«رمضان» يخفض إيرادات المقاهي 50% في السعودية

متعاملون يرجعون الأسباب إلى عدم تناول الوجبات داخلها.. وخبير يؤكد: المحال تتخذ عددا من السياسات لترفع مبيعاتها

باتت المقاهي تعتمد بالدرجة الأساسية على تقديم خدمات إضافية مجانية لجذب زبائن جدد (تصوير: أحمد يسري)
TT

ما إن دخل شهر رمضان المبارك حتى انخفضت مبيعات محال بيع القهوة في السعودية، إذ قدر متعاملون في هذا القطاع الذي بات يشكل لأصحابه عوائد مجزية، انخفاض الإيرادات بما يقارب 50 في المائة عن باقي الشهور.

ويعتبر قطاع مقاهي «الكوفي شوب» في السعودية من القطاعات التي تشهد استثمارات واسعة من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة، في الوقت الذي سجل فيه نموا في المبيعات خاصة في فترة الصيف، إذ يقبل الزبائن على شراء القهوة الباردة والمثلجة في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، وهي ما تعادل قيمة إجمالي مبيعات نصف العام تقريبا.

وقال الدكتور فهد بن جمعة، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط» إن مبيعات محال الكوفي شوب قلت إلى أن وصلت إلى نسبة 70 في المائة، منوها بأنه في النصف الأول من شهر رمضان أغسطس (آب) الحالي وصلت إلى أدنى مستوياتها، إلا أنها ترتفع بدرجة قليلة خلال عطلة موظفي القطاع الحكومي في منتصفه.

وأشار بن جمعة إلى أن العميل بدل أن يشتري عدة منتجات، أصبح الزبون يكتفي بأحد المنتجات التي تعرضها محال الكوفي شوب، مما سبب تكدس المنتجات، والمستهلك بات يقتني منتجا واحدا.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن تلك المحال تعمل على نقطة التسوية، التي تعني أن إجمالي الإيرادات تساوي جميع التكاليف، فإذا ما وصلت التسوية، يضطر صاحب المحل إلى رفع قيمة منتجاته، ليغطي التكاليف، لافتا في السياق ذاته إلى ارتفاع إيجارات تلك المحال.

وبين أنه مع ارتفاع التكاليف وقلة المنتجات التي يبيعها، حتما سيرفع السعر، ويتزامن ذلك مع قلة العملاء للمحل، وبالعكس فعندما يكثر الزبائن تقل أسعار المنتجات.

وزاد بن جمعة «أنه في الوقت الراهن قلت بشكل ملحوظ أعداد الزبائن، وعليه فقد شهدت تلك المحال ارتفاعا في أسعار منتجاته، وهذا مشاهد في عدد من المحال المعرفة في أول أوقات المساء».

ووفقا لصاحب مقهى في العاصمة السعودية الرياض (فضل عدم الكشف عن اسمه)، فإن مقاهي الكوفي شوب أصبحت جاذبة للزبائن، في إشارة إلى أن وقت إغلاق المحال بات يصل إلى ساعات الفجر الأولى.

وأضاف مدير المقهى: «الزبائن يتوافدون مع دخول وقت المساء بكثرة، إلا أن طلباتهم لا تتعدى كونها مشروبات فقط، وأشار بوضوح إلى أن فترة الصباح مع الظهيرة تكون المحال مغلقة، ولا يتم جذب زبائن بها، على عكس باقي الشهور، إذ يحبذ عدد من الأفراد العاملين في القطاع الخاص أو الحكومي عمل اجتماعهم، وأكل وجباتهم الخفيفة في محال الكوفي شوب».

وبالعودة إلى الخبير الاقتصادي فقد أشار إلى أن محال الكوفي شوب تمتلئ منتصف وقت المساء، مع قلة المشتريات، والاكتفاء بالحصول على مشروبات فقط، وعليه فإن تلك المحال تخسر بمكوث عملائها لساعات دون شراء أكثر من منتج، مما أسهم في الخسائر بالتزامن مع نقص بالوحدات المبيعة.

