البورصة السعودية: 3 قطاعات فقط من أصل 15 تنجو من التقلبات السعرية

بالتزامن مع اضطراب الأسواق العالمية

جانب من تداولات الأسهم السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

شهدت البورصة السعودية خلال منتصف شهر أغسطس (آب) الحالي حيرة بين الاستقرار الاقتصادي والسياسي في السعودية، وتقلبات البورصات العالمية التي تمر بمرحلة عدم استقرار اقتصادي وسياسي أيضا.

ومنذ ظهور أزمة رفع سقف الدين الأميركي أظهرت السوق المالية السعودية تماسكا بالمقارنة مع بقية الأسواق المتقدمة وحتى الناشئة، على الرغم من خسارتها قرابة 11 في المائة، فإنه لم تصل لمستوى متوسط خسائر تلك الأسواق التي تراوحت بين 18 و38 في المائة، كما حدث في بعض البورصات الأوروبية كالسوق الإيطالية التي فقدت قرابة 38 في المائة. وقال عبد الحميد العمري، عضو جمعية الاقتصاد السعودي، إن تمسك كبار المحافظ الاستثمارية بالأصول التي تمتلكها، وعدم اندفاعها إلى البيع كان من أهم الأسباب التي خلقت هذا التباين في السوق، مبينا أن الأداء الإيجابي الذي أظهرته الشركات في الربع الثاني كان سببا آخر في إبقاء المراكز الاستثمارية دون حراك، وهو ما أسهم في عدم وجود ارتفاعات واضحة في قيم التداول حال الانخفاض، ولم يشهد أيضا دخولا للسيولة في حال الارتداد ترقبا لأي تطورات اقتصادية عالميا. وشهدت السوق المالية السعودية في خضم التقلبات العالمية بقاء 3 قطاعات فقط من أصل 15 أخرى نجت من موجة الانقلابات السعرية، حيث استطاع قطاع «الإسمنت» تحقيق نمو بواقع 603 نقاط وبنسبة 15.3 في المائة، تلاه «التجزئة» بواقع 378 نقطة وبنسبة 7.6 في المائة، ثم «الاستثمار الصناعي» بنسبة 4.3 في المائة.

وأوضح علي الزهراني، الرئيس التنفيذي لمركز المال والأعمال، أن الصورة الفنية لمؤشر قطاع الإسمنت، تؤكد قدرة القطاع على الحفاظ على المكاسب الإيجابية التي حققها قبل عملية التراجع التي شهدتها السوق في الفترة الماضية، كما أن التحليل التقني يشير إلى احتمالية مواصلة التصحيح لمستويات قريبة من 4400 نقطة في حال تراجع المؤشر العام، أما تجاوز مستوى 4575 نقطة إذا كان هناك استقرار في الأسواق العالمية.

*قطاع التجزئة: من الناحية الفنية فإن مؤشر القطاع حاليا في موجة تصحيحة، ويعتبر كسر مستوى 5220 نقطة عاملا سلبيا، وربما يصل إلى مستويات متدنية دون 5100 نقطة، من جهة أخرى فإن تجاوز مستوى 5600 نقطة عامل إيجابي على المدى القصير.

قطاع الاستثمار الصناعي:

* يعتبر مستوى 4980 نقطة حاجز دعم جيد للمسار الصاعد على الفواصل القصيرة ومن المرجح اختبار مستوى 5170 هبوطا. أما السيناريو الإيجابي فسيكون بتجاوز مستوى 5300 نقطة حيث سيكون الهدف التالي هو مستوى 5420، ولكن يبقى اختبار نقطة 5170 قائما خلال الأسبوع الحالي.

فيما سجل قطاع «النقل» أعلى نسبة خسائر منذ مطلع العام الحالي، بنسبة بلغت 25.4 في المائة وبواقع 812 نقطة، تلاه «الزراعة والصناعات الغذائية» بنسبة بلغت 14.9 في المائة بواقع 841 نقطة، ثم قطاع «التطوير العقاري» بنسبة بلغت 14.2 في المائة بواقع 393.5 نقطة.

