مقترحات قمة الإليزيه: حكومة اقتصادية تبني القاعدة الذهبية وفرض ضريبة على المعاملات المالية

ميركل وساركوزي يرفضان السندات الأوروبية الموحدة ورفع رأسمال صندوق الاستقرار المالي

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في قصر الإليزيه بباريس أمس حيث التقيا لمناقشة أزمة الدين التي تعانيها منطقة اليورو (إ.ب.أ)
TT

ساعتان ونصف من المحادثات أتبعت بعشاء عمل في قصر الإليزيه بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اضطر ساركوزي قطع عطلته الصيفية للمرة الثانية خلال أسبوع ساعيا مع المستشارة الألمانية إلى طمأنة الأسواق المالية وتفادي هزات لاحقة ناتجة عن تخفيض تصنيف الديون السيادية الأميركية وتفاقم مشكلة الدين العام في الكثير من دول الاتحاد الأوروبي (إسبانيا والبرتغال وإيطاليا..» ومنطقة اليورو وبلدانها الـ17 فضلا عن التهديدات المسلطة على فرنسا وعلى دول أخرى بتخفيض تصنيفها من قبل الوكالات الدولية.

وجاء اجتماع أمس على خلفية أرقام وإحصائيات اقتصادية ليس فيها ما يفرح حتى بالنسبة لألمانيا التي تعد القاطرة الاقتصادية لمنطقة اليورو.

إن خبراء الأسواق والاقتصاديين كانوا يترقبون ليروا ما إذا كان اجتماع باريس سيفضي إلى تقدم على طريق إيجاد سندات الخزينة الأوروبية بديلا «أو إلى جانب» سندات الخزينة الخاصة بكل بلد كما هو الحال اليوم ما يعني في حال الوصول إلى هذه المرحلة مزيدا من الاندماج المالي والاقتصادي الأوروبي وعدم الاكتفاء بالعملة الموحدة. وحتى الآن، تعارض المستشارة الألمانية هذا التوجه. واستبقت برلين الاجتماع بتأكيد أن هذه المسألة لن تكون موضع بحث وأنه لا يتعين توقع الكثير من القمة الثنائية. كذلك جاءت ميركل إلى باريس وهي عازمة على مقاومة الضغوط التي تمارسها فرنسا ودول أخرى ليس فقط بصدد السندات الأوروبية بل أيضا من أجل زيادة رأسمال الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي البالغ حاليا 440 مليار يورو الذي أنشئ من أجل توفير القروض بفائدة مقبولة للدول الأوروبية التي تعاني من صعوبات للاقتراض في الأسواق الدولية. ولكن الواضح أنه إذا توجب على الصندوق التدخل لتوفير قروض لإيطاليا مثلا، فإن رأسماله لن يكون كافيا. أما الموضوع الآخر لقمة أمس فكان مراجعة التدابير الواجب اتخاذها على المستوى الأوروبي لخفض المديونية العامة من خلال الخطط الاقتصادية التي أعلنتها أو بصدد تحضرها منطقة اليورو.

وبسبب هذا الوضع، فإن الأنظار كانت متجهة للمؤتمر الصحافي المشترك لساركوزي وميركل الذي عقد في الإليزيه الساعة السادسة والنصف أي بعد إغلاق الأسواق المالية الأوروبية.

ومثلما كان متوقعا، لم يخرج أي شيء عن السندات الأوروبية. فقد جددت ميركل رفضها لهذا الحل قائلة إنها «لا تعتقد أن السندات الأوروبية يمكن أن تساعدنا اليوم». وانتقدت ميركل الداعين إلى هذا الخيار واصفة إياهم بـ«الساعين لحل سحري». والتزم ساركوزي الخط نفسه إذ رأى أن هذه السندات «يمكن أن تكون محصلة لاكتمال مسار الاندماج الأوروبي وليس مقدمة له»، منتقدا بدوره الداعين إلى هذا الحل ومنبها من مخاطره على الدول ذات الاقتصاد القوي التي سيكون عليها أن تضمن ديون بلدان ضعيفة لا تأثير لها عليها.

وبالنسبة لزيادة رأسمال صندوق الاستقرار المالي، فقد رأى الرئيس الفرنسي أن رأسماله الحالي كاف في الوقت الحاضر.

غير أن أهم ما جاءت به القمة تأكيد عزم البلدين، وفق ساركوزي وميركل، على «الدفاع عن اليورو» ووضع منطقة اليورو على طريق النمو وذلك عبر ثلاثة مقترحات أساسية ستتضمنها رسالة إلى رئيس الاتحاد الأوروبي فون رومبوي. وأول المقترحات إقامة حكومة اقتصادية «حقيقية» لمنطقة اليورو تعهد رئاستها إلى فون رومبوي ويكون انتدابها من عامين ونصف. والمقترح الثاني يقوم على دعوة دول منطقة اليورو الـ17 إلى تبني ما سماها ساركوزي «القاعدة الذهبية» في النص الدستوري وتعني التزام المعنيين بتبني مبدأ التوازن المالي (الميزانية، والديون) قبل صيف عام 2012. أما المقترح الثالث فقوامه تبني دول الاتحاد الأوروبي الـ27 فرض ضريبة على العمليات المالية. وأكد ساركوزي أن وزيري المال الفرنسي والألماني سيقدمان رسميا اقتراحا بهذا الشأن الشهر المقبل. ووصفت ميركل تدبيرا من هذا النوع بأنه «ضرورة واضحة» في الظروف المالية الحالية. غير أن أيا من المسؤولين لم يعط تفاصيل عن الاقتراح الجديد.

أما على الصعيد الثنائي، فقد قرر البلدان تبني نسبة ضرائب واحدة على الشركات في فرنسا وألمانيا على أن يبدأ العمل بها في عام 2013 وعقد اجتماعات مشتركة لمجلس وزراء البلدين لتحضير الميزانية العامة. وأجملت المستشارة الألمانية المعنى العام لكل هذه المقترحات والتدابير بالدفاع عن اليورو واستعادة ثقة أسواق المال ومواجهة أزمة المديونية. لكنها حذرت بقولها إن هذه الأزمة تدوم منذ سنوات ولن تحل بين ليلة وضحاها. وشددت ميركل، في رسالة موجهة للدول التي تعاني من مشاكل وتنظر إليها ألمانيا على أنها لا تقوم بما هو متوجب عليها بالحاجة إلى احترام المعايير الأساسية والعمل على خفض المديونية. واقترحت ميركل أن تقوم باريس وبرلين بـ«إعطاء المثال» لكيفية العمل بهذه القواعد الأساسية للمحافظة على إمكانيات النمو الاقتصادي والمحافظة على العملة المشتركة.