اجتماع طارئ للبرلمان الأوروبي لبحث الأوضاع الاقتصادية

سيعقد بشكل استثنائي رغم العطلة الصيفية

الوضع المالي في أوروبا يثير القلق
TT

طالبت كتل ومجموعات برلمانية داخل أعلى مؤسسة تشريعية في الاتحاد الأوروبي، بالدعوة إلى عقد جلسة طارئة للبرلمان الأوروبي، لمناقشة تطورات الأوضاع المالية والاقتصادية الأوروبية، وقالت مصادر بروكسل إن الجلسة مقرر لها قبل نهاية الشهر الحالي، وبشكل استثنائي، رغم العطلة الصيفية الممتدة حتى مطلع الشهر المقبل، وستخصص «للاستماع للجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان، ولرئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه، ولرئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر، وللمفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين»، وذلك بناء على طلب، تقدمت به الأسبوع الماضي المجموعة الاشتراكية الأوروبية والديمقراطيون، نظرا لـ«خطورة الوضع» الاقتصادي من وجهة نظر نواب داخل تلك المجموعات البرلمانية.

ويأتي ذلك فيما أكدت مديرة وكالة التصنيف العالمية (ستاندرد أند بورز) لمنطقة أوروبا الناطقة بالفرنسية، كارول سيرو، ثقتها في أن فرنسا ستحافظ على تصنيفها الائتماني للديون عند «AAA»، الذي يعد الأعلى على الإطلاق.

وقالت سيرو في تصريحات لإذاعة «RTL» الفرنسية، إن «فرنسا تمتلك مثلها مثل 15 دولة بالعالم تصنيف (AAA) وهو مستقر»، مشيرة إلى أن هذا الوضع مستمر منذ عام 1975. وأعربت سيرو عن ثقتها في قدرة فرنسا على الحفاظ على هذا التصنيف، على الرغم من أنها أكدت أنه في حال تغير الأمور فإنه سيكون من الضروري تغيير التصنيف مثلما حدث مع الولايات المتحدة، التي خفضت الوكالة هذا الشهر تصنيفها الائتماني للديون السيادية من «AAA» إلى «AA+».

ورفضت سيرو التعليق على الشائعات التي أكدت الأسبوع الماضي احتمالية انخفاض تصنيف فرنسا، والتي تسببت في انخفاض البورصات الفرنسية والأوروبية وبالتزامن مع ذلك تواصلت ردود الفعل على قمة ساركوزي - ميركل الأخيرة التي استضافتها باريس وأشادت الحكومة البريطانية بالاقتراحات التي طرحها كل من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بشأن تكامل أكبر بين دول منطقة اليورو وزيادة التقشف في الموازنة. وقال متحدث باسم وزارة الاقتصاد البريطانية إن تلك التصورات تظهر أن التكامل بين دول المنطقة «يسير في الاتجاه الصحيح»، مضيفا أنه من الضروري الانتظار ورؤية كيفية تنفيذ ما ستسفر عنه تلك المقترحات. وتأتي موافقة بريطانيا على تلك المقترحات خاصة بعد إقرارها إجراءات صارمة للتقشف في محاولة منها لتقليل حدة العجز المالي في موازنتها. يشار إلى أن وزير الاقتصاد البريطاني جورج أوزبورن كان قد أصر مؤخرا على أن دول منطقة اليورو ينبغي أن تزيد من جهودها نحو التكامل المالي وحوكمة الاقتصاد الأوروبي.

يذكر أن ساركوزي وميركل كانا قد دعوا إلى زيادة التكامل بين دول منطقة اليورو وتعزيز سياسة التقشف في النفقات العامة بهدف استعادة الثقة المفقودة في الأسواق جراء الأزمة الحالية. وفي بروكسل، عبر رئيس الوزراء البلجيكي السابق غي فيرهوفشتات، عن إحباطه تجاه الاتفاق الفرنسي - الألماني بشأن تحسين إدارة منطقة العملة الموحدة، اليورو، وخلق حكومة اقتصادية لها.

ورأى فيرهوفشتات الرئيس الحالي للتحالف الليبرالي الديمقراطي في البرلمان الأوروبي، أن اتفاقا بين الرئيسي الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، «ليس إلا ذرا للرماد في العيون»، حسب تعبيره.

