البرلمان الأوروبي يعقد جلسة طارئة لمناقشة أزمة منطقة اليورو

رئيس آلية الاستقرار المالي الأوروبي يتوقع انتهاء الأزمة خلال عامين

TT

أعرب رئيس آلية الاستقرار المالي الأوروبي، كلاوس ريغلينغ، عن اعتقاده أن الأزمة التي تشهدها منطقة اليورو قد تنتهي خلال فترة من عامين إلى ثلاثة. وقال ريغلينغ في تصريحات لمجلة «دير شبيغل» الألمانية الصادرة اليوم (الاثنين): «من الممكن تجاوز أزمة اليورو خلال فترة من عامين إلى ثلاثة»، مشيرا إلى أن تحقيق هذا الهدف يستلزم استمرار دول اليورو في تطبيق إجراءات التقشف والإصلاحات المالية. وحول تفكك العملة الأوروبية الموحدة، استبعد ريغلينغ الأمر، مشيرا إلى أن الدول القوية والضعيفة لها مصلحة مشتركة في استمرار هذه العملة. وأكد أن «مخاطر تفكك اليورو، بغض النظر عن الدول التي تتحدث عنها، تساوي صفرا». وانتقد ريغلينغ بشدة بلده ألمانيا، مؤكدا أن «الهستيريا تسود بها في الوقت الحالي»، حيث يعتقد الألمان بإمكانية تحول كل شيء إلى الأسوأ بسبب أزمة اليورو. وأضاف في هذا الصدد «لكن ذلك ليس صحيحا، وهناك دلائل على التحسن»، مبرزا أن جميع دول منطقة اليورو سجلت تحسنا في البيانات الأساسية، واتفقت على خطط تقشف، الأمر الذي «ما زال بعيدا للغاية عن الولايات المتحدة»، على حد قوله. ومن جانبه رأى وزير المالية الإيطالي جوليو تريمونتي أن «وقت السندات الأوروبية الموحدة اقترب». وقال «يخطئ من يعتقد أن إصدارها سيحقق مكاسب لإيطاليا وإسبانيا وليس لألمانيا». وقال تريمونتي في مداخلة أمام منتدى كاثوليكي سنوي في مدينة ريميني، إن «السندات الأوروبية هي الوسيلة الوحيدة للاستثمار في مستقبل أوروبا».

يشار إلى أن ألمانيا وفرنسا أعلنتا أكثر من مرة خلال أزمة الديون السيادية الراهنة في منطقة اليورو عن رفضهما إصدار سندات أوروبية موحدة باعتبارها الخطوة الأخيرة في مشروع الاندماج الأوروبي الذي لا يزال في مراحله الأولى. وكان كل من المستشارة الاتحادية أنجيلا ميركل والرئيس نيكولا ساركوزي، اقترحا بعد قمة ثنائية في باريس منتصف الشهر الحالي أن يلتقي رؤساء دول وحكومات منطقة اليورو مرتين في السنة، وأن يشكلوا جماعيا حكومة اقتصادية مشتركة.

وشهدت الساعات القليلة الماضية عدة تطورات في عواصم أوروبية داخل منطقة اليورو التي تواجه خطر أزمة الديون، ما بين الخروج في مظاهرات للاحتجاج على خطط التقشف التي أعلنت عنها الحكومة الإيطالية، إلى المطالبة بتعديل الدستور لمواجهة أزمة الديون في إسبانيا، وجرى ذلك في الدول التي تخشى من انتقال عدوى أزمة الديون إليها بعد أن أصابت دولا أخرى في منطقة اليورو، وهي اليونان وآيرلندا والبرتغال، بينما في أثينا أعلنت الحكومة اليونانية عن نيتها تعويض البنوك التي ستتكبد خسائر نتيجة مشاركتها في خطة مبادلة الديون. وجاءت تلك التطورات، عشية انعقاد الجلسة الاستثنائية المخصصة لبحث أزمة منطقة اليورو، وذلك بحضور الكثير من الشخصيات والفعاليات الأوروبية المعنية بالأمر للتباحث مع أعضاء اللجنة الاقتصادية والنقدية في المؤسسة التشريعية الأعلى في الاتحاد الأوروبي، ومن بين الشخصيات التي ستشارك في الجلسة المقررة اليوم (الاثنين) 29 من الشهر الحالي، جان كلود يونكر، رئيس مجموعة اليورو، وأولي ريهن مفوض الشؤون النقدية والاقتصادية، وكلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، فضلا عن ممثل الرئاسة البولندية الحالية للاتحاد الأوروبي، ويأتي انعقاد الجلسة الطارئة، بعد أيام قليلة من إعلان عدة عواصم أوروبية عن إجراءات تقشف وبيانات اقتصادية تظهر تراجع ثقة المستثمرين، ففي باريس أكدت وزيرة الموازنة الفرنسية فاليري بيكريس، أن الإجراءات الجديدة، التي أعلنت عنها الحكومة الفرنسية لخفض العجز العام بقدر 12 مليار يورو بين عامي 2011 و2012، لن تؤثر على النمو الاقتصادي ولا التوظيف. وأن جهود الحكومة موزعة بشكل عادل بين خفض العجز وحماية النمو والتوظيف.