* قطاع النقل: حقق القطاع أدنى قراءة سعرية له منذ أكثر من 3 سنوات، حيث وصل لمستوى 2282 نقطة، وما زال تأثير الموجة الهابطة واضحا، حيث كانت إشارة الخروج عند مستوى 2872 نقطة باستخدام مؤشر «الآروون المعدل»، ومما تجدر الإشارة إليه أن سهم شركة البحري يحقق مستويات سعرية متدنية تاريخيا، حيث يعتبر المكون الأساسي لهذا القطاع والأكثر تأثيرا. قطاع الزراعة والصناعات الغذائية: مؤشر القطاع حاليا في مستويات متدنية حيث بدأت بعض الإشارات الفنية الإيجابية بالتشكل، وذلك تزامنا مع الدخول في مستويات شرائية تمتد بين 4400 إلى 4700 نقطة، حيث يقف مؤشر القطاع حاليا عند نقطة 4779. يعتبر تجاوز مستوى 4930 عاملا إيجابيا.

* قطاع التطوير العقاري:

ما زال مؤشر القطاع يعاني من تأثير الموجة الهابطة الحالية التي بدأت من مستويات 2860 نقطة، ويعتبر مستوى 2250 مستوى دعم مهم، حيث من المتوقع التعامل معه بشكل إيجابي. ما يلفت النظر أن كثيرا من الشركات في هذا القطاع تحقق حاليا مستوى قاع تاريخي، بالتالي يجب الانتظار حتى يتم الانتهاء من المسار الهابط الحالي وظهور إشارات انعكاس واضحة ومؤكدة.

أما القطاعات القيادية فتصدرت «المصارف والخدمات المالية» القائمة بنسبة تراجع 12.4 في المائة بواقع 2074 نقطة، ثم «الاتصالات وتقنية المعلومات» بنسبة 12.9 في المائة وبواقع 248.9 في المائة، تلاه «الصناعات البتروكيماوية» بنسبة 5.4 في المائة.

* قطاع المصارف والخدمات المالية: ما زال مؤشر القطاع في موجة هابطة، وحاليا يعتبر في مستوى شراء فنيا، ويمتد هذا المستوى بين 13750 إلى 14450 نقطة، وتعتبر الأسعار الحالية لكثير من مكونات هذا القطاع متدنية سعريا وتشكل فرص استثمارية. السيناريو الإيجابي يكون بتجاوز 14830 والثبات فوقه لمدة يومين وبسيولة شرائية مرتفعة.

* قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات:

ما يلاحظ على هذا القطاع فنيا هو ضعف الموجة الهابطة الحالية مقارنه بباقي قطاعات السوق. فنيا مؤشرات القطاع تستهدف مستوى شرائيا على المدى القصير يمتد بين 1560 إلى 1650 نقطة. أما على المدى البعيد فإن مستوى الشراء يمتد بين 1470 إلى 1600 نقطة.

* قطاع الصناعات البتروكيماوية:

القراءة الفنية تشير إلى احتمالية كسر مستوى 6080 نقطة في بداية تداولات الأسبوع الحالي، ومن ثم معاودة اختبار مستويات دون 6000 نقطة. الاتجاه الهابط ما زال مسيطرا على الحركة السعرية لمؤشر القطاع، ويتضح ذلك من خلال القراءة الفنية باستخدام طريقة السُحب اليابانية (الاتشيموكو كينكو هايو)، وبالتالي فإن احتمالية اختبار مستوى القاع الأخير عند 5850 ويعتبر كسر هذا المستوى سلبيا ويرفع من احتمالية اختبار مستويات دون 5600. أما السيناريو الإيجابي فيكون بتجاوز مستوى 6300 نقطة وبسيولة شرائية.

وبين عبد الحميد العمري، عضو جمعية الاقتصاد السعودي، أن المؤشر العام شهد تذبذبا أفقيا خلال الأسبوعين الماضيين بين 6 آلاف و6180 نقطة، وأن الخروج من هذين الحدين مرهون إما بتأكد السلبية خارجيا وهو الأكثر اتساعا قياسا على ارتفاع المديونيات الحكومية وشح السيولة لدى القطاعات المالية، خاصة في أوروبا (منطقة اليورو)، إضافة إلى بروز شبح الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، أو تأكد الإيجابية التي تعني قدرة البنوك المركزية والحكومات الغربية على إنقاذ الاقتصاد العالمي من الركود.

