أوباما يسعى إلى خطة أكثر هجومية لمعالجة تردي الاقتصاد الأميركي

فرصته في ولاية رئاسية ثانية في «الميزان الاقتصادي»

TT

مع تردي الاقتصاد إلى الأسوأ، يدرس الرئيس الأميركي باراك أوباما ومساعدوه البارزون تبني منحى أكثر هجوما مع قضايا اقتصادية، وذلك من خلال السعي لإظهار خلافات جوهرية مع الجمهوريين داخل الكونغرس والانتخابات، بدلا من العمل على الوصول إلى تسويات يصعب تحقيقها، وذلك بحسب ما ذكره مستشارون للرئيس. ويرغب المستشار البارز للرئيس الأميركي، ديفيد بلوف، ورئيس طاقم العمل، ويليام ديلي، في أن يتبنى أوباما استراتيجية براغماتية تعتمد على جذب أصوات الناخبين المستقلين، بالترويج لأفكار يمكن أن تمر عبر الكونغرس، حتى لو لم يكن لها أثر اقتصادي كبير. ويتضمن ذلك اتفاقات تجارة حرة وتعزيز حماية براءات الاختراع.

ولكن يقول آخرون، ومن بينهم جين سبرلينغ، المستشار الاقتصادي الرئيس لأوباما، إن حالة الغضب العامة إزاء نقاش سقف الدين أضعفت من الجمهوريين وأعطت مساحة لأفكار أكبر مثل حوافز ضريبية لشركات توظف عددا أكبر من العمال، وفقا لما أفاد به ديمقراطيون في الكونغرس لديهم نفس الرأي.

ويضغط الديمقراطيون أيضا على البيت الأبيض لمساعدة ملاك المنازل ممن يواجهون إجراءات حبس رهون عقارية. ويقولون إنه حتى لو لم يتم تمرير هذه الأفكار من خلال الكونغرس، فسيكون الرئيس قد كسب قضية انتخابية بالضغط من أجل هذه الأمور. ويقول الديمقراطي رقم 3 في مجلس الشيوخ، السيناتور تشارلس شومر، من نيويورك: «يعطي فريق الرئيس أولوية لتجنب أي خلاف حزبي، ودائما ما تكون هذه استراتيجية مناسبة. ولكن في هذه القضية، عندما يعرف الرئيس الشيء المناسب القيام به، وعندما تكون هناك مجموعة صغيرة في أي الجوانب تعيق حدوث تقدم، يجب أن تكون مستعدا لتحدي هذه المجموعة إذا كنت ترغب في حدوث شيء ما». وقال دان فايفر، مدير الاتصالات بالبيت الأبيض: «يعطي الرئيس أولوية للعمل مع الجمهوريين والديمقراطيين، بهدف تحسين الاقتصاد، وخلق فرص عمل، وتقليل العجز، ولكن إذا استمر الجمهوريون بمجلس النواب في أسلوبه هذا، سيحرص على التأكد من أن المواطنين يعرفون مَن يقف في الطريق وسبب ذلك». وتمثل انتخابات 2012 الإطار المحدد لهذه القضية. وقد انتهى مسؤولون في الإدارة، يشعرون الضجر من عناد الجمهوريين في مجلس النواب، إلى أن أفضل ما يقوم به أوباما للاقتصاد ربما يكون الفوز بولاية ثانية، والحصول على تفويض للترويج لأفكاره بخصوص تقليل العجز وتغيير المخصصات وسياسة الإسكان وقضايا أخرى.

ويقول مستشارون إن أوباما يخطط لقضاء المزيد من الوقت، نهاية الأسبوع الحالي، في دراسة خياراته.

ويتوقع البيت الأبيض الكشف عن مقترحات جديدة لخلق فرص عمل في مطلع سبتمبر (أيلول).

وقد دفع الاقتصاد الضعيف كافة القضايا السياسية الأخرى إلى الهامش. ولم يتمكن 25 مليون أميركي من العثور على وظائف لدوام كامل خلال الشهر الماضي. ولا يمكن للملايين من العائلات العيش في منازلهم. كما أن النقاش المحتدم بشأن زيادة سقف الدين الفيدرالي، الذي تمكن أوباما من الوصول إليه من خلال تسوية مع الجمهوريين، تضمنت خطة لـ2.1 تريليون دولارا على الأقل، في صورة تخفيضات في النفقات على مدار 10 أعوام، قد أضعف من الثقة في الاقتصاد بدرجة أكبر. ويقول جمهوريون إن إدارة أوباما أساءت إدارة عملية الانتعاشة الاقتصادية داخل البلاد بعد الأزمة المالية عام 2008. ويناضل مستشارون سياسيون للرئيس أوباما، ويدركون أن حظوظهم ربما تعتمد على إقناع الناخبين بأن نتائج الولاية الأولى أقل أهمية من رؤيتهم للأربعة أعوام المقبلة والأفكار الاقتصادية البديلة التي يطرحها الجمهوريون.

