تقلب أسواق المال مع تزايد المخاوف من عودة الاقتصاد العالمي إلى الركود

الذهب يواصل تحليقه

قادت بورصة فرانكفورت الهبوط الذي شهدته أوروبا أمس (رويترز)
TT

أنهت أسواق الأسهم العالمية أسبوعا آخر من الاضطراب مع تراجع الأسهم في أوروبا بشكل حاد أمس لتتلون جميع الشاشات في أنحاء أوروبا على مدار ساعات التداول منذ البدء باللون الأحمر، لتعيد أيام خضم الأزمة الاقتصادية عام 2008.

وتراوحت أسعار الأسهم الأوروبية حول أدنى مستوياتها في عامين مواصلة عمليات بيع مكثفة في الجلسة السابقة وسط مخاوف من كساد عالمي وتفاقم مشكلة نقص تمويل البنوك.

ونزل مؤشر «يوروفرست» لأسهم كبرى الشركات الأوروبية 2.4 في المائة إلى 902.65 نقطة بعد انخفاضه إلى مستوى 890.74 نقطة، أي أعلى قليلا من أدنى مستوياته في عامين، البالغ 888.11 نقطة الذي سجله في التاسع من أغسطس (آب) الحالي.

وتصاعدت المخاوف من الدخول في حالة كساد جديدة بعد أن خفض الاقتصاديون في «جيه بي مورجان» تقديراتهم للنمو الاقتصادي بالولايات المتحدة في أعقاب خطوة مماثلة من جانب «مورجان ستانلي».

وتراجعت الأسهم بشكل عام وكان القطاع المصرفي الأكثر تعرضا لمشكلة الدين الأوروبي هو الأكثر تضررا.

ولكن عادت الأسواق أدراجها خلال اللحظات الأخيرة لتقلص خسائرها بشكل واسع، إذ جاء الهبوط في فرانكفورت عند 1.19 في المائة، بينما كانت أكبر الخاسرين خلال التداول، ثم باريس عند 0.79 في المائة، وأغلق «فوتسي» فوق الـ5000 نقطة الثمينة بعدما كان خاسرا نحو 80 نقطة تحت الحاجز.

وافتتح «داو جونز» التداول على انخفاض حاد، ولكن قلص الخسارة بعد أقل من ساعة من بدء التداول.

وبحلول نهاية الجلسة الصباحية، هوت الأسهم على مؤشر «فوتسي 100» في لندن بنسبة 1.6 في المائة مع تراجع الأسهم على «كاك 40» في باريس ومدريد بنحو 2 في المائة.

وقاد انخفاض السوق أمس تراجعا كبيرا آخر لمؤشر «داكس» الرئيسي لبورصة فرانكفورت الذي هوى بنسبة 3.3 في المائة في الجلسة الصباحية. أدى ذلك لتراجع «داكس» إلى أدنى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2009.

قال متعاملون إن متصيدي الأسهم التي تراجعت أسعارها وخطوات من جانب المتعاملين في خيارات الأسهم لإغلاق مراكز مالية قد ساهموا في تحقيق مسيرة ارتفاع معتدلة بداية الأسبوع.

لكن مع اقتراب أسبوع التداول على نهايته وصدور بيانات اقتصادية أكثر تشاؤما في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، بدت مسيرة الارتفاع تفقد قوة الدفع سريعا.

بينما عاشت آسيا جلسة تداول قاسية، إذ هوت الأسهم متأثرة باستمرار المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الأميركي والديون في منطقة اليورو وقوة البنوك الأوروبية.

وتكبدت الأسهم الآسيوية أكبر خسائر خلال يومين منذ عام 2008، إذ أنهى مؤشر «كوسبي» القياسي لبورصة كوريا الجنوبية تعاملات أمس على تراجع بنسبة 6.2 في المائة، ومؤشر «تايكس» لبورصة تايوان بنسبة 3.6 في المائة والمؤشر العام لبورصة أستراليا بنسبة 3.5 في المائة ومؤشر «هانغ سينغ» في هونغ كونغ بنسبة 3.1 في المائة.

