عصام فخرو: مليارا دولار خسائر أحداث فبراير

رئيس غرفة البحرين لـ«الشرق الأوسط»: الخليج القلب النابض لاقتصادات العالم بحكمة قادتها

TT

كشف الدكتور عصام فخرو رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين لـ«الشرق الأوسط»، عن التوجه لخصخصة بعض القطاعات الحكومية والتي بدأت بقطاعي التعليم والصحة لتمكين الجميع من الاستفادة دون استثناء، مشيرا إلى أن البحرين قد حسنت من أنظمتها، في سبيل استقطاب المستثمرين الأجانب، في ظل الفرص الاستثمارية المفتوحة وفي مقدمتها الصناعات التحويلية. وقدر فخرو الخسائر التي لحقت بالاقتصاد البحريني على خلفية أحداث فبراير (شباط) بما بين 1.5 إلى 2 مليار دولار، معتبرا أن القرارات التي اتخذتها القيادة البحرينية ساهمت في إعادة الثقة والاطمئنان في نفوس المستثمرين، والمقيمين.

مضيفا أن هناك من حاول ضرب الاقتصاد البحريني من خلال تصعيد المواقف والدعوة لإسقاط النظام، وتضليل الرأي العام.

وقال فخرو إن دول الخليج غنية بثرواتها وخيراتها، مشيرا إلى أن الإنفاق الحكومي لدول الخليج مجتمعة خلال العشر السنوات المقبلة يصل إلى نحو 2.5 تريليون دولار، وذلك لمشاريع البنية التحتية منها ما هو تحت التنفيذ أو بصدد التنفيذ، وتطرق الدكتور عصام فخرو للوضع الاقتصادي في البحرين في حوار لـ«الشرق الأوسط»، وكشف عن خطط تطويرية لغرفة تجارة وصناعة البحرين تستهدف استقطاب نحو 70 ألف عضو.

* كيف هي الأوضاع في البحرين الآن؟

- الأوضاع تبشر بالخير وعودة الأمور إلى ما كانت، كانت طريقة تعاملنا مع الأحداث منذ البداية سليمة، ودخلت قوات درع الجزيرة في الوقت المناسب كون استقرار منطقة الخليج كمنظومة واحدة، وكذلك الوقفة المشرفة من السعودية على وجه الخصوص بحكم العلاقة القوية بين العائلتين الحاكمتين، إضافة إلى الدعم المالي الذي حصلت عليه البحرين وهو ما يعزز أطر التعاون بين دول الخليج، في حين كان إعلان حالة السلامة الوطنية، مصدر اطمئنان للمواطنين والمقيمين، وهو ما دفع بالأمور إلى العودة إلى الاستقرار تدريجيا.

* المحور الاقتصادي من أهم المحاور الأربعة التي طرحت في الحوار، فما هي الجوانب أو الإصلاحات الاقتصادية التي كانت ضمن مطالبكم كقطاع خاص؟

- غرفة تجارة البحرين قدمت مرئيات وطرحت للمناقشة في حوار التوافق الوطني والتي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل القومي، ومنها التطوير العقاري والتطوير السياحي، إضافة إلى سياسة الدعم والأمن الغذائي والإسكان، والتي تعد من أبرز القضايا التي يجب الإسهام في حلها.

* وما هي مصادر تنويع الدخل القومي؟

- هناك كثير من المصادر من شأنها أن تنوع من مصادر الدخل القومي بدلا من الاعتماد فقط على النفط في دول الخليج، وكثير من الدول تتبنى بيع أراض إلى قطاع المستثمرين لإعطاء دخل إضافي، وتفعيل نمو الدخل القومي، إضافة إلى تقنين الدعم الحكومي، وتفعيل الأنظمة الضريبية كما هو معمول به في كثير من الدول المتقدمة، ولا بد من استغلال واستثمار كل الموارد، ونوسع استثماراتنا في كل القطاعات، مثلما نستثمر الآن في التعليم مثل جامعة الملك عبد الله في السعودية، وتنوع المصادر من الآن وهو جزء من العملية.

* هل تعتقد أن الاقتصاد البحريني بحاجة إلى تشريعات جديدة؟

- هناك مطالبة بتطوير القانون العقاري الذي عفى عليه الزمن في البحرين وكان ينطبق على المنامة فقط، ويقيني أن التوافق تام على موضوع العقار والذي رفع للملك، فلا أعتقد أن هناك مشكلة في إقرار القانون العقاري في إطار استمرارية عملية الإصلاح والتطوير.

