حظر بيع أو شراء الاستثمارات الليبية في مصر

مسؤول مصرفي لـ «الشرق الأوسط»: صدرت تعليمات غير رسمية

TT

قالت مصادر اقتصادية قريبة من إدارة الاستثمارات الليبية في مصر، إن تعليمات غير رسمية صدرت منذ اندلاع الأحداث السياسية في ليبيا فبراير (شباط) الماضي بعدم التعامل مع تلك الاستثمارات بيعا أو شراء، وترك تلك الحالة «القريبة من التجميد» حتى تستقر الأوضاع داخل الدولتين.

وقال مصدر من داخل أحد البنوك العاملة في مصر التي تساهم فيها الحكومة الليبية بحصة كبرى لـ«الشرق الأوسط» إن تعليمات غير رسمية صدرت بعدم التعامل مع حسابات واستثمارات الحكومة الليبية بيعا أو شراء وترك ذلك الملف لمرحلة لاحقة.

يأتي ذلك في أعقاب تصريحات لممثل المجلس الانتقالي الليبي في القاهرة، الذي أكد أن معمر القذافي أرسل عددا من كبار المسؤولين التابعين ليقوموا ببيع كل الاستثمارات التي تمتلكها ليبيا في مصر لتمويل عملياته العسكرية.

وتقدر الاستثمارات الليبية في مصر بنحو 3 مليارات دولار تتضمن استثمارات حكومية تتركز معظمها في قطاعات البترول والزراعة والاستثمار العقاري. بالإضافة إلى حصة كبرى في السوق المصرفية المصرية ممثلة في استثمارات مباشرة في البنوك بنحو 1.8 مليار جنيه، تتوزع بين بنكي المصرف العربي الدولي الذي تمتلك فيه الحكومة الليبية 11628 سهما بقيمة 232.5 مليون دولار (1.3 مليار جنيه مصري) بنسبة مساهمة 38.760 في المائة، وبنك «قناة السويس» ويمتلك فيه المصرف الليبي الخارجي 23.94 في المائة بقيمة 478.8 مليون جنيه، بخلاف الاستثمارات الليبية المباشرة في البنوك المصرية التي تساهم بنحو 1.144 مليار جنيه بطريقة غير مباشرة في بنكي الشركة المصرفية العربية الدولية وقناة السويس الذي يمتلك المصرف العربي الدولي حصصا منهما.

وتبلغ نسبة مساهمة المصرف العربي الدولي في بنك الشركة المصرفية 46.5 في المائة بقيمة 69.7 مليون دولار (390 مليون جنيه). ويبلغ رأسمال بنك الشركة 150 مليون دولار ونسبة مساهمة المصرف العربي الدولي في بنك قناة السويس 37.69 في المائة بقيمة 753.8 مليون جنيه. في ذات السياق قال المصدر الذي يشغل مدير إدارة الاستثمار في أحد البنوك التي تساهم فيها ليبيا بحصة كبري، إن هناك قائمة تضم 5 شخصيات تدير الاستثمارات الليبية في مصر، على رأسها أحمد قذاف الدم ابن عم معمر القذافي، والذي طلب اللجوء إلى مصر بعد أحداث ليبيا، مشيرا إلى أن القرار الليبي في شأن تلك الاستثمارات أصبح منفردا ودون تنسيق.

كان السفير عبد المنعم الهوني، ممثل المجلس الانتقالي الليبي في القاهرة، قال في تصريحات صحافية قبل ما يزيد على أسبوع إن العقيد معمر القذافي، أرسل عددا من كبار المسؤولين التابعين له في مقدمتهم، وزير الاقتصاد، محمد الحويج، وثلاثة وزراء آخرين، ليقوموا ببيع كل الاستثمارات التي تمتلكها ليبيا في مصر لتمويل عملياته العسكرية.

وأضاف الهوني الذي كان يشغل منصب مندوب ليبيا الدائم في جامعة الدول العربية، قبل أن ينشق عن نظام القذافي مع بداية الثورة الليبية: «إن مندوبي القذافي يشترطون أن يتسلموا هذه الأموال نقدا، وليس من خلال شيكات أو التحويل على بنوك، وأن تتم عمليات البيع بشكل عاجل». لكن عبد الحكم المصراتي، العضو المنتدب لشركة ليبيا للاستثمار، رد على المعلومات التي أدلى بها السفير عبد المنعم الهوني، حول بيع الاستثمارات الليبية في مصر، وقال إن بيع استثمارات بهذا الحجم في هذا الوقت يحتاج إلى إجراءات قانونية معقدة ووقت طويل، وإن البيع نقدا لا يمكن تنفيذه من الناحية العملية.

المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» مشترطا عدم ذكر اسمه، قال إن السلطات المصرية لن تسمح بالتصرف في أي أصول ليبية إلا وفقا للقواعد المتبعة في مثل هذه الحالات، مؤكدا أن البنوك المصرية ملتزمة بتطبيق قراري مجلس الأمن رقمي 1970 و1973، اللذين نصا على تجميد أي أموال يتم تحويلها إلى أي مؤسسة ليبية يشملها القراران. وأشار مصدر داخل احد الاستثمارات الليبية في مصر، إلى أن البنوك المصرية لم تصدر إخطارا رسميا بتجميد أموال القذافي، رغم أنها أصدرت قرارا بالحظر والتجميد للرئيس التونسي زين العابدين بن علي، في مارس (آذار) الماضي، وقال: «التعامل المصري مع القضية الليبية صعب، لأسباب ترجع إلى تشابك العلاقات بشكل كبير بين البلدين، وربما لمخاوف تتعلق بالأمن المصري والليبي معا».

وأضاف المصدر أن التعامل يتم بحذر مع الشركات الليبية المستثمرة في مصر التي تعد من أبرزها شركة «بترول ليبيا»، وشركة «الفاتح» التي تخطط لمشروعات عقارية بمنطقة التجمع الخامس، فضلا عن مساهمات مصرفية كبرى. وتخشى البنوك المصرية من أي تعاملات قد تكون مخالفة لقرار مجلس الأمن بشأن التعامل مع إدارة القذافي، وما يترتب على ذلك من عقوبات تتماثل مع ما فرض على ثلاثة مصارف اعتبرتها الولايات المتحدة الأميركية فروعا لمصرف تملكه الحكومة الليبية، وتقع في لبنان وتونس وتركيا بعد أن اتهمتها بالقيام بتحويلات لصالح نظام العقيد معمر القذافي. وهو ما يصعب أي تعاملات قد تتم على حسابات أو تعاملات اقتصادية مع ليبيا.