الصين واليابان تدعوان إلى محادثات عالمية بشأن الأزمة الاقتصادية

وسط مخاوف من عودة الاقتصاد العالمي إلى الركود

جانب من تداولات الأسهم الصينية («الشرق الأوسط»)
TT

دعت الصين واليابان، أمس، إلى تعاون دولي بعد أن أثار هبوط الأسواق المالية مخاوف من احتمال خروج أزمة الديون الأوروبية عن السيطرة وانزلاق الاقتصاد الأميركي إلى ركود جديد. وتشير تصريحات الصين واليابان، أكبر دائنين أجنبيين لواشنطن، إلى تنامي القلق من انتشار الأزمة مع هبوط أسواق الأسهم الآسيوية بعد تهاوي الأسهم الأميركية في اليوم السابق. وسجلت الأسواق الأوروبية أدنى مستوى في 14 شهرا في التعاملات المبكرة.

وقال مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بيان، إن ساركوزي سيبحث أوضاع الأسواق المالية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو. وفي اليابان قال وزير المالية يوشيهيكو نودا، إن صناع السياسة العالمية عليهم التصدي لاختلالات العملات وأزمات الديون والمخاوف بشأن الاقتصاد الأميركي.

وقال للصحافيين بعد يوم من تدخل اليابان في السوق لبيع الين «أوافق على أنه ينبغي بحث هذه المسائل.. كل مشكلة مهمة، لكن كيفية ترتيب أولوياتها هو أمر يجب بحثه». وباعت اليابان الين أول من أمس (الخميس) للحد من صعود العملة الذي يجعل المصدرين اليابانيين في وضع صعب. وتردد في السوق حديث عن أن اليابان تدخلت مجددا أمس (الجمعة) رغم أن العملة تحولت سريعا إلى الهبوط مما ينبئ بأن طوكيو لا تتدخل في السوق. وأصبح الين ملاذا آمنا رائجا في ظل تنامي المخاوف بشأن الولايات المتحدة وأوروبا.

وقال وزير الخارجية الصيني يانغ جيه تشي، إن مخاطر الدين الأميركي تتعاظم وإنه ينبغي على الدول أن تعزز التعاون بشأن المخاطر الاقتصادية العالمية.

ودعا يانغ الولايات المتحدة أثناء زيارة إلى بولندا إلى تبني سياسات نقدية حصيفة وحماية الاستثمارات الدولارية للدول الأخرى. وسيعقد مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) اجتماعه التالي لتحديد السياسة النقدية يوم الثلاثاء. ويقول خبراء اقتصاديون، إنه لم يعد بوسعه فعل المزيد لتحفيز النمو. وأذكت طائفة من البيانات الاقتصادية الضعيفة وأزمة الديون الأوروبية المخاوف من تجدد الركود مما سبب موجة بيع في «وول ستريت»، أمس (الخميس) هي الأسوأ منذ الأزمة المالية العالمية.

وخسر مؤشر «إم إس سي آي» للبورصات العالمية نحو 2.1 تريليون دولار من قيمته السوقية هذا الأسبوع حتى إغلاقه أمس (الخميس) بحسب بيانات «تومسون رويترز داتا ستريم» ومن المتوقع تفاقم الخسائر أمس (الجمعة) مع هبوط الأسهم الآسيوية والأوروبية.

وقالت «آي إتش إس غلوبال إنسايت» إن هناك الآن احتمالا بنسبة 40 في المائة لتجدد الركود في الولايات المتحدة. وامتد هبوط الأسواق إلى آسيا أمس (الجمعة)، حيث خسرت الأسواق نحو خمسة في المائة. وقالت مصادر لـ«رويترز» إن بنك تشاينا إيفر برايت الصيني أرجأ اكتتابا مزمعا في أسهمه في هونغ كونغ تصل قيمته إلى ستة مليارات دولار. وتحاول اليابان وسويسرا تقليل جاذبية أسواقهما كملاذات آمنة. وبعد أن تضاعف سعر الذهب إلى أكثر من المثلين منذ الأزمة المالية العالمية بدأ كثير من المستثمرين يعيدون النظر بشأن شراء المعدن النفيس كأداة للتحوط. ومع نفاد الخيارات الاستثمارية يتجه المستثمرون إلى السيولة.