* ما هي النتائج التي تأملون الخروج بها اقتصاديا من الحوار الوطني؟

- نحن عندما نتكلم عن الشفافية والمسؤولية الإدارية ووجود برنامج متكامل للتخصيص، مع تحديد زمني وتحديد المستفيد من عملية التخصيص، على أن يشمل قاعدة عريضة من المستفيدين، لتعود الفائدة على الجميع وليس شريحة معينة، على أن يطرح جزء من الشركات للاكتتاب العام، إضافة إلى إعادة تنظيم إصدار السجل العام، حيث إن هناك كثيرا من الشكاوى أنه يحتاج إلى مراقبة للحد من وجود سجلات وهمية، كما سبق أن طرحنا مشروعا على رئيس مجلس الوزراء وولي العهد فيما يتعلق بتطوير الهيئات الإدارية (للحد من البيروقراطية)، والتهيئة للدخول في منظومة التجارة العالمية لدعم نمو الاقتصاد المحلي، ويقيني أن التكتل الاقتصادي لمنظومة دول الخليج مهم في عصر التكتلات.

* وما هي القطاعات التي تدعون لخصخصتها في البحرين؟

- هناك بعض القطاعات بدأت في التخصيص ومنها القطاع الصحي وقطاع التعليم وأصبح لدينا مستشفيات خاصة ومدارس وجامعات، في حين أن القطاع السياحي ما زال في طور التطور، وهو من القطاعات المهمة التي تحتاج إلى بنية تحتية لأنها أقل مما يجب أن تكون عليه، إضافة إلى القطاع الصناعي والحاجة إلى الصناعات التحويلية، وهي لا تتطلب طاقة كبيرة، ولها متطلبات ليست بالكبيرة، وتمثل قيمة مضافة للدخل القومي، كذلك القطاع اللوجيستي مهم في البحرين، خاصة أننا نعول على السعودية كبوابة رئيسية للبحرين، خاصة بعد اكتمال البنية التحتية لميناء خليفة بجانب جسر الملك فهد الرابط بين البحرين والسعودية، وحتى التاجر والمستثمر السعودي، يستثمر الخدمات اللوجستية، وهناك مرفأ البحرين المالي، كما نتطلع لإقامة مشاريع استثمارية في مواقع الميناء والأراضي للاستفادة من موقعها بالقرب من الميناء والجسر والمطار لتعطي تسهيلات للمستثمرين من الخارج.

* هل تعتقد أن ميناء البحرين مهيأ ليكون ميناء محوريا على غرار ميناء دبي؟

- بحكم خبرتي الاقتصادية فإن منطقة الخليج أنعم الله عليها بثروات عظيمة، وموقع استراتيجي مميز وستبقى محط أنظار العالم وعلى الأخص الدول الصناعية الكبرى التي لها مصالح كبرى في المنطقة، والتي يشكل استقرار منطقة الخليج، استقرارا لاقتصاداتهم، لأنهم يعتمدون على النفط والمنطقة غنية بالموارد والفرص الاستثمارية، كما أن مشاريع البنية التحتية للعشر السنوات المقبلة لدول مجلس التعاون مجتمعة سواء ما هو تحت التنفيذ أو سينفذ يتجاوز 2.5 تريليون دولار، وإذا تحدثنا عن ميناء خليفة أو مطار الملك فهد الدولي بالدمام - شرق السعودية، أو مدينة الكويت الصناعية، فإن المجال كبير للنمو حتى في ظل وجود أكثر من منافس في المنطقة، ومتروك لكل واحد إلمامه بخصائص بلاده واستثمارها كما يجب، وهناك خصائص لكل بلد يمكن الاستفادة منها واستثمارها جيدا لتعود الفائدة على كل هذه الدول، وإذا كانت السياحة في دبي مزدهرة، فإن السعودية تفكر لتنشيط السياحة لأنها سوق كبيرة، والآن العالم يفكر ويستعد إلى ما بعد مائة عام، لاستيعاب أكثر من مائة مليون سائح صيني سيمرون سنويا في سوق السياحة، وفي المستقبل سيكون البقاء للأصلح، والسوق مفتوحة للجميع.

