نائب أوباما: استقرار الاقتصاد العالمي يعتمد على نوعية العلاقات الصينية الأميركية

صعود الشركات الحكومية الصينية يزعج الشركات الأميركية

TT

أكد نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن الاستقرار الاقتصادي العالمي يعتمد على نوعية العلاقات الصينية الأميركية، وذلك خلال وجوده في بكين التي يزورها للرد على الانتقادات حول السياسة المالية لواشنطن. وكان في استقبال بايدن (68 عاما) في القصر الكبير في بكين نظيره الصيني، شي جينبينغ، الذي يتوقع أن يتولى تدريجيا السلطات الرئاسية خلفا للرئيس الحالي، هو جينتاو، في 2012 أو 2013.

وقال شي مرحبا بضيفه: «تسعدني رؤيتكم مجددا». وأضاف: «أعلم أنكم منشغلون جدا بقضاياكم الداخلية»! فرد عليه بايدن: «أنتم جزء من قضايانا الداخلية»! ملمحا بذلك على ما يبدو إلى أن الصين هي الدائن الأول للولايات المتحدة التي ترزح تحت كم هائل من الديون.

وأضاف المسؤول الأميركي: «أنا على ثقة تامة من أن الاستقرار الاقتصادي للعالم يتوقف في جزء كبير منه على التعاون بين الولايات المتحدة والصين».

ورد شي بالتأكيد على صوابية ما يقوله بايدن لجهة أن «كون الصين مستقرة ومزدهرة، عامل إيجابي للولايات المتحدة والعالم أجمع». وقال: «في الإطار الحالي الجديد! لدى الصين والولايات المتحدة مصالح مشتركة أكثر في المعنى العريض ونتحمل مسؤوليات مشتركة أكثر». ورد نائب الرئيس الأميركي: «ما من علاقة أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة من علاقة تقارب مع الصين»! قائلا إنه يأمل في «توطيد علاقته الشخصية» مع شي.

ومن المتوقع أن تحتل مسألة العجز في الميزانية الأميركية حيزا كبيرا من نقاشات بايدن في الصين، حيث من المقرر أن يجري خلال الزيارة التي تستمر خمسة أيام لقاءات مع الرئيس هو جينتاو، ورئيس الوزراء وين جياوبو.

كما ستوضع مسألة إبرام صفقات جديدة لبيع أسلحة أميركية إلى تايوان مجددا على طاولة البحث.

وحذرت الصحف المحلية الصينية من أن هذه المسألة قد «تعكر» مسيرة تحسين العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.

وكتبت صيحفة «تشاينا ديلي» في افتتاحيتها أن «الولايات المتحدة تبدي قلقا متناميا حيال التأثير المتزايد للصين في العالم، وثمة استعدادات في واشنطن لسلسلة جديدة من صفقات بيع الأسلحة إلى تايوان».

وأضافت الصحيفة أن «أي خطوة ناقصة تتعلق بموضوع مبيعات الأسلحة الأميركية إلى تايوان، قد تعكر صفو مسيرة تحسين العلاقات بين القوتين»! معتبرة أن على بايدن اغتنام فرصة الزيارة لتوجيه «مؤشرات إيجابية».

وتأتي هذه الزيارة بعد انتقادات كثيرة وجهتها بكين، تتناول الاتفاق الذي تم انتزاعه في الثاني من أغسطس (آب) الحالي بين البيت الأبيض والكونغرس حول رفع سقف الاستدانة.

وبكين التي بلغت قيمة سندات الخزينة الأميركية التي تملكها في يونيو (حزيران) الماضي نحو 1170 مليار دولار، نددت خصوصا «بالاعتماد (الولايات المتحدة) على الديون»، وحضت واشنطن على الكف عن العيش بشكل يتجاوز طاقتها المالية.

وقام بايدن الحريص على تخفيف التوتر بين البلدين، بالتقاط صور عدة له خلال تناوله طعام الغداء في مطعم شعبي في الصين.

وقال مازحا: «إن طلب الطعام (في هذا المطعم الصغير) أكثر تعقيدا» من التحدث مع شي جينبينغ.

وعاد بعدها إلى القصر الكبير في بكين لإجراء محادثات مع رئيس الجمعية الوطنية الشعبية، وو بانغوو. ومن المتوقع أن يشير بايدن في زيارته إلى بقاء العملة الصينية (اليوان) في مستوى «أدنى بكثير» من قيمتها الفعلية، والضغط على القادة في ثاني الاقتصادات العالمية لتشجيع الطبقة المتوسطة فيها على الاستهلاك أكثر منه على التركيز على صادراتها الكبيرة للمواد المصنعة ذات الأثمان البخسة.

وبحسب تقرير لـ«رويترز» حين يلتقي زعيما أكبر اقتصادين في العالم في هاواي بعد ثلاثة أشهر من الآن، سيظل بإمكان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أن يتفاخر أمام الرئيس الصيني، هو جينتاو، بأن بلاده لديها من الشركات الكبرى أكثر مما في أي بلد آخر على ظهر الأرض.