قال فانج وين ين الاقتصادي لدى شركة «كيه جي آي سكيوريتيز» في تايبيه إن «ذلك بالأساس لأسباب تنشأ من أوروبا والولايات المتحدة.. الاقتصاد العالمي ككل يتراجع، لذا فالمستثمرون قلقون جدا».

في اليابان، ثالث أكبر اقتصاد في العالم، تراجع مؤشر «نيكي» القياسي المؤلف من 225 سهما بمقدار 2.5 في المائة ليغلق على 8719.24 نقطة مسجلا أدنى مستوى منذ 16 مارس (آذار) الماضي عقب خمسة أيام من الزلزال وموجات المد العاتية (تسونامي).

وشهدت السوق الكورية الجنوبية أكبر تراجع خلال يوم في المنطقة، إذ أغلق مؤشر «كوسبي» على 1744.88 نقطة بعد أن تكبد أكبر خسارة يومية بالنسبة المئوية منذ الأزمة المالية العالمية أواخر عام 2008.

ودعا الرئيس التنفيذي للمجموعة مايك سميث أثناء إعلان نتائج الأعمال صناع السياسة في أوروبا والولايات المتحدة إلى مواجهة مشاكل الديون السيادية التي تؤثر على ثقة المستثمرين.

قال سميث إنني «أعتقد أن عثرات صناع القرار في أوروبا وأميركا بشكل أكبر تتسبب في مخاطرة فعليا بتحول صدوع اقتصاداتهما إلى أزمة نظام عالمي بشكل أكبر كثيرا يكون لها عواقب اقتصادية واجتماعية مقلقة».

من بين الأسواق الكبيرة الأخرى في المنطقة تراجع مؤشر «ستريتس تايمز» في بورصة سنغافورة بنسبة 3.2 في المائة إلى 2733.63 نقطة بعد أن بلغ عدد الأسهم الخاسرة 520 سهما مقابل ارتفاع 83 سهما. وأنهى مؤشر «تايكس» لبورصة تايلاند على 7342.96 نقطة، بينما انخفض مؤشر «هانغ سينغ» ببورصة هونغ كونغ إلى 19399.9 نقطة. وعمت الخسائر كل أسهم هونغ كونغ مع تضرر قطاعات البنوك والاتصالات والأراضي والعقارات.

ومن الأنباء السيئة التي وردت للمستثمرين كان تقرير من مؤسسة «مورجان ستانلي» المالية الذي جاء فيه أن الاقتصادين الأميركي والأوروبي «يقتربان بشكل خطير نحو الركود» والمخاوف من انكشاف البنوك الأوروبية لأزمة الديون هناك.

وفي منطقة جنوب شرقي آسيا، هوى مؤشر جاكرتا المجمع لبورصة إندونيسيا بنسبة 4.4 في المائة إلى 3842.75 نقطة.

قالت ياسمين سوليسا المحللة لدى شركة «بابيندو سيكيوريتيز» إنه «اتجاه عالمي أحدثته المخاوف بشأن الآفاق الاقتصادية لأوروبا والولايات المتحدة».

و هبط سعر «برنت» إلى مستوى 106.09 دولار للبرميل بعد أن نزل خلال الجلسة إلى 105.06 دولار.

ونزل سعر الخام الأميركي 2.04 دولار إلى 80.34 دولار للبرميل مرتفعا من 79.17 دولار أدنى مستوياته خلال الجلسة.

وأصبح من المرجح أن يهبط سعر عقود «برنت» بنسبة 2 في المائة هذا الأسبوع وهبط السعر بنحو 10 في المائة هذا الشهر وهو أسوأ أداء منذ هبوطه 15 في المائة في مايو (أيار) 2010.

وقفزت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية جديدة في التعاملات الآسيوية أمس مع إقبال المستثمرين على التماس الأمان في المعدن النفيس وسط المخاوف المستمرة بشأن أزمة ديون منطقة اليورو.

وقفز سعر الذهب للمعاملات الفورية إلى 1833.69 دولار للأوقية (الأونصة) محطما المستوى القياسي الذي سجله أول من أمس (الخميس) والبالغ 1828.50 دولار.