* وكيف ترى المنظومة الاقتصادية الخليجية؟

- كما تعلم أن المنظومة الاقتصادية هي أهم ركائز مجلس التعاون، وبغض النظر عما يقال، فإن التجربة جيدة ومعدلات النمو تبشر بالخير، وكذلك التجارة البينية بين دول مجلس التعاون، ودائما فإن أي تجربة أخرى، لا بد من أن تعترضها عراقيل وتأخير، مثل موضوع العملة الخليجية الموحدة، وهي بصدد التطبيق ولو حتى بعد خمس سنوات، وهذه ليست فترة طويلة، مقارنة بتجارب الدول الصناعية العظمى، والتي بدأت منذ مئات السنين إلى ما وصلت إليه اليوم، وفي نفس الوقت لا بد أن نثمن السياسة الحكيمة لقادة دول الخليج، حيث إنه رغم المشكلات التي مرت بها المنطقة منذ حرب إيران وغزو الكويت وحرب العراق، فإن دول الخليج تجاوزت هذه الأزمات دون خسائر تذكر بل كسبت تجارب تعزز وحدتها وقوتها الاقتصادية.

* ما تأثير أزمة البحرين على المستثمرين الأجانب؟

- في الشهر الأول من الأحداث كان هناك تخوف من الكثير من المستثمرين، وقبل فترة وجيزة كنت ضمن وفد شبه رسمي غالبيته من قطاع الأعمال ومنهم الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة رئيس مجلس التنمية الاقتصادية إلى الولايات المتحدة الأميركية، بهدف تعظيم حجم التبادل التجاري والاستثمار مع أميركا لأن بيننا وبينهم اتفاقية التجارة العالمية الحرة، وطلب تفهمهم في موضوع الشق السياسي من الأحداث المؤسفة التي مرت بها البحرين والأمر الثالث نبرز لهم دور البحرين وطريقة تعاملها مع الحدث وتفنيد الحقائق في ظل التضليل الإعلامي الذي صاحب الأحداث.

في حين أن لجنة التحقيق المستقلة الدولية لتقصي الحقائق التي أعلن عنها الملك حمد بن عيسى آل خليفة كانت قطعا بمثابة وضع النقاط على الحروف، وأعطت قوة دفع ومصداقية لما نقلناه للدول الصديقة التي قمنا بزيارتها في جولاتنا الأخيرة، ووجدنا أن الصورة ما زالت جيدة لدى الأميركان سواء عن البحرين أو كل دول مجلس التعاون الخليجي، ولن تتوقف مثل هذه الزيارات، حيث سنقوم بزيارات ترويجية بعد شهر رمضان ستشمل بريطانيا وفرنسا وألمانيا والهند وتركيا لإلقاء مزيد من الضوء حول تهدئة الأوضاع وطريقة تعامل القيادة في هذا الجانب ومساعدة المستثمرين.

بالإضافة إلى التأكيد على أن شعوب دول الخليج تسعى للاستقرار السياسي والاقتصادي في ظل القادة الذين أثبتوا حنكتهم وقدرتهم على قيادة شعوبهم إلى بر الأمان.

* وما هي الفرص التي يمكن أن تروجوا لها في زياراتكم المنتظرة التي ذكرتها؟

- هناك قطاعات متعددة في البحرين مثل الصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية وتخصيص التعليم والقطاع الصحي، وهناك اجتهادات كثيرة في قطاع السياحة على أن تكتمل البنية التحتية كصناعة تكميلية وصناعة الترويج للمعارض والمؤتمرات، ولدينا في البحرين ميزة القرب من الساحل الشرقي للسعودية، وممكن أن نقدم خدمات إضافية للسعودية والشركات العاملة فيها وقطاع الخدمات، والشركات التي تريد التعامل مع دول الخليج ستجد الحوافز في البحرين والتي هي ضمن متطلبات هذه الشركات فتفتح وكالات في الخدمات النفطية والصيانة وما إلى ذلك ونحن لا نملك موارد كبيرة، وعلينا أن نستثمر فرصة القرب من السعودية، وذلك بتطوير الأنظمة وجعلها أكثر انفتاحا وأكثر قابلية لاستيعاب المستثمر الأجنبي وهذا ما نعول عليه في البحرين لبناء اقتصادنا وتنويع مصادر الدخل القومي.

* هل تقدر الخسائر التي لحقت بالاقتصاد البحريني بسبب هذه الأحداث؟

- يقيني أن الخسائر تتراوح بين مليار ونصف إلى ملياري دولار، ولا أظن أن هذا مبالغ فيه، ولكن الأمور بدأت الآن تعود إلى وضعها الطبيعي.

* هل هناك بوادر استقطاب مستثمرين أجانب؟

- في شهر أكتوبر المقبل سوف نستضيف الغرف الخليجية، واستقطاب الخليجيين مهم بالنسبة لنا، إضافة إلى الجولة الترويجية التي سنقوم بها لبعض الدول المهمة والتي تربطنا بها علاقات قوية.