وعن الدول التي تعمل جاهدة لتفادي الوقوع في أزمة الديون السيادية، ففي العاصمة الإيطالية روما خرج المئات من رؤساء البلديات في إيطاليا يتظاهرون خارج مبنى البرلمان احتجاجا على إجراءات الحكومة الأخيرة الخاصة بالخطة التقشفية الصارمة، حيث ينص أحد بنودها على دمج بلديات مع بعضها البعض إذا كان عدد سكان المجتمع المحلي فيها أقل من ألف شخص. ولا حديث في الشارع الإيطالي الآن إلا عن حزمة التقشف الجديدة، والتي اهتمت بتفاصيلها وسائل الإعلام الإيطالية، وبعضها اتهم الحكومة بسرقة خمسة وأربعين مليار يورو من جيوب الإيطاليين. وكانت حكومة سلفيو برلسكوني أقرت منتصف الشهر الحالي خطة مؤلمة كما سماها برلسكوني تمزج بين زيادة الضرائب وتخفيض الإنفاق العام لتلبية متطلبات البنك المركزي الأوروبي. وقد تبنت الحكومة خطة تقشف بقيمة عشرين مليار يورو في عام 2012، وخمسة وعشرين مليار يورو إضافية في عام 2013 للوصول إلى توازن في الميزانية. وقال وزير الاقتصاد الإيطالي جوليو تريمونتي: «لم نكن لنصل إلى هذه الدرجة لو كانت أوروبا تملك سندات باليورو، من الجوهري أن يكون هناك درجة كبيرة من الاندماج للمال العام في أوروبا». وفي شوارع روما أعرب المواطنون عن عدم ثقتهم من أن الإجراءات التقشفية الصارمة ستحل مشكلات البلاد الاقتصادية. وبحسب الخطة فإن عجز الميزانية يستقر حاليا عند ثلاثة وثمانية من الناتج المحلي الإجمالي وسيجري تخفيضه إلى واحد ونصف في المائة تقريبا وصولا إلى التخلص من العجز نهائيا في عام 2013.

وفي مدريد جدل جديد في أسواق المال الإسبانية، مع اعتزام الحكومة الاشتراكية إجراء تعديل دستوري في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لوضع حد للدين العام المتفاقم. رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، أعلن أن الحكومة التي يترأسها ستكافح لتثبت للأسواق المضطربة أنها قادرة على السيطرة على شؤونهم المالية. وقال ثاباتيرو إن الاقتراح الذي يحظى بدعم المعارضة سيظهر التزام إسبانيا المالي على المديين المتوسط والطويل. وكان ثاباتيرو قد توجه إلى البرلمان، لوضعه أمام البرلمان إجراءات الادخار القومي التي تقدر بخمسة مليارات يورو العام الحالي.

وفي أثينا أعلن وزير المالية اليوناني، أن بنوك البلاد ستعوض عن الخسائر التي ستتكبدها نتيجة مشاركتها في خطة مبادلة الديون عن طريق آليات الدعم القائمة. وواصلت السندات اليونانية تراجعها، مما دفع العائد علي سندات السنوات العشر إلى الارتفاع نحو أعلى مستوياته في حقبة اليورو، وسط تزايد قلق الأسواق من فشل الموافقة على تمرير حزمة الإنقاذ الثانية. ويخشى المستثمرون من حدوث انتكاسة جديدة، بسبب كثرة الحديث عن مطالبات الضمان التي بدأتها فنلندا، مما يهدد بتخلف اليونان عن سداد ديونها في النهاية.