اجتماع وزاري أوروبي في برلين حول ضمانات القروض لليونان

مطلب فنلندا بتقديم أثينا ضمانات أثار ردودا غاضبة من دول في منطقة اليورو

أزمة الديون وجع رأس كبير لمنطقة اليورو
TT

يعقد وزراء مالية ألمانيا وهولندا وفنلندا، اجتماعا الثلاثاء المقبل في برلين لبحث قضية ضمانات القروض لليونان. وكانت مطالب فنلندا بأن تقدم اليونان ضمانات في مقابل القروض التي تحتاجها قد أثارت ردود فعل غاضبة من دول أخرى في منطقة اليورو. وقال محللون إن النزاع الناشئ عن الطلب الفنلندي قد يهدد إبرام صفقة إنقاذ ثانية لليونان، يأتي ذلك فيما نفت المفوضية الأوروبية ببروكسل ما أوردته تقارير إعلامية صباح أمس (الخميس)، بشأن حدوث تغيير بشأن موقف المفوضية الأوروبية من الوضع الاقتصادي في الدولة البلجيكية، وقالت المفوضية في بيان لها إن تلك التقارير لا أساس لها من الصحة ولا يوجد أي تغيير طرأ على موقف المفوضية الأوروبية، التي سبق وأن ذكرت مرارا وتكرارا أن لديها ثقة تامة بأن الحكومة الانتقالية الحالية تتخذ القرارات المناسبة للمرحلة الحالية، كما تثق المفوضية في العملية الديمقراطية ببلجيكا، وجاء في البيان أنه وبشكل أكثر تحديدا وبشأن مراقبة الوضع الاقتصادي لبلدان الاتحاد الأوروبي، قدمت المفوضية سلسلة من التوصيات اعتمدها المجلس الأوروبي في الحادي عشر من شهر يوليو (تموز) الماضي، وتراقب المفوضية جميع الدول الأعضاء في مدى تنفيذها لتلك التوصيات، ولا تنوي المفوضية اتخاذ أي خطوات محددة بشأن بلجيكا. وسبق أن انطلقت تصريحات لعدد من المسؤولين الأوروبيين منذ يونيو (حزيران) الماضي تحذر من وقوع بلجيكا وإيطاليا وإسبانيا في فخ أزمة الديون لتلحق بدول آخر مثل اليونان وآيرلندا والبرتغال. وتعاني بلجيكا منذ العاشر من يونيو 2010 من أزمة سياسية وتقود البلاد حكومة تصريف أعمال برئاسة إيف لوترم. وحطمت بذلك بلجيكا أرقاما قياسية عالمية في الفشل في التوصل إلى اتفاق حول تشكيلة ائتلافية حكومية. وقال القصر الملكي في بروكسل في يوليو الماضي إن الملك تلقى من زعيم الحزب الاشتراكي الفرانكفوني دي ريبو مذكرة من مائة صفحة تعتبر أرضية محتملة لبرنامج حكومة، وعرضت المذكرة على الأحزاب البلجيكية المختلفة لمناقشتها وتقديم رأيها فيها سواء بالسلبي أو الإيجابي، وبناء على مواقف الأحزاب، يستطيع الاشتراكي الفرانكفوني دي ريبو أن يحدد خطوات إجراء مشاورات حول الائتلاف الحكومي الجديد المتوقع أن يعلن عنه في غضون الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل على أكثر تقدير كما أعلنت الحكومة المؤقتة في البلاد أن ميزانية العام المقبل سيتم الإعلان عنها في نفس التوقيت تقريبا. وكان الفرانكفوني اليو دي ريبو قد كلف رسميا بهذه المهمة في السادس عشر من مايو (أيار) الماضي، وأجرى طوال الفترة الماضية مشاورات مع كافة الأحزاب والقوى السياسية، لتقريب وجهات النظر بشأن النقاط الخلافية. وتضمنت المذكرة برنامجا، طغى عليه القضايا الاقتصادية والاجتماعية، ومنها ما يتعلق بقوانين العمل والبطالة والمعاشات والضرائب وغيرها.

