هل ستنجح خطة أوباما لتحفيز الاقتصاد الأميركي المتعثر؟

قيمتها 450 مليار دولار وتشمل إيجاد وظائف لمعالجة البطالة التي قفزت إلى 9.1%

TT

جاءت ردود الفعل على خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما سريعة في أعقاب خطابه أمام الكونغرس، فقال جون بونر رئيس مجلس النواب (جمهوري عن ولاية أوهايو): «إن مقترحات الرئيس المذكورة تستحق الدراسة، ونحن نأمل أن يأخذ الرئيس أفكارنا أيضا بجدية، ويحدوني الأمل أن نتمكن من العمل معا».

وحاول بونر بتصريحه ألا يبدو معارضا لأفكار أوباما التي طرحها لإصلاح الاقتصاد وخلق وظائف وإجراء تخفيضات ضريبية على الشركات الصغيرة التي تقوم بتوظيف عمالة. وأرسل عدد من قادة الكونغرس الجمهوريين إشارات وتصريحات أنهم على استعداد لإيجاد أرضية مشتركة بشأن خطة لتحقيق نهوض اقتصادي.

ورفضت النائبة الجمهورية ميشيل باكمان (المرشحة السابقة للرئاسة) الكثير من خطاب أوباما وقالت «إنه لم يأت بشيء جديد، ولم يقدم حلولا لارتفاع معدلات البطالة» واعتبرت خطاب أوباما «حيلة مؤقتة» وانتقدت وصفه للمفاوضات مع الكونغرس بأنها كانت سيركا سياسيا، وأكدت أن الحكومة لا تقدر على خلق وظائف وأن السوق الحرة وتشجيع الاستثمارات الجديدة هو الذي يؤدي إلى خلق وظائف.

وقال النائب الجمهوري عن ولاية ميتشغان بيل كورني «إن إجبار الأميركيين على الاختيار بين الرعاية الصحية وإيجاد فرصة عمل غير وارد، وإن أميركا تحتاج إلى استثمارات ضخمة في الوظائف الحكومية، ونحن لا يمكن أن نشكو من نقص التمويل والضمان الاجتماعي ثم نفعل أشياء إضافية لمواصلة ذلك». وقال السيناتور عن ولاية أوريغون روب بورتمان «إن الخطب الجيدة والمزيد من الإنفاق لن تؤدي إلى حصول الأميركيين على فرص عمل».

في المقابل رحبت النقابات العمالية بخطاب ومقترحات أوباما وقال رئيس اتحاد العمال ريتشارد ترومكا الذي جلس إلى جوار ميشيل أوباما في الكونغرس «إنني أؤيد هذه الخطة ويبدو أن الرئيس أوباما على استعداد للذهاب إلى أبعد مدى لخلق فرص عمل جديدة على نطاق كبير».

ويخوض أوباما معركة شرسة لكسب تأييد الجمهوريين لتمرير خطته لخلق الوظائف التي تتكلف 447 مليار دولار. وقد وضعت إدارة أوباما المقترحات بعناية لترجح كفة تخفيض الضرائب المفروضة على العمال والشركات وبالتالي مناشدة واستمالة الناخبين من الطبقة المتوسطة لتأييد خطته، وقام أوباما يوم الجمعة بزيارة إلى ولاية فرجينيا لكسب التأييد وحشد الدعم الشعبي للضغط على الجمهوريين لقبول خطته رغم معارضة الجمهوريين الشديدة لمعظم أفكاره.

ويرى البيت الأبيض في الخطة التي تحتوي على مزيج من التخفيضات الضريبية والإنفاق على مشروعات لبناء الطرق والجسور والمباني المدرسية أفضل حل لمعدلات البطالة التي وصلت إلى 9.1% مما يهدد مستقبل الرئيس الأميركي وآماله في إعادة انتخابه العام القادم.

وقد أثارت أرقام البطالة والبيانات الاقتصادية مخاوف من انزلاق الاقتصاد الأميركي إلى مرحلة ركود، وأدت المشاكل الاقتصادية إلى تراجع شعبية أوباما إلى مستوى منخفض. ويدرك الجمهوريون أنهم قد يعانون من تداعيات سياسية إذا نجح أوباما في تصويرهم أنهم السبب في عرقلة جهود إنعاش الاقتصاد وعرقلة حل مشكلة خلق الوظائف.

وطلب الرئيس الأميركي باراك أوباما من الكونغرس الموافقة على حزمة وظائف بقيمة 450 مليار دولار في كلمة ألقاها في وقت متأخر أمس الخميس محددا اقتراحاته لتحفيز التوظيف «وتحريك» الاقتصاد المتباطئ.

جاء في صدارة الإجراءات اقتراح بخفض مؤقت بمقدار النصف لضريبة الأجور البالغة 6.2% والتي تدفع لبرنامج الضمان الاجتماعي الوطني. وسيجد كل العمال تحقيق زيادة في أجورهم بمقدار 1500 دولار سنويا للأسرة في المتوسط، بينما سيتمتع أرباب العمل بمدخرات تستهدف بشكل غير متناسب الشركات الصغيرة.