وقال بنك أوف نيويورك ميلون إن الودائع تنهال عليه مما دفعه لفرض رسوم على بعض العملاء الكبار. وقلص المستثمرون مراكزهم بعدما امتنع البنك المركزي الأوروبي عن إدراج إيطاليا وإسبانيا في جولة جديدة من شراء السندات رغم أن عائدات سنداتهما فاقت ستة في المائة وهو أعلى مستوى منذ إطلاق اليورو قبل أكثر من عشر سنوات.

وقال جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، إنه ليس هناك تأييد كامل في البنك المركزي لهذه الخطوة، مما يشير إلى انقسامات عميقة داخل أوروبا بشأن كيفية التعامل مع أزمة الديون التي أجبرت اليونان وآيرلندا والبرتغال على طلب مساعدات للإنقاذ.

ويخشى المستثمرون من أن تضطر إيطاليا وإسبانيا، وهما ثالث ورابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو إلى السير حذو تلك الدول. وقال ساركوزي إن فرنسا وألمانيا وإسبانيا أجرت محادثات مع تريشيه. ورفض مسؤولون في مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي ووزارة الخزانة الأميركية والبيت الأبيض التعليق بشأن إن كانوا يجرون أي محادثات مع مسؤولين أوروبيين أو آسيويين.

وعبر وزير الاقتصاد الإيطالي جوليو تريمونتي عن خيبة أمله بسبب قرار البنك المركزي الأوروبي. وحين تحدث تريمونتي مع مستثمرين آسيويين قالوا له «إذا لم يشتر بنككم المركزي سنداتكم فلم نشترها نحن». ويقول محللون إنه لا بد من مضاعفة حجم آلية الاستقرار المالي الأوروبية التي تبلغ 440 مليار يورو حاليا إلى المثلين أو ثلاثة أمثال لتغطية اقتصادات كبيرة مثل إيطاليا وإسبانيا. وفي الولايات المتحدة يسود شعور بأن هناك شللا سياسيا. فبعد أيام قليلة من التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة لرفع سقف الدين العام وتجنب التخلف عن السداد، أصبح هناك إدراك لأن بنودا كثيرة من خطة خفض العجز التي تبلغ قيمتها 2.1 تريليون دولار هي بنود قصيرة الأجل وليست راسخة. وانتشرت في الأسواق شكوك في التزام الكونغرس بتنفيذ الخطة بالكامل بعد الانتخابات التي ستجرى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. وإذا أضيفت إلى ذلك مجموعة من البيانات الاقتصادية الضعيفة، فإن هناك احتمالا كبيرا لتجدد الركود. وقال لورنس سمرز الذي كان مستشارا اقتصاديا كبيرا للرئيس الأميركي حتى العام الماضي في مقال نشرته «رويترز»، إن احتمال تجدد الركود في الولايات المتحدة هو نحو الثلث. ويقول الكثير من الاقتصاديين إن إقرار الكونغرس لجولة إضافية من التحفيز المالي هو احتمال ضعيف لأنه يركز حاليا على تخفيضات الإنفاق. وأصبحت الخيارات التي يملكها مجلس الاحتياطي الاتحادي محدودة للغاية أيضا، إذ إن صناع السياسة مترددون على ما يبدو في تبني جولة جديدة من شراء السندات، لا سيما لأن البرنامج الأخير كان مثيرا للجدل. لكن رئيس المجلس بن بيرنانكي أشار إلى خيارات أخرى مثل التأكيد على أن أسعار الفائدة ستظل منخفضة لفترة أطول. لكن على الرغم من ذلك لا يتوقع كثيرون أن يكون لهذه الجهود أثر كبير، إذ إن المشكلة الاقتصادية الرئيسية في الوقت الراهن هي قلة الوظائف وليس الائتمان على ما يبدو.