مصنع خليجي مشترك

سعود الأحمد

TT

أحلم، ومن حقي أن أحلم، كمواطن خليجي أعلق آمالا عريضة على مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.. أن يصدر عن أول اجتماع قمة قرار يقضي بإنشاء مصنع خليجي مشترك لصناعة قطع غيار لقطع الغيار، كخطوة تضاف لمسيرة المجلس التي تخطت الثلاثين عاما على صعيد التكامل الاقتصادي الصناعي.. أريده مصنعا (يشار له بالبنان) تشارك في رأسماله حكومات دول المجلس.

بحيث يستهدف هذا المصنع صناعة المواد التي يكثر تلفها في قطع غيار بمعناها الشامل. خدمة لبناء واقتصادات دول المجلس، وبحكم تشابه الظروف والإمكانيات والمعطيات المادية والاجتماعية. وأن يستهدف هذا المصنع الضخم توظيف أبناء دول المجلس، وبالأخص طلبة المدارس على نظام الساعات. وأن يدفع للشباب أجورا عالية تغريهم للانخراط في المجال الحرفي، ليألفوا ملابس العمال ودوام العمالة. كم سيكون هذا الحلم جميلا.. لو يتحقق. إذ كم سيحقق لاقتصاداتنا من القيم المضافة. وكم سيكون له من أثر فاعل في مواجهة مشكلة البطالة بدول المجلس، وبالأخص بين فئة الشباب. وكيف سيحقق للشباب ذاتهم التي ضاعت على بعضهم وهم يعتمدون في مصروفاتهم النثرية على أولياء أمورهم، وهم طاقات كفؤة في سن الرشد والعطاء. نحن مجتمعات غنية بكل الطاقات والإمكانيات، لكن الذي ينقصنا هو الإدارة الفاعلة.. والسبب الوحيد أننا نعتمد في كل مشاريعنا التنموية على القرارات القيادية، بمعنى أنه لا يوجد توازن بين إرادة الشعوب وإرادة القيادات. ولو حدث مثل هذا الانسجام، لتحققت لنا حالة من التوازن النادر المتميز، والأمر ليس فيه مستحيل، لكنه سهل التحقيق ممتنع لآلية التفعيل.. إلى أن يأتي شخص صاحب قرار يقتنع بتبني تفعيله.

وسؤالي موجه للأمانة العامة لدول مجلس التعاون: لماذا لا تصاغ مسودة قرار يقدم ضمن جدول أعمال أقرب اجتماع قمة.. تكون مسودة القرار موجهة لوزارات التجارة والصناعة ووزارات المالية الخليجية، للعمل على إنشاء شركة مساهمة خليجية مشتركة، تختص بصناعة المواد التي يتكرر تلفها واستبدالها بقطع الغيار. أعرف أن أسباب تعثر فكرة مثل هذا المشروع، أنها تتعارض مع مصالح الوكالات والمصانع الدولية التي تصدر هذه المنتجات لدول العالم المستهلكة، وعلى رأسها الدول الخليجية، لكنني على يقين أن تجارنا سيتناسون مصالحهم، إذا جاء القرار من القيادات.

وفي الختام.. لا ننسى أن لكل دولة خليجية مميزات ومعطيات في مجال الصناعة. ووجود مصنع خليجي مشترك.. يؤسس له فروعا في مختلف المدن الخليجية الصناعية.. لا شك أنه سيصبح نواة لتفعيل التكامل الصناعي الخليجي.. ومع الوقت سنجد لدينا قاعدة تعاون خليجي صناعي، يمكن التعويل عليها في المستقبل لمواجهة المدن الصناعية التي بدأت تغزونا من الشرق والغرب.

*كاتب ومحلل مالي