من جهة أخرى، قال مسؤول في حكومة أوروبية أمس الخميس، إن حكومات منطقة اليورو والبنك المركزي الأوروبي لا تتفق مع الأساليب التي اتبعها صندوق النقد الدولي للتوصل إلى تقديره بأن بنوك المنطقة تحتاج إلى رؤوس أموال جديدة حجمها 200 مليار يورو. وأضاف المسؤول «حكومات منطقة اليورو والبنك المركزي الأوروبي لا تتفق على الإطلاق على الأسلوب المشكوك فيه بشدة الذي استخدمه صندوق النقد». وكانت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي قالت يوم السبت إن البنوك الأوروبية بحاجة إلى «إعادة رسملة إلزامية كبيرة» للحيلولة دون تجدد الركود العالمي. وأثارت الدعوة نقاشا بشأن ما إذا كانت البنوك قد جمعت رؤوس أموال تكفيها لتحمل تباطؤ حاد.

يذكر أنه بعد ساعات من إعلان رئيس البنك المركزي الأوروبي أمام البرلمان الأوروبي عن توقعاته بأن يتواصل النمو في منطقة اليورو، لكن بشكل متواضع، أظهرت البيانات الأوروبية التي صدرت الثلاثاء الماضي أن المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو تدهورت أكثر من المتوقع في أغسطس (آب) مما يبرز احتمالات تفاقم التباطؤ الاقتصادي في النصف الثاني من العام. وخلال مداخلته أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في جلسة خصصت لمناقشة أزمة منطقة اليورو، طلب جان كلود تريشيه بإلحاح من حكومات دول منطقة اليورو، أن تسرع في بلورة الاتفاق الذي توصل إليه الرؤساء الأوروبيون الشهر الماضي، بشأن تقديم حزمة إنقاذ ثانية لليونان وإعطاء نفوذ أكبر لصندوق إنقاذ اليورو. ونقلت تقارير إعلامية أوروبية في بروكسل عن حاكم البنك المركزي الأوروبي قوله: «نعيش مرحلة دقيقة تاريخيا تتجلى فيها أخطر أزمة مالية اقتصادية عالمية منذ الحرب العالمية الثانية وهذا أمر كبير بخطورته في أوروبا والولايات المتحدة واليابان وكل أنحاء العالم يجب أن نستخلص العبر من هذه الأزمة في كافة المجالات وخاصة تلك المتعلقة بالأسواق المالية والقطاع المصرفي حيث يجب القيام بالكثير من الإصلاحات خاصة في أوروبا حيث يجب أن نطور عملنا وحيث نعاني من مسألة تطوير الإدارة المالية المشتركة في منطقة اليورو». وتوقع تريشيه أن يتواصل النمو في منطقة اليورو لكن بشكل «متواضع» في أجواء من القلق «الكبير» بشأن خطة الميزانية.