وحتى الآن تتجه معظم الإشارات إلى استمرار المنحى الذي يتجنب المواجهة المحدد لأسلوب عمل هذه الإدارة. ويشك أوباما ومساعدوه في أن الناخبين سيكافئون المقترحات الجريئة إذا لم يتم تمرير هذه الأفكار عبر الكونغرس. وتقديرهم أن الناخبين المعتدلين يريدون نتائج وليس خطابات.

وقال السكرتير الصحافي بالبيت الأبيض جاي كارني للصحافيين يوم الأربعاء: «إذا كنت تتحدث عن أشياء مثيرة، فلا أعتقد أن المواطن الأميركي يبحث عن الشيء المثير. إنه يبحث عن القيادة ويبحث عن التركيز على النمو الاقتصادي وعلى خلق فرص عمل».

ويقول عدد كبير من الاقتصاديين إن الإدارة يجب أن تدعو لنفقات تحفيز اقتصادي جديدة بهدف خلق فرص عمل وتعزيز النمو الاقتصادي. ومن الواضح أن البيت الأبيض لن يمرر مثل هذه الخطة. ولكن قالت كريستينا رومر، التي تركت العام الماضي منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس، إنه يجب على أوباما السعي لنفقات على المدى القصير مع العمل على تقليل العجز على المدى الطويل.

وقالت رومر، وهي أستاذة الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا ببركيلي: «عدم اقتراح شيء جريء وعدم السعي للقيام بشيء ما يتعامل بصورة حاسمة مع مشكلاتنا يعني أننا سنمر بعام ونصف العام مثل العام والنصف الماضيين، ويعد ذلك شيئا صعبا عن السعي للفوز بانتخابات مجددا». ولكن لا يوجد دعم كبير لهذا المنحى داخل الإدارة. وبعد رحيل الكثير من الاقتصاديين لم يبقّ سوى عدد قليل منهم وسط المستشارين البارزين لأوباما.

وتوجد شكوك لدى مستشاريه السياسيين بشأن ميزات نفقات التحفيز الاقتصادي، ومن المؤكد أن لها علاقة بالسياسة، فالناخبون لا يحبون ذلك.

ولدى بلوف وديلي نفس الرأي الذي يقول إن التركيز على تقليل العجز مطلب سياسي واقتصادي، وفقا لما ذكره أشخاص تحدثوا معهما. ويعتقد ناخبون أن سداد الدين سيساعد الاقتصاد، ويتفق البيت الأبيض مع هذا الرأي على الرغم من أنه يرغب في تجنب تقليل الكثير من النفقات بينما لا يزال الاقتصاد ضعيفا.

وينوي الرئيس الاستمرار في ضغطه من أجل ما يُعرف باتفاق موسع لتقليل العجز، وهي صفقة مع الجمهوريين بهدف تقديم خصومات أكبر في النفقات، ومن بينها شبكة الأمان الاجتماعي، في مقابل زيادات في بعض العوائد، على الرغم من المعارضة القوية من جانب الديمقراطيين بالكونغرس، ممن يرغبون في استخدام هذه القضية لإظهار التناقضات مع الجمهوريين.

ويقول مسؤولون في الإدارة إن تركيزهم على عدد من البرامج الأصغر، يمكن أن يعود بالنفع على الاقتصاد، وهي فكرة ركز عليها أوباما في كلماته أخيرا.

وقال أوباما يوم السبت في كلمته الأسبوعية: «نعرف أن هناك أشياء يستطيع الكونغرس القيام بها حاليا لإعادة المال وجعل الاقتصاد ينمو بسرعة أكبر وليعود أصدقاؤنا وجيراننا إلى العمل».

وفي خطوة لم تسترع الكثير من الانتباه وسط اللغط بشأن تقليل تصيف الدين الأميركي، أعلنت الإدارة الأميركية في 5 أغسطس (آب) عن برنامج وظائف جديد للمحاربين السابقين العائدين من العراق وأفغانستان. وسيشمل جزء من البرنامج «ائتمان ضريبي للبطل العائد» للشركات، التي توظف محاربين سابقين معاقين وعاطلين عن العمل.

وربما تقوم إدارة أوباما بدمج وزارة التجارة ومكتب الممثل التجاري الأميركي وبعض الشعب الاقتصادية بوزارة الخارجية في هيئة جديدة، بحسب ما ذكره مسؤولون بالإدارة. ومن الأسماء المحتملة وزارة الوظائف ووزارة المنافسة. ويعد هذا التركيز على أشياء قليلة شيئا مؤلما بالنسبة للكثير من الديمقراطيين الذين يرون مشكلات كبيرة، ولكن يوجد قبول متنام بأنه ربما لا يكون هناك بديل غير الانتظار للانتخابات المقبلة. وتقول سارة روزن ورتل، من مركز التقدم الأميركي: «أشعر بالإحباط كما الحال مع الجميع بشأن الوضع الذي نحن فيه وأسلوب التعامل معه. ولكني كنت أفكر في مدى صعوبة الوضع ومحدودية الخيارات». وتضيف: «إذا كان الطرف الآخر قد برهن على عدم استعداده لأن يكون جزءا في تسوية، فعليك حينئذ أن تعبر عن رؤيتك بأكبر قدر من الوضوح والدفاع عنها أمام المواطنين».

* خدمة «نيويورك تايمز»