مصارف عربية تعد لوائحها للتوافق مع قانون الالتزام الضريبي لملاحقة حسابات الأميركيين

خبير: هدفه المعلن مكافحة التهرب الضريبي ويبدأ تطبيقه مطلع 2013

TT

بدأت أغلب المصارف العربية، ومن بينها المصارف اللبنانية، النظر في إعداد لوائحها وبرامجها التقنية للتوافق مع القانون الأميركي الجديد الخاص بالالتزام الضريبي للحسابات الأجنبية (Foreign Account Tax Compliance Act – FATCA) والذي يتيح للسلطات الأميركية الاطلاع على حسابات الأميركيين وحاملي الجنسية الأميركية في كل مصارف العالم. وعلمت «الشرق الأوسط» أن شركات محاسبة وتدقيق عالمية، باشرت قبل فترة وجيزة، وبعلم حاكمية البنك المركزي، إطلاع كبار مسؤولي المصارف اللبنانية على مضمون القانون وحيثياته، والمحاذير التي يمكن أن تترتب على التهرب من تطبيقه أو عدم الالتزام بمقتضياته، خصوصا لجهة قدرة السلطات المالية الأميركية على اتخاذ إجراءات عقابية من شأنها التضييق على العمليات الخارجية للبنوك، بما يتماهى مع التجربة المرة التي عاناها البنك اللبناني الكندي تحت وطأة اتهامه بتسهيل عمليات غسل أموال، مما دفع بمساهميه إلى بيعه بالكامل لصالح بنك «سوسيتيه جنرال في لبنان» المملوك جزئيا (نحو 19 في المائة) من بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي.

وفي هذا الإطار، يقول رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزيف طربيه، إن السلطات الأميركية تصنف التهرب الضريبي من ضمن الاستهدافات التي تسعى إدارة الضرائب لمكافحته، وإدراجه ضمن الحرب على الأموال غير المشروعة، مما يتطلب تعاونا دوليا تسعى لتعميمه على المجتمع المالي الدولي.

أضاف: «إن قانون (FATCA)، الذي سيباشر العمل في تطبيقه بدءا من مطلع عام 2013، يفرض على جميع الشركات المالية العالمية إبلاغ مصلحة ضريبة الدخل الأميركية بتفاصيل أي عملاء لهم علاقة بالولايات المتحدة الأميركية تزيد حساباتهم على 50 ألف دولار، وستطالب هذه المصلحة بإجراء مسح إلكتروني لعملائها حتى تحدد الأشخاص الذين يملكون مثل هذه الحسابات وتتابعهم».

وأوضح: «رغم أن هذا القانون قد أثار حفيظة بعض المسؤولين في الشركات المالية في بلدان مثل أستراليا وكندا وهونغ كونغ وسنغافورة ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها، ورغم أن تنفيذ الإجراءات المتعلقة بالقانون قد تكون مكلفة من الناحية المالية، ورغم أن القواعد الضريبية الأميركية الجديدة قد تخالف قوانين الخصوصية المعمول بها داخل بلدان كثيرة وقد شبهها البعض بأنه تجنيد المؤسسات المالية من مختلف أنحاء العالم لتكون أسلحة في أيدي السلطات الضريبية الأميركية، فإن مصلحة ضريبة الدخل الأميركية تعتبر أن تنفيذ هذه الإجراءات يخدم هدفا مشروعا هو مكافحة الغش الضريبي وهو ضروري لحماية مصلحة الخزينة الأميركية، وممكن التطبيق نظرا للقدرة اللوجستية والرقابية للإدارة الأميركية وحجم دورها في السوق المالية العالمية».

وقال طربيه: «هذا الموضوع هو محور ورشة عمل ننظمها حاليا في بيروت بمشاركة مندوبين عن مصارف لبنانية وعربية، وسيتم نقاش لنقف على آخر المستجدات في مجال عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي أصبحت من أهم نشاطات الجريمة المنظمة، وهي تشكل قوة اقتصادية يستطيع أطرافها بسطوتهم المالية إفساد حكومات ومجتمعات بأكملها نتيجة للسيطرة على أموال ضخمة، واستخدام آليات العمولة والرشوة والإفساد وسيلة لتمرير الأعمال غير الشرعية، لا بل أصبح هنالك العديد من النظم المالية تعتمد على ذلك المال القذر الوارد من إيراد المخدرات والمشروعات الإجرامية، الذي يستخدم في تمويل أنشطة أخرى كالسياحة والفنادق والمصارف وغيرها. مما يساعد خلايا الإجرام في ممارسة أعمال لها تأثير مهم في قطاعات الاقتصاد الرئيسية».

وقال: «لقد انتشرت جريمة غسل الأموال بشكل واسع وأصبحت ظاهرة تؤخذ في الحسبان لما لها من تأثير على اقتصاديات الدول، وأصبحت جميع البلدان عرضة لعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث أصبحنا أمام تحد كبير في هذا المجال، يدفعنا إلى البحث عن الوسائل الناجمة للمساعدة على كشف هذه العمليات والحد من تطورها وانتشارها باعتبار أن المرتكبين هم في سعي دائم للبحث عن البلدان التي لا تتوفر لديها أنظمة حماية فعالة تكون عرضة للخرق من دون إثارة الشكوك والتساؤلات. والمصارف تعتبر إحدى ساحات الحرب على غسل الأموال، وهذا الواقع يتطلب منا اهتماما خاصا يستدعي إيجاد الأجهزة وإجراءات المساعدة في الحرب الدولية على هذه الآفة، والأموال التي تغذيها. وأن المصارف مطالبة بالحذر والتعاون في مسألة اللوائح التي تردها من المرجعيات الأمنية الدولية، في شأن حسابات يشتبه في علاقتها بهذا الموضوع».