لندن: سياح الخليج الأطول بقاء.. والأكثر إنفاقا

مسؤول بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: الخليجيون أنفقوا 319 مليون دولار خلال شهرين

الخليجي ينفق أكثر من المتسوق البريطاني بنسبة 90%
TT

تثير سيدة خليجية ذهول المتسوقين لدى خروجها من قاعة الأطعمة في مركز «سيلفريدجز» التجاري وسط لندن حاملة 15 كيسا بمساعدة 3 من أقاربها وخادمتها، ثم تستقل سيارة كتب على لوحتها الخلفية: «السعودية» وتغادر.

وبالطبع يعتبر مشهد كهذا طبيعيا في ظل الحضور القوي للسياح الخليجيين الطاغي على صيف لندن، إلا أن عددهم أكثر هذا الصيف وبقاءهم أطول بعد أن لعبت 3 عوامل رئيسية دورها في ذلك: اعتدال الطقس، والتوترات الأمنية في الدول السياحية العربية، إلى جانب قرار حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة في فرنسا الذي أبعدها عن خارطة بعض الأثرياء المحافظين.

وارتفع عدد السياح الخليجين في المملكة المتحدة في الربع الأول من هذا العام، بحسب ما أكده لـ«الشرق الأوسط» ديفيد لسيلي المتحدث باسم وكالة السياحة المحلية البريطانية (VisitBritain)، مشيرا إلى أن عدد السعوديين القادمين إلى بريطانيا قفز بنسبة 17 في المائة مقارنة بعام 2010 فيما ارتفعت أعداد الإماراتيين بنسبة 36 في المائة.

وشكل السائح الخليجي هذا الصيف جزءا كبيرا في نمو القطاع السياحي الذي يدر 1.15 مليار جنية إسترليني على اقتصاد المملكة المتحدة. وقال جايس تيريل ممثل شركة «نيو ويست إند»، بأن سياح الخليج أنفقوا 200 مليون جنيه إسترليني خلال شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين على التسوق فقط. مقدرا حصة إنفاق الفرد الخليجي يوميا بنحو 1.800 جنية إسترليني. وقال تيرل الذي تمثل شركته 600 من تجار التجزئة في شارع «بوند» و«ريجنت» و«أكسفورد» بأن السعوديين هم أكثر إنفاقا على التسوق إلى جانب السائحين الكويتيين والإماراتيين، متفوقين بنسبة 90 في المائة عن إنفاق المتسوق البريطاني، مؤكدا دورهم في تنامي الإنفاق على التسوق الذي قفز 20% في السنوات الخمس الماضية.

هذا ودفع طول فصل الصيف الذي بدأ في مايو (أيار) وحتى هذا الوقت بالعائلات الخليجية إلى البقاء مدة أكثر في العاصمة البريطانية وسط ما يتمتع الأفراد في الخليج بأيام إجازات أكثر من الآخرين في دول العالم، خصوصا بين السياح السعوديين الذين قضى 4.5 مليون منهم الإجازة الصيفية في الخارج العام الماضي، أنفقوا خلالها أكثر من 20 مليار جنيه إسترليني، بحسب موقع المسح السياحي «TravelDailyNews».

ويعود ديفيد ليسلي ليؤكد أن 29.8 مليون سائح زاروا بريطانيا العام الماضي، شكّل الإماراتيون والسعوديون أكثر السياح القادمين من الشرق الأوسط زيارة إلى المملكة المتحدة بواقع 292 ألف سائح أنفقوا 502 مليون جنيه إسترليني.

وفي بهو فندق «سافوي» التقت «الشرق الأوسط» أيمن العنزي (19 سنة) القادم من مدينه الكويت الذي أوضح أنه يوجد في لندن منذ 54 يوما، قائلا «العائلة هربت من حرارة الطقس في الكويت. حتى إننا قضينا رمضان هنا، خصوصا أن حالة الوالدة الصحية لا تحتمل الصيام وسط 49 درجة مئوية».

وفي حقيقة الأمر لم تعد السياحة في لندن وسيلة للهرب من حرارة الطقس والاسترخاء، بل أصبحت علامة من علامات الترف الاقتصادي والتباهي، تصورها جولة قصيرة في منطقة «نايست بريدج» الواقعة خلف متجر «هارودز» الشهير أو شارع «بيكاليلي» إذ يطغى على بعض الزوار الخليجيين الترف من خلال ما يرتدونه من زي أو الساعات التي تتبع ماركات عالمية. ويفضل هؤلاء التردد على أحياء راقية وتناول القهوة أو العشاء. حتى أصبحت هذه المناطق بؤرة للسياح الخليجين المعروفين بأسمائهم أو بألقاب عائلاتهم، حيث يجلس هؤلاء كنجوم يتسامرون ويسترقون النظر إلى الآخرين.

