«موتورولا» تواجه أزمة هوية بعد شراء «غوغل» لوحدة «موبيليتي»

17 ألف براءة اختراع ستؤهل «غوغل» للدفاع عن نفسها ضد منافسيها مثل «أبل» و«مايكروسوفت»

تنظر «غوغل» لكنز براءات الاختراع من خلال صفقة «موتورولا موبيليتي»
TT

علقت مئات براءات الاختراع التي وضعت داخل أطر زجاجية على جدارين منفصلين في مقر شركة «موتورولا موبيليتي» في ليبرتي فيل بولاية إلينوي، شاهدة على فخر الابتكار في «موتورولا»، الشركة الأميركية الرائدة التي تمكنت من النجاة من الأزمة التي ألمت بها والتحديات التكنولوجية الهائلة.

لكن الشركة لم تصارع على الإطلاق شيئا كهذا: مستقبل غامض تحكمه «غوغل»، ذلك السيد القوي ذو النوايا غير الواضحة.

فبإعلانها عن خطتها لتقديم 12.5 مليار دولار لشراء شركة «موتورولا موبيليتي» الأسبوع الماضي، أكدت شركة «غوغل» على اهتمامها بكنز الشركة الثمين المكون من 17,000 براء اختراع. وسيسمح هذا الكنز لشركة «غوغل» بالدفاع عن نفسها ضد منافسيها مثل «أبل» و«مايكروسوفت» في المجال القانوني حيث يمكن التفاوض بصورة غير مباشرة على مليارات الدولارات من رسوم تراخيص براءات الاختراع عبر الدعاوى القضائية والدعاوى المضادة.

لكن محللي الصناعة والمطلعين على الصفقة يؤكدون أن المبرر منطقي، كما يؤكدون أيضا على أن ذلك يترك «موتورولا» في موقف استثنائي. فقد كان الهدف من العديد من عمليات الاستحواذ إنشاء اندماج واضح المعالم بين شركتين، لكن مستقبل «موتورولا» في هذا الاتحاد - ما دون مخزن براءات الاختراع - غير واضح.

ما أبرز هذه الشكوك هو أن الشركتين الداخلتين في هذا الأمر، والتي رفضت كلتاهما التعليق، هو أن الشركتين تختلفان في عملهما كشركات تكنولوجية، فشركة «غوغل» تقدم خدمات الإنترنت والبرمجيات وتنمو بقوة نتيجة هوامش أرباح مرتفعة وتوزع منتجاتها باستخدام مراكز معلومات عملاقة. أما شركة «موتورولا» فهي تحقق هوامش أرباح متواضعة وتنقل منتجاتها على شاحنات وطائرات ومتاجر.

يأمل البعض أن يؤدي اندماج الثقافات ووجهات النظر المختلفة إلى الأخذ بيد «موتورولا» لتعود لسابق عهدها. فعبر مارتن كوبر، 82 عاما، الذي عمل لشركة «موتورولا» لمدة 30 عاما وطور أول هاتف جوال محمول بها، عن أمله في أن يسفر المزج بين زخم غوغل الثقة في جودة «موتورولا» في تكنولوجيا الراديو عن نتائج عظيمة.

وقال كوبر، الذي وضعت براءة اختراعه لتكنولوجيا الهواتف الجوالة التي تعود إلى بدايات السبعينات إلى جانب البراءات الأخرى التي علقت على أحد الجدران.

ويعتقد محللو الصناعة أن «موتورولا» ستكون بلا شك معملا لـ«غوغل» للسعي إلى تطوير أندرويد، برنامج تشغيل الهاتف الجوال بالتعاون مع المهندسين الجدد الذين انضموا إلى الشركة. فيما رأى آخرون أن «غوغل» تود منح الدعم المالي لشركة «موتورولا» لمساعدتها في إعادة نشاطها في أوروبا وآسيا مرة أخرى.

