أزمة التصنيف الائتماني في واشنطن تقلق قطاعا من مؤسسات المال المصرية

البورصة تصل إلى أدنى مستوى لها في 28 شهرا.. وردود رسمية هادئة

TT

يتحدث بعض الخبراء عن أن أزمة التصنيف الإئتماني في واشنطن أصبحت تقلق قطاعا من مؤسسات المال المصرية. وأثيرت تساؤلات في أروقة المال هنا عن مقدار تعرض البنوك المصرية التي تتعامل على سندات الخزانة الأميركية، وهو ما أشاع حالة من القلق، وخاصة بعد أن خفضت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأميركية من (AAA) إلى (AA+)، أي بواقع درجة واحدة، وبذلك تكون الولايات المتحدة الأميركية قد فقدت تصنيفها الائتماني الأفضل في العالم منذ عام 1917، ولأول مرة في التاريخ.

وقال مسؤول مصرفي لـ«الشرق الأوسط» إن البنك المركزي خاطب البنوك المصرية لمعرفة حجم تعرض كل بنك للسندات الأميركية لكي تتضح عنده الصورة بمدى تأثر الجهاز المصرفي بتلك الأزمة، مبديا تخوفه من أن تتعرض بعض البنوك لأزمة سيولة في حال تعرضها بشكل كبير لتلك السندات.

وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن أغلب البنوك المصرية، إن لم يكن جميعها، تشتري السندات الأميركية باعتبارها أكثر وعاء استثماري آمن في العالم، ولكن لا يفصح أي بنك عن حجم تعرضه لتلك السندات.

وتابع «الحكومة المصرية نفسها تستثمر في سندات الخزانة الأميركية، فطبقا لآخر الإحصائيات الأميركية فإن مصر تستثمر 13 مليار دولار في سندات الخزانة هناك وتلك الاستثمارات تعتبر جزءا من احتياطي مصر من العملة الأجنبية، وهذا بالطبع له تأثيرات سلبية على الاقتصاد المحلي، فسيواجه البلد صعوبة في حالة رغبته في تحويل تلك الاستثمارات إلى سيولة، فقد يضطر إلى بيع تلك السندات بأقل من قيمتها الفعلية».

وتعرض الحكومة والبنوك المصرية أقل بكثير من تعرض دول عربية أخرى، فهناك الكثير من المؤسسات والأفراد في المنطقة العربية يستثمرون بشكل كبير جدا في سندات الخزانة الأميركية، وهذا التعرض سيؤثر على اقتصاد تلك البلدان، بحسب المصدر الذي أكد أن كل ما يحدث الآن كان متوقعا منذ أربع سنوات، وبدا قريبا عندما حلت أزمة ديون دول الاتحاد الأوروبي، ولكن لم ينتبه أي من الدول الكبرى إلى ذلك حتى الصين، لم تتيقن بوجود أزمة إلا مع بداية العام الحالي التي بدأت معه تقليص استثماراتها تدريجيا.

وفي أول رد فعل رسمي على تلك الأزمة قال حازم الببلاوي، وزير المالية ونائب رئيس الوزراء المصري، إن الأزمة التي يشهدها الاقتصاد العالمي بعد تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأميركية لن تؤثر كثيرا علي الاقتصاد المصري لأن درجة ارتباطنا بالاقتصاد العالمي ليست كبيرة، كما أن احتياطي مصر من العملات الصعبة ليس من الدولار فقط، وإنما مكون من سلة عملات أجنبية، بجانب أن هناك ديونا علي مصر بالدولار وبالتالي قد تصبح الأزمة الأخيرة في صالح مصر.

وقال الببلاوي إن الحكومة تدرك المخاطر المترتبة على استمرار عجز الموازنة وزيادته عاما بعد آخر، وهو الأمر الذي هدد الولايات المتحدة الأميركية بالإفلاس على سبيل المثال، مشيرا إلى أن العجز الأولي في الموازنة العامة لمصر يبلغ بالموازنة الجديدة نحو 28 مليار جنيه، بينما تصل فوائد القروض العامة لنحو 106 مليارات جنيه نتيجة تراكم العجز في السنوات الماضية ليصل العجز الكلي بالموازنة إلى 134 مليار جنيه.

إلا أن التصريحات الناعمة لوزير المالية المصري لم تهدئ من تخوف المستثمرين من تأثر مصر بأزمة الديون الأميركية، ليتراجع مؤشر «EGX 30»، الذي يقيس أداء أنشط ثلاثين شركة، بمقدار 4.17 في المائة ليغلق عند 4798.89 نقطة، وهو أدنى مستوى للمؤشر منذ 28 شهرا تقريبا، وتراجع مؤشر «EGX 70» للأسهم الصغيرة والمتوسطة، بمقدار 4.15 في المائة.

وقال رئيس البورصة المصرية محمد عبد السلام، أمس، إن الانخفاضات التي سجلتها مؤشرات البورصة المصرية خلال تعاملات جلسة أمس، بسبب أداء أسواق المال العالمية، وخاصة الأميركية والأوروبية، والتي شهدت بدورها تراجعات قياسية في ختام تعاملاتها الأسبوعية ليوم الجمعة الماضي، ووصف تلك التراجعات بـ«غير المبررة»، لا سيما أن القيمة السوقية للشركات المتداولة حاليا في البورصة المصرية تقل كثيرا عن قيمتها العادلة استنادا للقوائم المالية المعلنة لهذه الشركات عن الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.