كان متوقعا».

وأوضح كريستيان شولتز بهذا الصدد أنه إضافة إلى أزمة الدين فإن «الضعف الكبير» في الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو سيحمل البنك المركزي الأوروبي على مراجعة جدوله بشأن معدل الفائدة، وأضاف أن تريشيه سيترك لخلفه الإيطالي ماريو دراغي الذي سيحل محله في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) مهمة التعامل مع المشكلة. وفي مطلق الأحوال فإن الصعوبات في منطقة اليورو عززت دور الين الياباني كعملة مرجعية، فدفعت سعره إلى أعلى مستويات تسجل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مما أرغم البنك المركزي الياباني على التدخل الخميس.