لكن إذا ما اتضح أنها ستكون بالغة اللين مع «موتورولا»، فسوف تخاطر «غوغل» بإغضاب شركات الهواتف الجوالة الأخرى مثل «إتش تي سي» و«سامسونغ» التي تصنع الهواتف الذكية والحاسبات اللوحية التي تعمل بنظام تشغيل أندرويد.

ويقول بين سكاتشر، المحلل في ماكواير كابيتال، الذي وصف الموقف بـ«المثير للحيرة»: «كيف تتنافس مع شركاء وتعمل معهم في الوقت ذاته؟».

وأشارت «غوغل» إلى أن الاتفاق الجديد سيسمح لـ«موتورولا» بالاستقلالية، لكن بعض المحللين والمستثمرين يعتقدون أن «غوغل» قد تخفض من نشاط «موتورولا» بشكل ملحوظ أو تعمد إلى بيع أجزاء كبيرة منها قد تشكل نزاعا مع شركاء لها أو تلك التي لا تراها جوهرية بالنسبة لأهدافها. وهو ما قد يثير الشكوك بشأن مصير 19,000 عامل في شركة «موتورولا - ليبرتي فيل»، الضاحية الشمالية في شيكاغو، وحول العالم.

ويقول روجر أنتنر، محلل صناعة الاتصال ومؤسس شركة «ريكون أناليتكس»، شركة أبحاث السوق: «سيكون موقف (غوغل) من (موتورولا) كالآتي: شكرا على كل ما قمت به خلال العشرين عاما الماضية، لكن محرك بحث هو الذي اشترى الشركة. فلا أحد يشتري شركة ويتركها بمفردها».

تعود بداية إنشاء شركة «موتورولا» إلى عام 1928، عندما أنشأ الأخوان بول وجوزيف شركة لإنشاء المحولات الكهربي لأجهزة الراديو المنزلية. وفي عام 1947 غيرت الشركة اسمها إلى «موتورولا» بعد إنتاج أول راديو للسيارة. وأنتجت الشركة الهواتف اللاسلكية التي ساعدت القوات الأميركية في التواصل في الحرب العالمية وهواتف السيارات في الثمانينات وهواتف ميكرو تاك ورازر الجوالة، إلى جانب عدد من المنتجات الأخرى.

لكن شعبية الشركة تراجعت في السنوات الأخيرة، وعانت الشركة من مصاعب مالية. لكن الشركة تمكنت من النهوض مرة أخرى خلال الأرباع القليلة الأخيرة الماضية تحت قيادة سانجاي جها، الرئيس التنفيذي السابق في كوالكوم، الذي انضم إلى «موتورولا» في عام 2008 عندما كانت مهددة بفقد نهضة سوق الهواتف الذكية.

قام سانغاي بإجراء تغييرات جذرية في الشركة عندما قام بخفض آلاف الوظائف وقسم الشركة إلى قسمين هما «موتورولا سوليوشنز»، التي تبيع المعدات للشركات و«موتورولا موبيليتي» التي تتعامل مع منتجات المستهلك مثل الهواتف وأجهزة استقبال البث الفضائي الرقمي.

خفضت «موتورولا» من توزيعها في أوروبا وآسيا وركزت من جهودها على أميركا الشمالية وأميركا اللاتينية والصين. ركزت «موتورولا» على عدد قليل من موديلات الهواتف وربطت حظوظها ببرنامج أندرويد الذي ابتكرته «غوغل».

وقد أعلنت الشركة عن تحقيقها خلال الربع الثاني من العالم الحالي دخلا بلغ 3.34 مليار دولار وأرباحا بلغت 26 مليون دولار، لتعوض الخسائر السابقة حيث في نفس الفترة من العام السابق عائدات بقيمة 2.6 مليار دولار وخسائر بلغت 87 مليون دولار.

