تقرير بنكي: ائتمان القطاع الخاص السعودي يسجل نموا سنويا 7.8% في يونيو الماضي

البنك الأهلي: زخم إيجابي جلي في الإقراض المصرفي في كل من عمان والسعودية وقطر

هوت البورصات العربية والخليجية أمس متأثرة بالتخفيض الائتماني للولايات المتحدة الأميركية بينما تنظر جميع الأسواق إلى افتتاح التداول اليوم في نيويورك (إ.ب.أ)
TT

قال تقرير اقتصادي حديث إن الاقتصاد السعودي خالف المسار السلبي السائد عربيا، ليكون الوحيد الذي يشهد اتجاها إيجابيا في الائتمان للقطاع الخاص، بعد ارتفاعه بمعدل سنوي بلغ 7.8 في المائة عن شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وبين الدكتور يارمو كوتيليني، كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي، الذي أصدر التقرير، أمس، أن الائتمان المصرفي الكلي في السعودية نما بمعدل 7.2 في المائة على أساس سنوي، مما يشير إلى تضاؤل دور الائتمان للقطاع العام.

وعلى المستوى الإقليمي، رأى تقرير صادر عن البنك الأهلي أن الأسواق المالية العربية لا تزال بانتظار حالة الانتعاش التي لم تتحقق بعد، في حين اتسمت شهور ربيع هذا العام بأنها فترة اضطراب استثنائي للأسواق المالية في منطقة الخليج العربي.

وبحسب التقرير، فإنه بصرف النظر عن المخاطر البادية للعيان في الاقتصاد العالمي، فإن الاضطراب الإقليمي الذي أصبح يعرف باسم «الربيع العربي» أدى إلى حركات تصحيحية حادة في أسواق الأسهم، وندرة في نشاطات الإصدارات الجديدة في أسواق الأسهم والسندات والصكوك.

وتابع التقرير: «بيد أن هناك بادرة مشجعة، تتمثل في نهوض سريع نسبيا في أواخر الربع الأول من العام، حيث عادت مؤشرات الأسهم إلى مستويات ما قبل الأزمة، وارتفعت أحجام التداول إلى أكثر من ذلك، وعادت إلى المستويات التي شهدناها في الربع الأول من عام 2010، وعقب هذا الانتعاش، انطوى ربع العام الثاني على صورة أكثر اهتزازا».

وأكد أنه في حين أن هناك تطورات إيجابية واضحة، خصوصا في سوق الصكوك؛ فإن الزخم الإيجابي تعرض تكرارا لضغوط، مفسحا المجال لوضع يتسم بقدر أكبر من الركود وعدم الثبات.

وأشار الدكتور يارمو كوتيليني، كبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي التجاري إلى أنه «في حين ظهرت توجهات إيجابية في بعض أجزاء من المنطقة، فإن الائتمان المصرفي في دول أخرى لا يزال ينافح الغرق في بيئة تتسم بازدواجية غريبة. إذ هناك زخم إيجابي جلي في الإقراض المصرفي في كل من عمان والسعودية وقطر».

وأكد أن السعودية هي الاقتصاد الإقليمي الوحيد الذي يشهد اتجاها إيجابيا في الائتمان للقطاع الخاص، حيث ارتفع بمعدل سنوي بلغ 7.8 في المائة في شهر يونيو، ونما الائتمان المصرفي الكلي في المملكة بمعدل 7.2 في المائة على أساس سنوي، مما يشير إلى تضاؤل دور الائتمان للقطاع العام، الذي كان فيما سبق وخلال الأزمة المجال الرئيسي لنشاط الإقراض.

وفي حين تشهد قطر نموا سريعا في الائتمان المصرفي، عاد الدكتور يارمو كوتيليني ليؤكد أن وتيرة هذا النمو تباطأت باستمرار خلال الشهور القليلة الأخيرة، ليصل إلى 10.1 في المائة على أساس سنوي في شهر مايو (أيار) الماضي.

وأشار إلى أن نمو الائتمان العماني الأعلى في المنطقة، حيث بلغ 10.2 في المائة في شهر مايو الماضي، بيد أن الزخم الإيجابي يرتبط في الأساس بائتمان القطاع العام، في حين نمت القروض للقطاع الخاص بمعدل أكثر تواضعا بلغ 6.1 في المائة، مبينا أنه لا يزال نمو الائتمان المصرفي في الإمارات يتسم بالتروي، مسجلا معدل 1.9 في المائة على أساس سنوي في شهر أبريل (نيسان) الماضي، حيث تواجه البنوك الإماراتية ضغوط ضوابط تنظيمية متواصلة.