وعرج الدكتور فهد بن جمعة على أن أصحاب المقاهي يتخذون عددا من السياسات التي من أجلها ترفع مبيعاتها، ومنها تخفيض الأسعار، في مقابل زيادة أعداد الزبائن، وتعمل على تزويد المبيعات، والعمل على جذب عملاء جدد، وعدم الاكتفاء بمن يزورونه بالاعتياد. وأضاف بن جمعة أنه عندما يخفض إلى النصف يمكن لمحال الكوفي شوب أن تجذب زبائن جددا، وهم من يعتبرهم مهمين، موضحا أن مذاق القهوة لا يحلو إلى مع ساعات الصباح الأولى، وبالتالي فإن شربها في وقت متأخر أمر لا يكون محببا لدى الزبائن.

وشهد صيف العام الحالي تزايدا في مبيعات أكواب القهوة الباردة بنسبة تتجاوز الـ40 في المائة مقارنة بالمواسم السابقة، بحسب متعاملين في القطاع، فيما تحولت المقاهي إلى المكان الأول الذي يختاره السعوديون للقاء الأصدقاء وعقد الاجتماعات والصفقات.

وتفيد أحدث التقارير الاقتصادية بأن حجم سوق المقاهي السعودية يبلغ نحو 15 مليار ريال (4 مليارات دولار) في العام الواحد، وأن صافي الربح يصل إلى نحو 60 في المائة من العائد الكلي، ولا تزال مشكلة ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج تهدد الكثير من المقاهي السعودية، كما أن تكاليف إنتاج المشروبات في حدود 25 في المائة خلال فترة قصيرة.

وأوضح الدكتور فهد أن أرباح محال الكوفي شوب تأتي بالدرجة الأساسية من القهوة ذاتها، في إشارة إلى أن الحلويات والكعكة والساندويتش لا تدر أرباحا ومبيعات، في مقابل أن القهوة تعتبر معروفة التكلفة لدى صاحب المحل، وزاد: «محال القهوة تحت رحمة المستهلك في رمضان، وحتى مع عمل بعض الإعلانات والحملات الترويجية، ويعتمدون بالدرجة الأساسية على تقديم ميزات، مثل خدمات الاتصال بشبكة المعلومات العالمية».

وبالعودة إلى محال الكوفي شوب في رمضان، ذكر المشرف ذاته الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن وقت الصباح كان يشكل رافدا وعائدا قويا على مبيعات المقهى، في مقابل وجود أكثر تلك المحال بالقرب من مقار لشركات ومؤسسات ودوائر حكومية ضخمة.

وأشار إلى أن سبب انخفاض المبيعات يكمن في أن العميل يحضر إلى المقهى وهو ليس بحاجة إلى أكل، بل فقط لاحتساء المشروبات، لافتا إلى أن الزبائن يتوافدون على المقاهي بشكل لافت إلا أن طلباتهم لا تشمل الأكل والحلويات، وزاد: «نحن فعليا لدينا 7 ساعات عمل، وكمية مبيعات الأكل ليست كما هي عليه في السابق، إلا أن المشروبات أصبحت هي الأساس»، وأضاف أن نوع الطلبات تتغير في شهر رمضان، وأن طاولات الزبائن ممتلئة، وقلما تشاهد طاولة خالية من الزبائن. وبين المشرف أنه من المتوقع خلال منتصف شهر رمضان الحالي أن تزيد المبيعات بنسب طفيفة، إلا أنه مع نهاية الشهر تقل بنسبة أكثر من 50 في المائة، مرجعا ذلك إلى سفر أغلب الزبائن.

وعرج على أن تزامن وقت الإجازة الصيفية ووجود شهر رمضان سبب تراجع المبيعات ووصولها للنسب المنخفضة، إلا أنه في الأوقات الاعتيادية تكثر الاجتماعات الصباحية، ووجود زبائن في نهاية الأسبوع.

وأضاف: «مبيعاتنا في مواد القهوة لا تتعدى كونها 5 في المائة، ونعتمد بالدرجة الأساسية على الإضافات التي غالبا ما تتنوع في الحلويات والساندويتش».

وتعد فترة المساء الوقت الأهم لتلك المطاعم والمقاهي، إذ تقدر عوائد بيعها بأكثر من 60 إلى 70 في المائة من المبيعات الأساسية، في ظل خروج أغلب الزبائن في وقت الليل، لارتباط كل الشرائح المستهدفة بالأعمال أو الدراسة في فترات الصباح أو الظهر، مما يركز استهداف تلك الشرائح في الفترة المسائية.