قال أوباما إن «الغرض من ميثاق الوظائف الأميركي هو ببساطة: إعادة المزيد من الناس إلى العمل ووضع المزيد من الأموال في جيوب أولئك العاملين».

وسيتم بشكل مؤقت إعفاء الشركات من دفع ضريبة الأجور على العمالة الحديثة أو على زيادة الأجور للموظفين الحاليين وذلك بطريقة تم تصميمها لصالح الشركات الصغيرة.

كما أن الإجراء الآخر هو تقديم ائتمان ضريبي إضافي عندما يقوم أرباب العمل بتوظيف الأشخاص العاطلين عن العمل لأكثر من 6 أشهر.

أضاف أوباما أن «كل شخص هنا يعرف أن الشركات الصغيرة توجد حيث تبدأ معظم الوظائف الجديدة».

وبلغ معدل البطالة الأميركي 9.1% في أغسطس (آب) مع عدم تحقيق أي نمو في الوظائف وفقا لبيانات الحكومة.

قال أوباما للكونغرس إن «(الإجراء) سيقدم هزة للاقتصاد الذي توقف ويعطي الثقة للشركات بأنه إذا قامت بالاستثمار والتوظيف، سيكون هناك مستهلكون لشراء منتجاتها وخدماتها... ينبغي أن توافقوا على خطة الوظائف هذه حالا».

يشمل اقتراح أوباما توفير مبلغ 50 مليار دولار للإنفاق الفوري على مشروعات الطرق السريعة والسكك الحديدية والطيران وأموال أخرى لتحديث الأبنية التعليمية العامة.

وستقدم إجراءات أخرى مزايا ضريبية للشركات التي تستثمر في معدات جديدة وتشجع في توظيف العاطلين عن العمل مدة طويلة. كما سيجري أوباما تعديلا على نظام التأمين ضد البطالة بحيث يجعله أيسر على العمال للانتقال إلى وظائف جديدة.

واقترح مساعدة الولايات التي تعاني من سيولة نقدية والحكومات المحلية في منع تسريح أو إعادة عمل المدرسين ورجال المطافئ والشرطة المسرحين.

قال أوباما إن «الدافع لانتعاشنا في نهاية المطاف لن يكون من جانب واشنطن وإنما من جانب شركاتنا وعمالنا. لكننا نستطيع المساعدة». وقال إننا «نستطيع تحقيق اختلاف. هذه هي الخطوات التي يمكن أن نتخذها بشكل فوري لتحسين حياة الشعب».

عقدت الجلسة المشتركة في مجلس النواب الأميركي حيث يتمتع الجمهوريون المحافظون من المعارضة بالأغلبية.

كان الجمهوريون عارضوا بقوة هذا العام اقتراحات بالإنفاق فيما سعوا إلى تحقيق خفض غير مسبوق في الميزانية كرد فعل على العجز الاتحادي القياسي.

وقال أوباما إن «هناك شيئا آخر أريد أن يعرفه الشعب الأميركي هو أن ميثاق الوظائف الأميركي لن يزيد العجز».

كان أوباما والكونغرس اتفقا مطلع أغسطس على خفض الإنفاق بمقدار تريليون دولار خلال السنوات العشر القادمة إضافة إلى إجراء يتطلب خفض العجز بمقدار آخر يبلغ 1.5 تريليون دولار.

اقترح الرئيس الأميركي تكليف لجنة الكونغرس الخاصة بوضع الإجراء الثاني لخفض العجز، بخفض الإنفاق وزيادة الإيرادات الضريبية بالبحث عن أموال إضافية لتغطية اقتراحه بشأن الوظائف.

ووعد أوباما أكثر من ذلك بأن يعلن عن «خطته الأكثر طموحا بشأن العجز» في 19 سبتمبر (أيلول) الجاري، بحيث تغطي كل إجراءاته للوظائف وتحقيق «استقرار لديوننا على الأجل الطويل».

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية على خلاف الممارسة المعتادة بعد كل كلمة رئاسية، رفض الجمهوريون اختيار واحد منهم لتقديم رد رسمي على كلمة أوباما.

أشار إيريك كانتور عضو الكونغرس عن ولاية فيرجينيا وثاني أكبر شخصية في قيادة الجمهوريين بمجلس النواب إلى أن إصلاحات التأمين ضد البطالة وتيسير الضرائب للشركات الصغيرة وتبسيط اللوائح الحكومية هي مجالات يمكن الاتفاق عليها وذلك في رسالة قصيرة على موقع «تويتر» للتدوين المصغر الليلة الماضية.

وكتب كانتور قائلا إن «هناك بالتأكيد أهدافا حددها الرئيس نستطيع العمل معه بشأنها... ينبغي أن نعمل سريعا لتجاوز المجالات التي اتفقنا عليها».