ففي قائمة مجلة «فورتشن لأكبر 500 شركة لعام 2011» احتلت الولايات المتحدة الصدارة؛ إذ بلغ عدد شركاتها 133، أي أكثر بأربع شركات من مجموع الشركات اليابانية والصينية في القائمة، وهي 68 و61 على التوالي.

لكن العودة إلى قائمة 2005 ستعطي الرئيس الصيني مبررا أكبر للضحك، ففي ذلك العام كان للصين 16 شركة فقط في القائمة، بينما كان للولايات المتحدة 176 شركة من بينها واحدة على الأقل لم تعد موجودة، وهي بنك «ليمان براذرز».

وقال روبرت كيميت، نائب وزير الخزانة الأميركي السابق، إنه نظرا للنمو الاقتصادي المتسارع في الصين وجهودها لتحويل الشركات الصينية إلى شركات عالمية، فإن من المؤكد أن عدد الشركات الصينية الكبيرة سيواصل الارتفاع.

لكن ما تعتبره الشركات الأميركية أمرا مزعجا هو أن معظم الشركات الصينية مملوكة للدولة، ومن بينها ثلاثة من الشركات العشر الكبرى في قائمة «فورتشن» وهي «سينوبك»، وشركة النفط الوطنية الصينية «سي إن بي سي»، و«شبكة الكهرباء الوطنية الصينية»، التي تقول إنها تزود أكثر من مليار مستهلك صيني بالطاقة.

وقالت الغرفة التجارية الأميركية وائتلاف صناعات الخدمات، في تقرير مشترك: «هناك متغيرات جديدة في الاقتصاد العالمي تهدد القدرات التنافسية للشركات الأميركية والعاملين الأميركيين في الأسواق العالمية، وتقوض إيمان بلدنا الراسخ باقتصاد السوق». وأضاف التقرير: «لا توجد حاليا ضوابط دولية وافية وفعالة لمعالجة هذه المشكلة». وشكا التقرير من أن الصين ودولا أخرى تغدق المزايا التنظيمية والدعم السخي على الشركات الحكومية.

وفي الوقت الراهن تقع أشد التداعيات على الشركات الأميركية التي تنافس الشركات المملوكة للدولة، أو الشركات المدعومة من الدولة في أسواقها المحلية.

لكن التقرير قال: «مع نمو الشركات المملوكة للدولة والشركات المدعومة من الدولة، فإنها تنافس بقوة في أسواق أخرى في الخارج، وتبدأ في المنافسة في السوق الأميركية».

وقالت ليل برينارد، وكيلة وزارة الخزانة الأميركية، للصحافيين، يوم الاثنين، إن الولايات المتحدة تعتقد أن على الصين أن «تفكك منظومة من القواعد المالية التي توجه، عادة، ائتمانا رخيصا إلى الشركات المملوكة للدولة»، مما يجعل الشركات الخاصة الأميركية والمنافسين الأجانب في موقف أضعف. وتنشط إدارة الرئيس باراك أوباما، أيضا، داخل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تضم 34 اقتصادا غنيا وناشئا، لوضع إطار للحيادية يضمن أن لا تتمتع الشركات المدعومة من الحكومة بأي تفضيل على شركات القطاع الخاص من دون وجه حق.

وتدعم اتحادات الشركات الأميركية جهود الإدارة الأميركية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على الرغم من أن الصين لم تحصل بعد على عضوية المنظمة التي أنشئت قبل 50 عاما.

لكن هذه الاتحادات تركز بشكل أكبر على محادثات التجارة الحرة الأميركية مع ثماني دول في منطقة آسيا والمحيط الهادي للتوصل إلى اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي.

ولا تشارك الصين في تلك المحادثات التي تضم خمس دول لها تاريخ من التدخل الحكومي الرئيسي في الاقتصاد الوطني، وهي سنغافورة وماليزيا وبيرو وتشيلي وفيتنام.

وعلى صعيد متصل نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا»، أمس الخميس، عن رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «كوكاكولا» قوله: «إن أكبر شركة للمشروبات الغازية في العالم تعتزم استثمار أربعة مليارات دولار أخرى في الصين في الفترة من 2012 إلى 2014».

وأضاف مختار كنت في مقابلة مع «شينخوا» أن الاستثمارات ستستخدم، في الأساس، لزيادة منتجات الشركة وتوسيع البنية التحتية وأنظمة التوزيع والتعبئة، وللاستثمار في معدات المشروبات الباردة.

وقالت «شينخوا» إن الخطط الاستثمارية تأتي بعد الإعلان عن استثمار ملياري دولار في الفترة من 2009 إلى 2011، التي وصلت إلى ثلاثة مليارات عند استكمال الاستثمارات. وعند سؤاله عن احتمال إدراج الشركة في بورصة شنغهاي، وهي مسألة لا تزال قيد البحث، قال كنت إنه إذا أتيحت الفرصة فسيكون أمرا مثيرا للاهتمام.

وأضاف لـ«شينخوا»: «ستكون خطوة مفيدة للطرفين إذا ما جرى إدراجنا... سيكون أمرا طيبا ليس فقط لأسباب تتعلق برأس المال، لكن أيضا لأسباب تتعلق بأن نكون طرفا قويا في المجتمع الصيني».