كيف سيؤثر خفض تصنيف أميركا على السعودية والخليج؟

TT

عاد ارتباط الريال بالدولار الى الواجهة، بعد أن أعلنت، أمس، أنها خفضت التقييم الائتماني لأميركا درجة واحدة من AAA إلى AA+، الذي يعتبر الإجراء الأول من نوعه في تاريخ التصنيفات الائتمانية؛ حيث لم يسبق أن انخفض تقييم أميركا لأقل من AAA.

ودعا الدكتور رجاء المرزوقي، كبير الاقتصاديين في مجموعة الخبير المالية، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى التنويع في الاستثمارات السعودية بعيدا عن الدولار، وإعادة التفكير في ربط الريال بالدولار، مشيرا إلى أنه من الأهمية بمكان الاتجاه إلى ربط الريال بسلة عملات، للابتعاد عن التأثير السلبي الذي يعكسه حال الاقتصاد الأميركي.

وقال الدكتور رجاء المرزوقي إن تخفيض الوكالة للتصنيف الائتماني الأميركي يعتبر بسيطا في سلم التصنيف، إلا أنه يعني أن الاقتصاد الأميركي سيواجه مشكلة مستقبلية في النمو.

وأوضح المرزوقي أن أزمة ديون القطاع الخاص في أميركا عام 2008 تحولت بعد ذلك إلى القطاع الحكومي، وفي ظل عدم وجود دعم اقتصادي ونمو اقتصادي داخلي يساعد على حل المشكلة وعدم وجود حل مستقبلي واضح على الأجل الطويل، لا سيما أنها مثلت مع الوقت نسبة كبيرة من الدخل القومي، أدت بطبيعة الحال إلى تبعات سلبية أدت بدورها إلى التخفيض الائتماني، مبينا أن هذه الإشكالية في الدين القومي ستؤثر على نمو الاقتصاد الأميركي وتأثيرها على الاقتصاد الأميركي سيؤثر على الاقتصاد العالمي، مما ينبئ باحتمالية الدخول في كساد.

وقال المرزوقي: إن كثيرا من الاستثمارات الحكومية السعودية التي تقدر بنحو 70% من إجمالي الاستثمارات يتم استثمارها في الخزينة الأميركية، الأمر الذي يدعو إلى سرعة التغيير والتوجه إلى أسواق واعدة بالنمو مثل الدول الآسيوية وأميركا الجنوبية، محذرا من انخفاض سعر الدولار بسبب بوادر كساد الاقتصاد الأميركي؛ حيث إن أي انخفاض لسعر الدولار من شأنه انخفاض الاستثمارات في المستقبل.

كما دعا الخبير الاقتصادي السعودي إلى إعادة التفكير في ربط الريال بالدولار، وإيجاد حلول بديلة عن ذلك كربط الريال بسلة عملات لتخفيف تأثير انخفاض الدولار على القوة الشرائية للسعوديين، وعلى الثروات ولتفادي هروب الأموال من الريال المرتبط بالدولار إلى عملات أكثر استقرارا، بسبب تقديرات تفيد بأن الدين الأميركي سيؤثر سلبا على سعر الدولار.

وأضاف: «وجود هذا التخوف لدى المستثمرين سيؤدي إلى هروبهم من أي عملة مرتبطة بالدولار، والريال مرتبط بالدولار، كما أن أوروبا تعاني مشكلة، وبالتالي لتخفيف الأثر على المستوى العالمي وربط العملة بسلة عملات للتنويع ولطمأنة المستثمرين لأن الاقتصاد السعودي قوي بحد ذاته، ولا توجد لديه أي إشكاليات في العملة سوى أنها مرتبطة بعملة تفيد المؤشرات الاقتصادية بانخفاضها، ووجود سلة عملات سيطمئن المستثمرين على عدم انخفاض ثرواتهم الشرائية، وبقاؤها في الريال لارتباط الريال بسلة عملات».

من جهته، توقع اقتصادي سعودي، فضل عدم ذكر اسمه، أن تستمر وكالة التصنيف الائتماني في خفض التصنيف الأميركي للعام المقبل، معللا ذلك باستمرار ارتفاع الدين الأميركي، وعدم إيجاد الحلول الكافية لإيقافه. ودعا الخبير الاقتصادي إلى إعادة تقييم سعر ربط الريال بالدولار، ولو برفع الريال 15% مقابل الدولار.

وقال الخبير السعودي، الذي فضل عدم ذكر اسمه: إن تأثير أزمة الدين الأميركي على السعودية ودول الخليج واضح جدا؛ نظرا للارتباط بالدولار، كما أن صادرات الخليج كلها مقيمة بالدولار من معادن ونحاس وبترول وغاز وغيرها، مما يعني أن دخل دول الخليج يقيم بالدولار وأن استمرار ارتفاع الدين الأميركي سيضر بسعر صرف الدولار. وقال: «لولا وجود المشاكل المالية من ديون سيادية في أوروبا لكان سعر صرف اليورو يصل إلى دولارين، إلا أن هذه المشاكل المالية أحدثت توازنا، لكن كثيرا من التوقعات في أسواق المال ترى أن أوروبا ستخرج من هذا النفق الضيق خلال الـ6 إلى 9 أشهر المقبلة وهذا يشير إلى أنه من 6 إلى 9 شهور سنخفض الدولار بشكل كبير، وهذا سيضر بدخل الخليج، مما يعني أن قيمة الواردات من غير منطقة الدولار سوف ترتفع وهذا يشير إلى تضخم مستورد».

وأضاف: «وحينما يتم تقييم سعر صرف الدولار بأقل من الوقت الحالي بـ10 إلى 15%، فإن قيمة دخل دول الخليج ستنخفض إلى 15% وبالوقت نفسه البترول الذي هو الآخر يواجه انخفاضا في أسعاره، الأمر الذي من شأنه الضغط على دخل الخليج بشكل مضاعف، إضافة إلى أن فاتورة الواردات سترتفع بسبب انخفاض سعر صرف الدولار، مما يزيد الضغط على الموازنة العامة في الخليج».