قال أولي ريهن المفوض الأوروبي المكلف بالشؤون النقدية والاقتصادية إن هناك حاجة إلى مواصلة مراقبة الوضع الحالي في الأسواق المالية والاقتصادية الأوروبية من أجل استمرار تقييم الموقف والسياسات في الاتحاد الأوروبي بشكل عام، ومنطقة اليورو بشكل خاص. وأضاف أن أفضل وسيلة لتعزيز النمو في المرحلة الحالية هو تنفيذ الإصلاحات الهيكلية بما في ذلك السوق الموحدة، الأمر الذي سيعزز على المديين المتوسط والبعيد إمكانات النمو، كما سيكون له أثر إيجابي على المدى القصير، هذا إلى جانب معالجة المخاطر التي يمكن أن تستهدف الاستقرار المالي، وفي هذا الصدد فإنه من الضروري أن تنفذ وعلى وجه السرعة قرارات 21 يوليو التي اتخذتها القمة الأوروبية إلى جانب اعتماد ما يعرف بحزمة التشريعات الـ6، والتي وصفها بأنها ستكون مهمة على طريق تعزيز الرقابة المالية وإحراز تقدم كبير في الإدارة الاقتصادية. ونوه المسؤول الأوروبي بأن قمة يوليو الأخيرة دعت رئيس المجلس الأوروبي بالتشاور مع رئيس المفوضية الأوروبية، ورئيس مجموعة اليورو، لتقديم مقترحات جديدة أول أكتوبر (تشرين الأول) القادم، حول تحسين أطر العمل وتعزيز إدارة الأزمات في منطقة اليورو، وأكد ريهن على وجود حاجة إلى تقسيم العمل والمسؤوليات بالاجتماعات في منطقة اليورو على مستوى الوزراء والقادة، وأيضا تحسين أسلوب العمل، وهياكل الدعم والاتصالات والتنسيق، وفيما يتعلق بمقترح طرح سندات أوروبية موحدة، قال ريهن «على أي حال فإن سندات أوروبية أيا كان شكلها، يجب أن تكون مصحوبة بمراقبة مالية وتنسيق في السياسات، لضمان التمويل المستديم، وتفادي أي مخاطر، وضرورة وجود مناقشة موضوعية في منطقة اليورو لمعرفة ما إذا كانت الدول الأعضاء على استعداد لقبولها». وقال المسؤول الأوروبي إنه في النصف الأول من العام الحالي واصل اقتصاد الاتحاد الأوروبي الانتعاش التدريجي، على الرغم من الانتعاش مؤخرا يسير بوتيرة أبطأ، وبعد نمو إجمالي للناتج المحلي في الربع الأول بنسبة 0.8 في المائة وصل إلى في الربع الثاني إلى 0.2 في المائة، والمؤشرات قصيرة المدى تشير إلى مزيد من الاعتدال في النمو. وأشار إلى أن التوترات في الأسواق المالية أدت إلى تقلبات كبيرة واضطراب في بعض الأحيان وهذا يعود إلى أسباب خارجية وأخرى داخل الاتحاد الأوروبي، واختتم بالإشارة إلى ضرورة إصلاح الهياكل وتعزيز النمو وفرص العمل، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي قام بخطوات هامة في إطار إعادة رسملة البنوك وظهر ذلك واضحا في نتائج الاختبارات الأخيرة للضغط على البنوك، وأن البنوك ستستفيد من تدابير أخرى مقررا أن تتم خلال فترة ما بين ستة أشهر وتسعة أشهر من إجراء آخر اختبارات للبنوك. واستعرض عدد من كبار مسؤولي مؤسسات منطقة اليورو، الاثنين، أمام لجنة الاقتصاد والشؤون المالية التابعة للبرلمان الأوروبي، تفاصيل الاتفاق اليوناني - الفنلندي الذي يتضمن مشاركة فنلندا في حزمة الإنقاذ الثانية لأثنيا مقابل عدة ضمانات. وشارك كل من رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه، ورئيس كتلة منطقة اليورو جان كلود جونكر، والمفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي ريهن، ووزير المالية البولندي جاسيك روستفيسكي، الذي تتولى بلاده رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، أمام لجنة البرلمان الأوروبي للرد على كافة الأسئلة المتعلقة بالاتفاق اليوناني - الفنلندي. وتتفاوض اليونان وفنلندا على تفاصيل اتفاق تقدم بموجبه الثانية أموالا لأثينا لمساعدتها على تجاوز أزمة ديونها مقابل عدد من الضمانات. وأثار هذا الاتفاق انتقادات عدد من دول منطقة اليورو مثل ألمانيا وهولندا والنمسا، لذا سيسعى قادة دول العملة الموحدة لمعرفة تفاصيله وما سيثمره في المستقبل. وتعتزم هولندا والنمسا وسلوفينيا وسلوفاكيا مطالبة اليونان بضمانات إضافية حول هذا الاتفاق. يذكر أن اليونان تواجه عجزا مطردا في موازنتها رغم خطة الإنقاذ التي حصلت عليها من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي لمواجهة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها. وكان قادة دول منطقة اليورو قد اتفقوا أواخر يوليو الماضي على خطة ثانية لإنقاذ أثينا، مع إتاحة الإمكانية لمشاركة القطاع الخاص فيها.