ويرى أن نمو الائتمان المصرفي في الكويت أبطأ بمعدل 1.1 في المائة على أساس سنوي في شهر يونيو (حزيران)، في حين تراجع الائتمان المصرفي البحريني بمعدل سالب بلغ 1.2 في المائة على أساس سنوي، في شهر مايو من عام 2011.

وأكدت التقارير أنه، على الرغم من الانتعاش المؤقت في أسواق الأسهم الإقليمية بالمنطقة، خلال فصل الربيع من هذا العام، فإن الإصدارات الجديدة من الأسهم لا تزال محدودة. وعلى الرغم من أن نشاط إصدارات الأسهم الأولية قد استرد بعض عافيته من المستويات الدنيا المتمثلة في إصدار واحد بقيمة 66 مليون درهم إماراتي (17.9 مليار دولار) خلال الربع الأول من العام، فإن المنطقة لم تشهد سوى 3 إصدارات فقط خلال الفترة من شهر أبريل (نيسان) إلى شهر يونيو (حزيران) من هذا العام من جانب شركتين من الإمارات وشركة سعودية واحدة.

وبلغت القيمة الإجمالية للإصدارات الأولية بالمنطقة في الربع الثاني من العام 346 مليون دولار، مقارنة مع 409.2 مليون دولار في الربع الثاني من العام الماضي.

ومن الواضح أن تدفق إصدارات الأسهم الأولية بالمنطقة بعيد عن العودة إلى مستويات ما قبل الأزمة، أو حتى للمستويات التي شهدناها العام الماضي.

وجاء إصدار الأسهم الأولية في الإمارات من الشركة الوطنية، وهي شركة صغيرة للتأمين التكافلي، وحصلت على 82.5 مليون درهم إماراتي (22.4 مليون دولار)، وشركة «إشراق» للعقارات، التي مقرها أبوظبي وتعمل في مجال التطوير العقاري، وحصلت على 825 مليون دينار إماراتي (225 مليون دولار). أما في السعودية، فقد جاء الإصدار الأولي من الشركة السعودية للاتصالات المتكاملة في شهر مايو، حيث طرحت 35 في المائة من إجمالي رأسمالها المصرح به، الذي بلغ مليار ريال (266 مليون دولار).

إضافة إلى ذلك، شهدت السعودية إصدار ملحق للحقوق من جانب شركة «تنمية جبل عمر»، التي طرحت ما قيمته 258 مليون ريال (68.8 مليون دولار) من الأسهم بقيمة اسمية 10 ريالات للسهم الواحد، وقد تجاوز الطلب على كل هذه الإصدارات الأربعة حد الاكتتاب. وتلوح آفاق لنهوض زخم الإصدارات، على الرغم من أنه قد لا يكون واسع النطاق.

وتعود الآفاق الغامضة جزئيا إلى فقد متجدد للزخم في أسواق الأسهم بالمنطقة في الربع الثاني من العام. وقد تراجعت كل أسواق الأسهم بدول مجلس التعاون الخليجي خلال النصف الأول من هذا العام، وتراوح الهبوط ما بين 0.6 في المائة في أبوظبي و0.7 في المائة في السعودية و10.7 في المائة في الكويت و12.4 في المائة في عمان.

وبينت التقارير أن التوجهات الموجبة لأحجام التداول عكست مسارها في شهر يونيو، ونتيجة لذلك فقدت أسواق الأسهم بدول المجلس ما مجمله 33.4 مليار دولار من إجمالي رسملتها خلال النصف الأول من عام 2011. وكان لسوق الأسهم الكويتية نصيب الأسد في هذه الخسارة - 17.7 مليار دولار - كنتيجة لهبوط بمعدل 13.4 في المائة.

ويتميز سوقا الأسهم في السعودية وقطر بأنهما الأكثر مرونة بين أسواق المنطقة، حيث تراجعا بنسبة 0.1 في المائة و1.3 في المائة على التوالي. وفقدت بورصتا الإمارات والبحرين 7.1 في المائة من رسملتيهما، في حين هبطت بورصة الأسهم العمانية بمعدل 10.2 في المائة.