ويعد تجار قطاع التجزئة والمطاعم أكثر المستفيدين من أسلوب سياحة الزائر الخليجي، الذي يتمحور حول التسوق وزيارة المطاعم لتذوق الحلوى وتناول المأكولات أو تدخين الشيشة، هذا ما يؤكده محمد البري مدير مقهى ومطعم وسط لندن، مشيرا إلى أنه ومما زاد هذا التوجه هو أن «الزوار الخليجيين في الغالب ينجذبون لنوعية الأماكن التي تتردد عليها العائلات الثرية أو الفنانون»، لافتا إلى أنه وما إن يظهر أحد المشاهير حتى يتسابقوا على تدوين ذلك عبر «البلاك بيري»، حينها وفي غضون دقائق يأتي فوج من الزوار مكتفين بالتفرج على الآخرين.

وفي «كافيه روج» تحدث محمد العلوان، أحد السياح السعوديين لـ«الشرق الأوسط» قائلا «في حقيقة الأمر أنا أكثر صلة للأقارب في لندن، حيث أجد عددا من زملاء العمل أو الأصدقاء بكثرة». من جانب آخر، وما أن تحين عطلة نهاية الأسبوع حتى تعج منطقة البيكادلي وكنغز رود بالسياح العرب الذين يقضون معظم ليالي الإجازة الأسبوعية في قيادة «فيراري» و«بوغاتي» و«لامبرغيني» وتحمل جميعها لوحات خليجية معظمها تم شحنها من السعودية وقطر والإمارات بأرقام مميزة جدا يزيد سعر بعض منها على 70 ألف جنيه إسترليني. ويمثل العلوان السياح السعوديين الذين يتجه 30 في المائة منهم سنويا إلى أوروبا وفق أرقام صدرت عن معرض الرياض للسفر والسياحة في مايو الماضي، ويقول الشاب (27 سنة): «بالفعل سيارات الخليجيين التي تهبط وتطلع في الشوارع لا يمكن تجاهلها. كل يحاول أن يثبت أنه الأكثر ثراء، شخصيا لا أرى أن ذلك مظهر حضاري، ولكنه سائد».

هذا ويلعب صيف لندن في التعارف بين العائلات والتقارب بزيجات في أحيان أخرى، لا سيما أن طبيعة الحياة الخليجية المحافظة لا تسمح بظهور النساء سوى بالزي الخليجي. وبسبب ذلك لا يكاد يخلو مركز تجاري من المتسوقات الخليجيات اللاتي يبدين اهتماما بالظهور بأزهى حلة، فيوجدن غالبا بجانب الساعات الفاخرة وحقائب المصممين العالمين بعد وصول التخفيضات في شهري يوليو وأغسطس لأكثر من 50 في المائة. وفي متجر هارودز الشهير في لندن، الذي اشترته هيئة الاستثمار القطرية في مايو من العام الماضي من رجل الأعمال المصري محمد الفايد بمبلغ 1.5 مليار جنيه إسترليني، قالت مريم عبد الجبار التي كانت تتسوق مع مجموعة من قريباتها: «أبحث عن حقيبة للمناسبات.. أحب الماركات البريطانية كـ(بيربري) و(ليز كوكس)». ومنذ عام 2010 أصبحت بريطانيا الخيار الأول للسياحة للسعوديين على مستوى الدول الأوروبية، بعد أن تصدرت فرنسا ذلك حتى عام 2008. وأصدرت السفارة البريطانية تأشيرات سياحية للسعوديين أكثر من العام الماضي بمقدار الثلث بحسب ما أورده تقرير صحيفة «الفاينانشيال تايمز» في يوليو الماضي.

وحول ما إذا كان حظر ارتداء النقاب في فرنسا كان سببا في اتجاهها إلى لندن، قالت مريم ضاحكة: «ما زال بالإمكان شراء العطور الفرنسية من لندن».

هذا من جانب أما من جانب آخر، تعزز موقع لندن كوجهة سياحية مؤخرا بسبب الوضع الأمني في الدول العربية التي كانت ملاذا سياحيا للأقل ثراء، وخصوصا مصر وسوريا.

حقائق وأرقام:

- زار بريطانيا 29.8 مليون سائح في 2010 - 790 ألف زائر من الشرق الأوسط أنفقوا 101 مليار جنية إسترليني - 213 ألفا من دولة الإمارات أنفقوا 312 مليون إسترليني - 79 ألف سائح من السعودية أنفقوا 195 مليون جنيه إسترليني - ارتفع عدد الزائرين من السعودية في الربع الأول من 2011 إلى 17% عن عام 2010 - ارتفع عدد الزائرين من الإمارات في الربع الأول من 2011 إلى 36% عن عام 2010