ما أكثر المشاريع الحيوية المتاحة!

سعود الأحمد

TT

ترد إليّ بعض التعليقات مباشرة وأتابع (أحيانا) بعض التعليقات على ما تنقله بعض المواقع الإلكترونية لمقالاتي في هذه الزاوية.. والحقيقة أن بعضها يتضمن أفكارا تستحق أن يكتب لها عدة مقالات ويجرى عنها تحقيقات وندوات صحافية.. حتى يتم تغطية مواضيعها بالشكل المطلوب. لكنني من جانب لا أحبذ أن يجعل الكاتب من مقاله مجالا لحواراته مع القراء (خصوصا إذا كان مقالا أسبوعيا).. إلا أن يكون الهدف إبراز فكرة ترقى لمستوى المقال، وتضيف للقارئ معلومة تستحق أن يصرف عليها وقته لقراءتها. وما أكثر ما نقرأ ونأسف لأننا صرفنا عليه وقتا لقراءته! آخر ما ورد إليّ تعليق على مقالي الأسبوع الماضي، الذي كان بعنوان «ماذا يعنينا من اهتزاز أسعار سندات الخزينة؟».. يؤيد فكرة أن نزيد من التوجه للإنفاق المحلي على مستوى الدولة الواحدة وعلى مستوى إقليم دول مجلس التعاون العربية، عوضا عن تراكم الفوائض النفطية في صورة احتياطات نقدية نستثمرها في الأسواق المالية العالمية، وما لذلك من عرضة لمخاطرها واهتزازاتها المختلفة.. ويتحدث «الأخ» عن العديد من بدائل الإنفاق ومجالاتها الأخرى المجدية اقتصاديا محليا وإقليميا وعربيا.

أحد هذه المجالات المرشحة، سرعة البدء في طريق جديد يربط مدينة الطائف السعودية بمكة المكرمة عبر نفق يشق جبل الكر مع أصغر نقطة فيه. ويقول إن هناك دراسة قدرت تكلفة هذا المشروع الإجمالية بمليار ريال فقط. وفي تقديري أن مثل هذا المشروع (من الناحية الاقتصادية) لا يحتاج إلى كثير من التفكير للبدء فيه. فهذا النفق سيقصر المسافة (على الحجاج والمعتمرين) بين مكة ومعظم مناطق المملكة (جنوبها وشرقها وشمالها)، وأهمها الرياض وبقية الدول الإسلامية التي تقع في هذا الاتجاه، ومنها (جميع) الدول الخليجية ومن الشمال حتى تركيا. وسيسهل مهمة الوصول إلى مكة بطريق مختصر أيسر.. يكون على الأرض بدل الصعود إلى جبل الكر والنزول منه. وهذا فيه مصالح لا تعد ولا تحصى.. منها تخفيض لتكاليف وقود السيارات، على اعتبار ذلك من النزيف المستمر للطاقة الحيوية غير المعوضة، وتخفيض لتكاليف صيانة السيارات (وبالأخص كوابحها)، إضافة إلى ما سيكون لهذا المشروع من دور في تخفيض حوادث السير التي تقع على جبل الكر. ومن جانب آخر فإن هذا المشروع سينعش مدينة الطائف، لأن معظم الحجاج والمعتمرين سوف يجدون في مطار الطائف ومدينة الطائف خيارا آخر (وربما أفضل) لمدينة جدة. وعوضا أن يكون لدينا ميناء جوي واحد لمكة المكرمة (مميز)، يكون لدينا ميناءان مميزان. إضافة إلى مميزات مدينة الطائف من حيث الطقس ووجود الميقات على طريق معظم الدول الإسلامية.

وفي هذا السياق، فإنني أتمنى لو يشرع (اليوم) في قطار سريع بين مطار الطائف ومكة المكرمة. لاعتقادي الجازم بأنه مشروع حيوي مهما صرفنا عليه، فإننا سنعوضها قريبا.. وما أكثر المشاريع الحيوية المتاحة! بل إنني على قناعة تامة بأن الاقتصاد الوطني السعودي يخسر في كل يوم جراء التأخر في تنفيذ مثل هذه المشاريع! وأتمنى لو أن أحد الأقسام الأكاديمية بجامعاتنا تجري دراسة أو بحثا علميا يقيس الخسائر التقريبية لتأخر هذه المشاريع.

وختاما.. أود أن أؤكد أنني أكتب مقالاتي وحسب علمي أنه لا يوجد جهاز متخصص يتابع أو يتبنى ما ينشر من أفكار.. والذي يحصل أن كل جهة تجتهد في متابعة ما يعنيها، ولها أن تتبنى ما يقترح ولها أن تهمله.. هذا والله أعلم.

* كاتب ومحلل مالي