وأعرب فيرهوفشتات عن قناعته أن ما جاء في اتفاق الطرفين لجهة إقامة مجلس لإدارة منطقة اليورو مؤلف من رؤساء الدول والحكومات المعنية ويجتمع مرتين في العام لا يؤدي قطعا إلى تحسين إدارة هذه المنطقة، وأشار إلى أنه يفضل إقامة مجلس مصغر لإدارة منطقة اليورو ينخرط فيه المفوضون الأوروبيون المعنيون بالشؤون المالية والسوق الداخلية ويدار من قبل مفوض الشؤون المالية النقدية أولي راين. وأضاف «أشعر بالأسف لأن اتفاق ساركوزي - ميركل قد وضع المفوضية الأوروبية خارج اللعبة»، وأعاد رئيس وزراء بلجيكا السابق التأكيد على تأييده لفكرة إصدار سندات اليورو التي تعوض سندات الخزينة الخاصة بكل دولة على حدة، فـ«بهذه الطريقة نستطيع حل أزمة اليورو الراهنة». ولفت النظر إلى أن هذا الاقتراح تؤيده الكثير من الدول الأوروبية وكذلك المفوضية ولكن ترفضه كل من باريس وبرلين.

أما رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، فقد رحب باتفاق ساركوزي - ميركل، واصفا إياه بـ«المساهمة المهمة» على طريق تطوير إدارة منطقة اليورو، ويذكر أن اتفاق الطرفين الفرنسي والألماني نص على مقترح إنشاء مجلس لإدارة منطقة اليورو مؤلف من زعماء الدول ورؤساء الحكومات يعمل لمدة عامين ونصف ويرأسه الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، ويجتمع مرتين في العام. ويحتاج الاتفاق الفرنسي - الألماني إلى موافقة الجميع من دول ومؤسسات أوروبية حتى يصبح واقعا ملموسا، فيما يشير مراقبون أن ثقل باريس وبرلين سيعجل في تحقيق هذا الهدف.

ويأتي ذلك بعد أن طالب المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والمالية أولي رين بالموافقة الفورية على الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها خلال قمة الاتحاد الأوروبي التي عقدت في يوليو (تموز) الماضي. وأكد رين في تصريحات مطلع الأسبوع الحالي أن تلك الاتفاقات لا بد أن تطبق «في سبتمبر (أيلول) المقبل على أقصى تقدير» لطمأنة الأسواق المالية المتهمة ببث «الذعر في نفوس المواطنين». وأشار المفوض الأوروبي إلى أن اجتماع يوليو الماضي شهد الاتفاق على «إجراءات حاسمة».

وشدد على أن «مسؤولين في كافة أوروبا يعملون ليلا ونهارا على تنفيذ الاتفاقات»، مضيفا «العمل في التفاصيل أمر معقد للغاية ولكننا سنتحدث عن أسابيع وليس شهورا».

كما انتقد رين الأسواق المالية بشدة لإبدائها «توترها الشديد» ورغبتها في «تحقيق كل شيء في نفس الوقت»، على الرغم من عدم وجود أسباب لتلك «المبالغات». ويذكر أنه قبل عدة أسابيع قال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين، إن الاقتصاد الأوروبي بات يعمل بسرعتين بسبب الاقتصاديات الضعيفة داخل عدد من الدول التي تعاني من صعوبات في الديون السيادية. وقال رين أمام المنتدى الاقتصادي الأوروبي في بروكسل في مايو (أيار) الماضي «لسوء الحظ أننا بدءنا نعيش في أوروبا بسرعتين». وأضاف في حضور عدد كبير من الخبراء والاقتصاديين والمسؤولين الأوروبيين والأجانب أن بعض الدول تعافت بسرعة وبقوة، في حين أن أخرى تعاني من انكماش في الناتج المحلي الإجمالي أو تواجه نموا منخفضا جدا، وبالنسبة لمعظم الاقتصاديات الضعيفة، فإن تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل فاضح مرتبط بأزمة الديون السيادية، وقال إن تحرك الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاقتصاديات المتسيبة نجح في منع الانهيار المالي وتجنب صدمات أشد عنوة للاقتصاد. وتزامن ذلك مع توجيه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل انتقادات إلى حكومات الدول الأوروبية المدانة، وطالبت حكومات كل من اليونان والبرتغال وإسبانيا بتقديم إثباتات على نيتها في إجراء خطط تقشفية تخرجها من أزمة المديونية. ويخشى البعض انتقال عدوى الأزمة من اليونان وآيرلندا والبرتغال إلى دول أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا وقبرص.