الحكومة المغربية تتجه إلى اعتماد موازنة تقشف

تعتزم ضغط النفقات مع رفع الاستثمار الحكومي إلى 22 مليار دولار

البنك المركزي المغربي
TT

وضعت الحكومة المغربية عنصري التقشف والسرعة في الإعداد، على رأس أولويات موازنة العام المقبل، التي قدم صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، خطوطها العريضة خلال اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس برئاسة الملك.

وأشار مزوار إلى أن الموازنة، التي تم إعدادها في سياق اقتصادي صعب بسبب استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية، وأزمة مديونية الدول المصنعة، وضعف آفاق نمو الاقتصاد الأوروبي، وتقلب أسعار الأسواق الدولية، تهدف إلى دعم مكاسب العامين الماضيين من خلال تحقيق نسبة نمو اقتصادي بمعدل 3.8%. وتهدف الموازنة إلى حصر عجز الميزانية في 4% ومعدل التضخم في 2%، على فرضية استقرار أسعار النفط في مائة دولار للبرميل. كما حددت الموازنة كهدف حصر نفقات دعم أسعار المواد الأساسية (الطاقة والسكر والزيت والدقيق) في حدود 3% من الناتج الداخلي الخام. كانت الحكومة قد حددت نسبة مماثلة كسقف لهذه النفقات في موازنة العام الحالي، غير أن الارتفاعات القوية لأسعار المواد الغذائية والطاقة في الأسواق العالمية جعلت هذه النفقات ترتفع إلى نسبة 6% من الناتج الداخلي الخام، الشيء الذي نتج عنه ارتفاع في عجز الموازنة بشكل غير متوقع.

وشكل ترشيد نمط عيش الإدارة وضغط النفقات، خاصة المرتبطة بحظيرة السيارات والبنايات والأسفار والمؤتمرات واستهلاك الماء والكهرباء والاتصالات، بالإضافة إلى تخفيض نفقات الإيواء والفندقة ومصاريف الاستقبال وترشيد نفقات الدراسات، مع الحرص على ضبط التوظيفات الجديدة في الحدود الدنيا، أبرز توجهات الموازنة الجديدة.

في المقابل، حافظت الحكومة على وتيرة الاستثمارات الحكومية من خلال رفع مستوى مخصصاتها بنسبة 4.8% لتصل إلى مستوى 176 مليار درهم (22 مليار دولار). وذلك بهدف الحفاظ على مستوى التشغيل من خلال مواصلة المشاريع الكبرى في مجال البنى التحتية.

ومن أبرز مستجدات الموازنة الجديدة إحداث صندوق التضامن الاجتماعي الموجه للفئات الاجتماعية المعوزة، الذي سيتدخل لصالح هذه الفئات من خلال ثلاثة برامج، الأول موجه لدعم التعليم، والثاني للتأمين الصحي، والثالث مخصص لدعم سكان المناطق الجبلية. ويرتقب أن يسهم هذا الصندوق في التخفيف من عبء صندوق دعم الأسعار الداخلية، من خلال التحول من سياسة دعم شامل للأسعار إلى سياسة استهداف فئات اجتماعية معينة بالدعم الحكومي في المجال الاجتماعي.

كما سيتم إنشاء صندوق التضامن الإقليمي، وذلك في إطار تنفيذ السياسة الجديدة للجهوية الموسعة (الحكم اللامركزي) التي ستنعكس على بنية الموازنة الجديدة التي ستتفرع لأول مرة إلى موازنات إقليمية.

وبالإضافة إلى الضغوط الموضوعية الناتجة عن تداعيات الأزمة العالمية، تواجه الحكومة في إعداد الموازنة الجديدة ضغط الزمن بسبب اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة الذي حدد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتسارع الحكومة الزمن من أجل الوصول إلى التصويت على الموازنة الجديدة في مجلس النواب قبل 8 نوفمبر، لتمكين النواب والوزراء للتفرغ لحملاتهم الانتخابية التي ستبدأ يوم 10 نوفمبر. وتشكل هذه الآجال رهانا حقيقيا بالنسبة للحكومة؛ إذ إن القانون لا يسمح بطرح الموازنة على دورة استثنائية للبرلمان، وبالتالي يجب انتظار انطلاق الدورة العادية لمجلس النواب في 14 أكتوبر (تشرين الأول)، أي أن البرلمان لن يتوافر سوى على 25 يوما لدراسة ومناقشة الموازنة الجديدة والمصادقة عليها.

في هذا السياق، دعت وزارة المالية والاقتصاد في مذكرة موجهة للشركات والمؤسسات العمومية إلى التسريع في إعداد موازناتها واقتراحاتها عبر تكثيف الاجتماعات المخصصة لذلك مع ممثلي وزارة المالية. وطالبت الوزارة الشركات والمؤسسات الحكومية بإتمام وضع موازناتها قبل 30 أكتوبر، وتقديم اقتراحاتها والجدولة الزمنية لاعتماد هذه الموازنات من طرف مجالسها الإدارية للوزارة قبل 15 أكتوبر.