باعت الشركة 11 مليون جهاز في ربع العام الحالي، متقدمة بذلك عن الفترة ذاتها من العام السابق والذي قامت فيه بتصدير 8.3 مليون جهاز. وتأتي غالبية الزيادات من الإقبال على الهواتف الذكية - وصلت المبيعات إلى 4.4 مليون جهاز بزيادة كبيرة عن الفترة ذاتها من العام الماضي والتي بلغ عدد صادرات الهواتف فيها 2.7 مليون جهاز.

أنتجت الشركات منتجات أثارت إبهار عشاق الهواتف. وخلال معرض كونسيومر ألكترونيكس شو في لاس فيغاس في يناير (كانون الثاني) اندهش سانغاي من عدد الحضور الذين كانوا يحملون موتورولا إكسوم، الحاسب اللوحي الذي يعتبر أول منافس حقيقي لجهاز آي باد الذي أنتجته «أبل».

لكن أعداد الشحنات لا تزال ضئيلة مقارنة بالربع الثاني من عام 2006 عندما ارتفعت أسعار جهاز رازر. وقد نقلت «موتورولا» 51.9 مليون جهاز خلال ربع العام. كان ذلك قبل أن تبدأ أسعار الهاتف وشعبيته في التراجع مرة أخرى، ليجر «موتورولا» إلى الوقوع في دوامة الخسائر مرة أخرى.

ويشير لورانس هاريس، محلل الأبحاث البارز مع «سي إل كنغ أند أسوشيتس»، مصرف استثماري، إلى أن الطبيعة المتقلبة لشركة الهواتف قد تضع حدا للشعور بالاغتراب الشديد بالنسبة لـ«غوغل» - وتحديا. وأكد أنه غير متيقن من أن «غوغل» فكرت بما يكفي فيما ينبغي أن تفعل بشأن عملية التصنيع والتوزيع وفريق المبيعات. وصناعة أجهزة استقبال البث التلفزيوني، والذي يعتبر جزءا متواضعا من عملها.

وقال هاريس، مشيرا إلى أن الاستحواذ حدث سريعا وأن «غوغل» لم يكن لديها وقت كاف لدراسة استراتيجيتها الكاملة: «الأولوية هي براءات الاختراع. ثم سيكون عليهم بعد ذلك التعامل مع عملية التصنيع».

وقال لاري بادج، الرئيس التنفيذي لـ«غوغل» خلال الإعلان عن الصفقة «إن الشركتين ستخلقان تجارب مستخدم مذهلة، تزيد من قدرة نظام أندرويد البيئي ككل».

من جانبه يرى كيفن سميثن، المحلل في ماكواري كابيتال أن «غوغل» ربما تلجأ في النهاية إلى التخلي عن صناعة الهواتف وأجهزة استقبال البث الفضائي، وهو ما سيعمل على تلاشي «موتورولا» إذا مضت «غوغل» في هذا الاتجاه.

لكن آخرين يرون أن لدى «غوغل» الفرصة لمساعدة «موتورولا» في النمو. فتتوقع كارولينا ميرنيزي، المحللة الصناعية في شركة «غارتنر» أن تسهم الأموال الضخمة التي ستضخها «غوغل» في عودة الشركة إلى مجدها السابق بالتوسع في أماكن مثل أوروبا وآسيا يمكن أن تراها مغرية كأسواق عامة.

وتشير غارتنر إلى انخفاض حصة شركة «موتورولا» في سوق الهواتف الجوالة عام من 4.8 عام 2009 إلى 2.4 عام 2010، على الرغم من تأكيد ميلانيزي على أن المزيد من الهواتف الذكية المربحة زاد من أسهم مبيعات «موتورولا».

وقال: «تستطيع الأموال التي سيحصلون عليها من (غوغل) إعادتهم مرة أخرى، إلى دور أكثر بروزا، إن لم يكن لما كانوا عليه في السابق».

* خدمة «نيويورك تايمز»