ويؤكد الدكتور كوتيليني: «رغم أن أسواق السندات والصكوك قد نشطت بعد جمود، فإن زخم الربع الرابع من عام 2010 لم تتم مضاهاته بعد، على الرغم من المتطلبات التمويلية الكبيرة، وتميل أوضاع السوق إلى الاعتدال، مع مردودات منخفضة بمستوى قياسي، وتقارب بين السندات والصكوك، وقد أسهم هذا الوضع، ضمن عوامل أخرى، في تشجيع حكومة دولة الإمارات على العودة إلى السوق كمؤشر على الترحيب بالعودة إلى الوضع الطبيعي».

وشهد الربع الثاني من العام خمسة إصدارات للسندات والصكوك بدول مجلس التعاون الخليجي بقيمة تزيد على 500 مليون دولار لكل منها باستثناء إصدار واحد. وتصدرت الإصدارات التقليدية شركات «مبادلة» (1.5 مليار دولار)، و«الخطوط الإماراتية» (مليار دولار)، و«حكومة دبي» (500 مليون دولار).

أما في شريحة الإصدارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، فقد كانت أبرز الشركات المصدرة هي «بنك التنمية الإسلامي» (750 مليون دولار)، و«بنك HSBC بالشرق الأوسط» (500 مليون دولار)، و«بنك الشارقة الإسلامي» (400 مليون دولار). وخلاصة الوضع، أن قطاع الإصدارات التقليدية شهد خمسة إصدارات بقيمة إجمالية 3.39 مليار دولار.

وباستبعاد الإصدارات قصيرة الأجل المستمرة حاليا من بنك البحرين المركزي، تمت أربعة إصدارات صكوك بقيمة إجمالية 2.18 مليار دولار. وعند المقارنة مع الربع الأول من العام، نجد أن هذا التقدم يتسم بالأداء المضطرب. وباستبعاد إصدارات الصكوك والأسهم بقيمة استثنائية بلغت 50 مليار ريال قطري من قبل حكومة قطر، فإن الأرقام المناظرة هي 4.79 مليار دولار للشريحة التقليدية و1.30 مليار دولار لشريحة الصكوك.

ومن حيث النطاق الجغرافي، هيمنت أبو ظبي على نشاط الإصدارات، حيث كانت على نحو عام المصدر الأساسي للإصدارات بالمنطقة خلال كل النصف الأول من العام. وعموما، شكلت المؤسسات والشركات من دولة الإمارات أقل بقليل من ثلاثة أرباع إجمالي إصدارات السندات والصكوك خلال الربع الثاني من عام 2011.

وعلى النقيض من ذلك، سجلت الأسماء السعودية غيابا ملحوظا – باستثناء بنك التنمية الإسلامي الذي يتخذ من جدة مقرا له - وبناء على ذلك، تميزت التوجهات الإيجابية للسوق بمسار جغرافي ضيق بصفة استثنائية. ومن حيث التوزيع فيما بين القطاعات الاقتصادية، شكلت القطاعات السيادية أقل بقليل من نصف الإجمالي.

وبلغت حصة الخدمات المالية أعلى بقليل من الثلث، وعلى الرغم من التقلب المتصل بالسوق، فإن هناك الكثير من إصدارات السندات والصكوك الإقليمية المقبلة، وتتوفر قوة الدفع لقدر كبير من هذا النشاط المقبل من مقتضيات إعادة التمويل بحصة قدرت بما قيمته نحو 157.4 مليار دولار من سندات الشركات والسندات الحكومية المتداولة في 31 ديسمبر (كانون الثاني) 2010. وإن ما قيمته 102.2 مليار دولار من السندات قيد التداول سيحين تاريخ استحقاقه بنهاية عام 2015.

ويلاحظ أن مصادر الرسملة الأخرى، هي الأخرى في مستويات متدنية غير مسبوقة. حيث تراجع نشاط القروض الجماعية المشتركة إلى أدنى من نصف المستويات التي شهدناها في الربع الأول من العام، منخفضا من 20.9 مليار دولار إلى 8.9 مليار دولار، على الرغم من أن أرقام الثلاثة أشهر الأولى من العام قد انحرفت باتفاقيات إعادة الهيكلة.

وتصدر نشاط القروض الجماعية في الربع الثاني من عام 2011 قروض مشتركة لكل من شركة «زين» السعودية، وحكومة دبي، وشركة الكهرباء السعودية. وكانت صفقات الرسملة السهمية بالقطاع الخاص متدنية للغاية، حيث تم تسجيل عملية شراء وحيدة فقط بالمنطقة. وعلى الرغم من أن أساسيات الاقتصاد الكلي تبدو معتدلة، فإن خلفية الغموض الذي يكتنف الاقتصاد العالمي ما زالت تهيئ المناخ لانتعاش اقتصادي بطيء بصورة محبطة.