وأشار إلى أن تلك الجهود إن لم تنجح فقد تستغرق فترة زمنية قد تمتد إلى نهاية 2014 للمتفائلين، أو إلى 2018 لغير المتفائلين من الركود. وتوقع العمري أنه في هذه الظروف الضبابية التي تمر بها الاقتصادات والأسواق ستزداد حدة المضاربات على الشركات الصغرى، إلى أن تتأكد الصورة الإيجابية التي ستعيد وجهة الصعود مرة أخرى إلى القياديات والشركات ذات العوائد، من جهته قال فضل البوعينين، المحلل الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط» إن السوق المالية السعودية ستبقى عرضة للتغيرات الاقتصادية العالمية، وتابعة لتقلبات الأسواق المالية، مشيرا إلى أن السوق ستميل إلى الهدوء النسبي خلال الأيام المقبلة قبل «إجازة العيد» إن لم تحدث أي تغيرات عالمية سلبية قد ترغمها على التراجع القسري.

وحول تأثير إبقاء أسعار الفائدة في الولايات المتحدة عند أدنى مستويات خلال العامين المقبلين على الريال والاقتصاد السعودي والسوق المالية، أكد البوعينين أن تثبيت الفائدة على الدولار سيؤدي إلى الضغط على الدولار أمام العملات العالمية، ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على الريال السعودي الذي سيشهد انخفاضا أمام العملات العالمية الأخرى وهذا سيزيد من تغذية التضخم المستورد. وبين أن انخفاض الدولار سيؤثر سلبا في قيمة الاحتياطيات السعودية المرتبطة بالأصول الدولارية، وهذا دون أدنى شك أمر يحتاج إلى خطط استراتيجية لمواجهة المتغيرات العالمية وحماية الاستثمارات والاحتياطيات السعودية في الخارج. ولفت المحلل الاقتصادي إلى أن زيادة الاستثمارات الحالية والتوجه نحو استثمارات عالمية أخرى يمكن أن تحقق التوازن الأمثل للاستثمارات السعودية، مفيدا أن توزيع الاستثمارات جغرافيا في الصين واليابان ومنطقة اليورو وبعض الدول الغربية الأخرى سيساعد كثيرا في خلق التوازن الاستثماري المنشود وسيخفض من مخاطر الاستثمار.

في حين أوضح العمري أن تثبيت أسعار الفائدة الأميركية عند مستوى 0.25 خلال الأعوام المقبلة سيزيد من ضعف قوة الريال الشرائية، الذي فقد حتى الآن نحو 56 في المائة مقارنة بعام 1985، قياسا على ما أظهره سعر الصرف الفعلي الحقيقي المبين للريال السعودي في بيانات صندوق النقد الدولي.

وبالعودة إلى العمري أكد أن السعودية ستشهد مزيدا من موجات التضخم المحلي، الذي يمكن أن يتجاوز معدله بنهاية هذا العام 6.1 في المائة، بالإضافة إلى بدء النمو في السيولة المحلية التي بدأت في توسيع الفجوة التضخمية محليا بما يتجاوز 7 في المائة مقارنة بالعامين الماضيين 1 في المائة، وهذا يعني أن التضخم الذي واجهه الاقتصاد السعودي طوال تلك الفترة كان مستوردا بسبب انخفاض القوة الشرائية للريال.

وأضاف العمري أن نمو السيولة المحلية بسبب انخفاض تكلفة الإقراض سيشكل إضافة جديدة آلية، في وقت لا يتوقع أن تقوم مؤسسة النقد برفع سعر الفائدة لارتباطها بالدولار؛ ولكن قد تلجأ إلى رفع سعر الإقراض العكسي (آر آر آر) من 0.25 في المائة إلى 0.5 أو 0.75 في المائة لامتصاص السيولة لدى البنوك.

وشهدت أسعار النفط تراجعا قويا خلال اليومين الماضيين إلى مستويات 80 دولارا للبرميل الواحد متأثرة بأنباء حول مخاوف من تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي وصعود الدولار، متزامنة مع بيانات اقتصادية أميركية ضعيفة، وما زال هناك الكثير من الأسئلة تدور حول تراجع أسعار النفط بالنسبة للمنتجين، وخاصة السعودية.

وأفاد البوعينين بأن تراجع أسعار النفط سيكون مقلقا لدولة تعتمد في مداخيلها على إيرادات النفط، خاصة إذا ما ربط الانخفاض بالتوقعات المستقبلية لسوق النفط والنمو العالمي، لافتا إلى أن دول الخليج تعتقد أن السعر العادل للنفط يجب أن يكون بين 80 إلى 90 دولارا، وهي مشكلة كبيرة إذا لم تستطع الخروج من هيمنة إيرادات النفط على ميزانياتها، لذا فإن أي انخفاض لأسعار النفط سيكون مقلقا ولا شك.