مستشار صندوق النقد الدولي: مستعدون لمساندة دول المنطقة بالشكل الذي يفيد اقتصادها

قال لـ«الشرق الأوسط»: إن النظرة الإيجابية ما زالت غالبة على الاقتصاد المصري رغم عدم الاستقرار السياسي

تأثر الاقتصاد المصري كثيرا بعد ثورة 25 يناير (رويترز)
TT

قال مسؤول بصندوق النقد الدولي إن الصندوق ينظر إلى اقتصاديات المنطقة العربية، خاصة في منطقة الخليج، على أنها مناطق نمو كبرى، كما ينظر إلى الدول التي شهدت مظاهر التغيير مثل مصر وتونس والدول المتوقع أن تلحق بها نفس الظروف أيضا على أنها مناطق قد تشهد إصلاحات سياسية كبيرة، يترتب عليها إصلاح اقتصادي ينعكس على أفراد تلك الدول، ويتيح لهم الاستفادة من ثمار النمو، ولا يقصرها على جزء منهم دون الآخر كما كان يحدث في الماضي.

وأشار الدكتور نبيل حشاد في حديث مع «الشرق الأوسط» قبل مغادرته القاهرة متوجها إلى الولايات المتحدة الأميركية، لتسلم مهام عمله الجديد كمستشار لصندوق النقد الدولي لمدة عامين، إلى أن النظرة الإيجابية ما زالت هي الغالبة على الاقتصاد المصري، رغم ما يعانيه من حالة عدم الاستقرار النسبي، ومن المتوقع تحقيق نمو بما لا يقل عن 1.5%، وهو معدل جيد مقارنة بالظروف السياسية التي تمر بها مصر في الوقت الحالي.

وأشار حشاد الذي عمل خبيرا بالصندوق الدولي مطلع القرن الحالي إلى استعداد الصندوق إلى مساندة الدول في منطقة الشرق الأوسط، بالشكل الذي يفيد اقتصاديات تلك الدول، ولا يخل بالمعايير التي يعمل بها الصندوق، نافيا وضع شروط مجحفة من قبل الصندوق لتقديم الدعم إلى تلك الدول، وهو ما يحاول البعض أن يشير إلى وجوده دون توضيح طبيعة عمل الصندوق، والمعايير التي يستند إليها في تقديمه الدعم سواء المالي أو الفني.

تابع: «شروط الصندوق لتقديم التمويل والدعم تقتصر على ضرورة تبني إصلاحات اقتصادية من ترشيد الإنفاق، وعلاج عجز الموازنة، ووجود سياسات إصلاحية واضحة من قبل الحكومات التي تطلب مساعدة الصندوق، هي شروط أعتقد أن الجميع لا يختلف عليها».

وأكد حشاد أن الصندوق لا يمارس ضغوطا تفرض لتقديم المساعدات، وقال: «كثيرا ما يربط في منطقتنا العربية بين وجود قروض صندوق النقد الدولي وضغوط سياسية تمارس من خلالها، من قبل الدول المساهمة في رأسمال الصندوق، واستخدام أمواله في تبني وجهات النظر السياسية لتلك الدول».

ونفى مستشار صندوق النقد الدولي وجود ضغوط على مصر، أثناء التفاوض على قرض مساند من البنك الدولي قبل 3 أشهر، لتدعيم موازنة العام الجديد الذي بدأ مطلع الشهر الماضي، فكانت هناك ميزانية أكبر، لتلبية طلبات كثيرة من قبل الشارع المصري عقب ثورة يناير (كانون الثاني) لكن ما حدث من تقليص في بعض بنودها، جعل القرض قد يكون غير مناسب في الوقت الحالي وإرجاؤه إلى وقت آخر وهو ما حدث».

ويبلغ العجز في الموازنة العامة الجديدة لمصر نحو 28 مليار جنيه بينما تصل فوائد القروض العامة لنحو 106 مليارات جنيه نتيجة تراكم العجز في السنوات الماضية ليصل العجز الكلي بالموازنة إلى 134 مليار جنيه بحسب تصريحات لوزير المالية المصري قبل أيام، غير مستبعد اللجوء إلى الاقتراض الخارجي دون تحديد وقت له.

ورفض حشاد الذي سيعمل مستشارا لصندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا والقوقاز، أن يكون الصندوق ضغط لتحويل بنك القاهرة ثالث أكبر البنوك الحكومية المصرية إلى بنك متخصص في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقال: «هذا التوجه موجود في كثير من دول العالم، ومن الأفضل الاهتمام به من قبل الحكومة المصرية، لأنه صاحب دور كبير في التنمية في المستقبل، ولا يحتاج الأمر إلى ضغوط من الخارج».

وأضاف حشاد الذي عمل من قبل مستشارا لعدد من مؤسسات التمويل الدولية من بينها الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي ومستشارا للكثير من البنوك المركزية كما قام بعمليات تطوير وإعادة هيكلة لعدد من البنوك المركزية بدول العراق وأفغانستان وفلسطين، أنه يجب الاستفادة من الصندوق من قبل الدول العربية خاصة في الوقت الحالي، الذي نحتاج فيه إلى أيدي مساعدة في كل الجوانب.

ونفى مستشار الصندوق الدولي مساعدة الدول العربية في استعادة جزء من الأموال المهربة إلى الخارج، لأن ذلك ليس من مهامه، رغم ارتباطه بعدد من الدول والبنوك المركزية، لكن دوره بعيد جدا عن تلك الجزئية، مشيرا إلى وجود طريق واحد لاسترداد تلك الأموال، ويتمثل في قضاء عادل ويتمتع بشفافية مع الاستفادة من المعاهدات الدولية التي أبرمت في ذلك السياق.

وحول إمكانية استفادة الدول العربية من وجود مستشارين وموظفين في تلك الجهة العالمية، قال حشاد إن تلك المؤسسات الدولية تعمل وفقا لقواعد معينة، لا تجدي فيها العاطفة، فهناك مبادئ يجب مراعاتها، مشيرا إلى أن الاستفادة تكون بنقل خبرات في المستقبل إلى منطقتنا، فالإصلاح السياسي مرتبط بضرورة وجود إصلاح اقتصادي يحقق ما يطلبه أفراد تلك المنطقة.

وقال حشاد إن الوزن النسبي للدول المساهمة في الصندوق من حيث رأسمالها دور لا يمكن إغفاله في مراجعة القرارات، شريطة ألا تخالف المبادئ العامة لعمل الجهة الدولية والنظام الأساسي والأهداف، مشيرا إلى ضرورة عدم إغفال ما يحدث في العالم من أحداث عقب الأزمة المالية العالمية في 2008 وما نتج عنها من تصدع في اقتصاديات دول كبرى في أوروبا.

وكانت هناك مخاوف من أن تؤدي زيادة رأسمال الصندوق التي تمت قبل عدة أشهر، مع رفع بعض الدول حصتها في الصندوق دون أخرى، إلى تدني استفادة الدول التي لم تساهم في وزيادة رأس المال ومنها الدول العربية.

وطالب حشاد في نهاية حديثه مع «الشرق الأوسط» بضرورة تطبيق قواعد الحوكمة والشفافية في النظم الاقتصادية المطبقة في الدول العربية، مع علاج القصور في كثير من القوانين المالية والمصرفية، وتفعيل دور الإدارة الرشيدة، ووجود رقابة شديدة مفعلة تصلح ما فسد في الماضي.