* وما هو تأثير تجميد نشاط مثل هذه المجالس اقتصاديا؟

- حجم التبادل التجاري مع إيران غير كبير، وحتى المواد الغذائية تأتي عن طريق جسر الملك فهد من السعودية، ولكن لا بد أن نأخذ موقفا، وسنرفع التوقيف متى ما عادت الأمور إلى نصابها وتوقفت التهديدات الإيرانية أو حتى من البعض في العراق، ومنهم الجلبي الذي روج أنه سيرسل مساعدات لدولة في منظومة دول الخليج، والهدف ليس المساعدة بل أهداف أخرى، ونحن في الخليج في خير ومعدلات الدخل القومي جيدة ولا نحتاج مساعدات من أحد بل علينا أن نعمل على تعزيز ترابطنا ووحدتنا الخليجية لمستقبل أبنائنا، وما فيه خير أمتنا العربية والإسلامية.

* هل تقدر حجم الاستثمارات في البحرين؟

- بالنسبة للبحرين الباب مفتوح ما فيه حدود لها، ونعمل على تسهيل كافة الإجراءات للمستثمرين الأجانب، ودعمهم بالمعلومات أو مساعدتهم في التسويق من خلال شراكة إذا رغب المستثمر في ذلك، أو توجيهه التوجيه الصحيح. ولكن بعد دراسة جدوى المشاريع المطروحة وأي مشروع داخل البحرين أو خارجه لا بد من دراسات جدوى. ووزارة الصناعة والتجارة لديها دراسات في مجالات الصناعات التحويلية وبعض الفرص الاستثمارية المتاحة حاليا.

* الآن كيف تستشرف المستقبل بعد الحوار الوطني؟

- حتى الآن إجراءات كثيرة خطتها الحكومة، تهدف إلى التهدئة وتشكيل اللجنة الملكية لتقصي الحقائق كان ضربة في الصميم، وكذلك قرار مجلس الوزراء بإعادة المسرحين من أعمالهم إذا ثبت أنهم استفادوا من التجربة، ونقل القضايا من المحاكم العسكرية إلى المدنية، كما أن حرية التعبير مكفولة ولكن لا يعني أنك تتجاوز حقوق غيرك، أو تعرقل الحياة وتحدث أزمة من جديد، ناهيك عن أن البحرين معدلات البطالة فيها منخفضة ولا تتجاوز 4.5 في المائة، وهناك نظام التأمين على البطالة وهو نظام لا تجده إلا في البحرين، وهذا يعطي تصورا جيدا عن البحرين، إضافة إلى تمكين المرأة من العمل كقوة فاعلة، وإصلاح نظام المجلسين وهناك تطوير مستمر ولكن بالتدرج، ومن غير المنطق أن تصبح لدينا ديمقراطية 100 في المائة، في الوقت الذي انقلبت فيه المطالب المعيشية إلى مطالب إسقاط النظام وتشكيك في وطنية الناس، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى كثافة سكانية، وتكتلات تصب في صالح كل مواطن، وأميركا على سبيل المثال تعتمد نظام التجنيس بمعدل مليون شخص سنويا، غير الطلبات الأخرى، وهذا التنوع خلق «أميركان دريم» ويتيح فرصا للوصول وهذا أوباما أصبح رئيسا لأكبر دولة في العالم وهو من أصول أفريقية ولم يجد من ينعته بأنه متجنس، لأن الأمور تقاس بالكفاءة وليس بالأصول وعلينا أن نعيد حساباتنا في كثير من الأمور من أجل بناء وطن قوي ومستقبل أفضل لأجيالنا.

* ما هي الخطط المستقبلية للغرفة؟

- لدينا خطط تطويرية في المستقبل القريب، الآن عندنا نحو 12 ألف عضو مسجل ونتطلع إلى استقطاب نحو 70 ألف عضو، حيث طرحنا مسودة وأقرتها الجمعية العمومية تتضمن أن تكون العضوية إلزامية ورسوم التسجيل مخفضة وهي 20 دينارا بحرينيا، بهدف لم شمل تجار البحرين كلهم، وهو ما يعزز دور الغرفة وسيكون لها كلمة مسموعة والغرفة كقطاع اقتصادي في توجهاتها دائما تجد الدعم من الحكومة وهناك شراكة بين القطاع الخاص والعام في اتخاذ القرار في كثير من المسائل الاقتصادية، وضمن تطوير أنظمة الغرفة سوف تقتصر دورة الرئيس على فترتين فقط. وتخصيص مقعدين إلزاميين للمرأة، ومثلهما للقطاعات.