البنوك الفرنسية في عين الإعصار رغم تطمينات الحكومة

الأسهم الأوروبية تهوي إلى أدنى مستوى في عامين مع تزايد القلق بشأن اليونان وإيطاليا

شعارات 3 بنوك فرنسية: «بي إن بي باريبا» و«سوسيتيه جنرال» و«كريدي أغريكول» (أ.ف.ب)
TT

هوت الأسهم الأوروبية إلى أدنى مستوى في عامين أمس الاثنين مع تزايد المخاوف بشأن احتمال تأخر اليونان في سداد ديون فضلا عن القلق عقب زيادة في عوائد السندات الإيطالية في مزاد مما دفع المستثمرين للتخلص من الأسهم بصورة عامة.

وأغلق مؤشر يوروفرست 300 للأسهم الأوروبية الكبرى منخفضا 2.5 في المائة حسب بيانات اولية إلى 892.46 نقطة.

وفقد سهم بي.إن.بي باريبا الفرنسي 12 في المائة من قيمته مع قلق المستثمرين بشأن تعرض بنوك إيطاليا لأزمة عقب مزاد لسندات الخزانة الإيطالية ارتفعت فيه العوائد إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات فوق أربعة في المائة من 2.96 في المائة في مزاد قبل شهر.

وقال ديفيد تيبولت رئيس تداول المبيعات الكمية بشركة الوساطة الفرنسية «جلوبال اكويتيز»: «الخوف يتجاوز اليونان بكثير. ارتفعت العوائد في مزاد سندات الخزانة الإيطالية اليوم مما يشير إلى أن العدوى حقيقية».

وتضررت أسهم البنوك الفرنسية أيضا من التوقعات المتزايدة بخفض التصنيف الائتماني من جانب وكالة موديز.

وقالت مصادر عدة يوم السبت إن بنوك بي.ان.بي باريبا وسوسيتيه جنرال وكريدي اجريكول تتوقع قرارا «وشيكا» من الوكالة التي كانت وضعتهم يوم 15 يونيو (حزيران) الماضي تحت المراجعة لاحتمال خفض التصنيف. وهوت أسهم البنوك الفرنسية بشكل كبير أمس الاثنين رغم تطمينات من الحكومة الفرنسية والبنك المركزي بأن بنوك البلاد يمكن أن تصمد أمام الأزمة اليونانية.

خسر سوسيتيه جنرال الذي ينظر إليه بأنه الأكثر تأثرا بالوضع هناك، أكثر من نصف قيمته منذ بداية يوليو (تموز).

جاءت عملية البيع عقب شائعات انتشرت الأحد من أن وكالة موديز للتصنيف الائتماني تستعد لخفض تصنيف البنوك لانكشافها على الديون السيادية لليونان وإيطاليا على وجه الخصوص.

وفي محاولة لطمأنة الأسواق من جديد بشأن سيولتها النقدية، أعلن سوسيتيه جنرال Hls أنه سيقوم بتسييل رؤوس أموال بقيمة أربعة مليارات يورو (5.5 مليار دولار) عبر بيع أصول.

وتعد البنوك الفرنسية أكثر البنوك انكشافا على الديون السيادية لليونان وأيضا أكبر حامل للسندات الإيطالية.

وبحسب «رويترز» أدت المخاوف الفرنسية بشأن الملاءة المالية لليونان إلى تكهنات إعلامية بأن فرنسا قد تضطر إلى تأميم جزئي لبنوكها. ورفض وزير الصناعة إيريك بيسون التكهنات ووصفها بأنها «سابقة لأوانها تماما»، مشيرا إلى أن البنوك الفرنسية تخطت في الآونة الأخيرة اختبارات التحمل للاتحاد الأوروبي. وأكد محافظ البنك المركزي كريستيان نوير أنه «أيا كان السيناريو اليوناني وأيا كانت التدابير التي يجب القيام بها، فالبنوك الفرنسية لديها الوسائل لمواجهة ذلك».

وكان بنك سوسيتيه جنرال أعلن أمس الاثنين أنه سيخفض التكاليف ويبيع أصولا لتوفير رأسمال جديد قدره أربعة مليارات يورو لكن الخطوة المفاجئة فشلت في وضع حد لموجة بيع أسهم البنوك الفرنسية التي تحركها مخاوف من تخلف اليونان عن سداد ديونها.

وأثار الهبوط المتسارع لأسهم البنوك الفرنسية منذ بداية الصيف تكهنات بأن فرنسا قد تضطر للتدخل وإعادة رسملة بنوكها على غرار ما فعلته الحكومة البريطانية وحكومات أخرى خلال الموجة الأولى من الأزمة المالية.

وجاء سهم بي.إن.بي باريبا في صدارة الخاسرين إذ هوى سهمه 13.5 في المائة بينما هبط كل من سهمي سوسيتيه جنرال وكريدي أجريكول أكثر من تسعة في المائة بحلول الساعة 12:24 بتوقيت غرينتش. ويجري تداول هذه الأسهم عند مستويات لم يسبق لها مثيل منذ أوائل 2009 تقريبا حين ساد الركود معظم دول العالم المتقدم.

ورغم أن فريدريك أوديا الرئيس التنفيذي لسوسيتيه جنرال وعد بمبيعات أصول أخرى وبتخفيضات في التكاليف وفي أعداد الموظفين في محاولة لمواجهة ما وصفه بالتقلب الشديد في الأسواق المالية إلا أن بعض المستثمرين قالوا إن هذا لا يمثل أهمية كبيرة في السياق الحالي.

وقال محلل مصرفي في لندن «إنها تبدو كأجواء 2008 و2009.. السوق تأخذ في حساباتها بشكل متزايد الحاجة إلى تدخل الحكومة الفرنسية.. السؤال هو.. هل سيكون ذلك من خلال التأميم أم من خلال ضخ أسهم..».

وأصر محافظ البنك المركزي الفرنسي كريستيان نوير أمس على أن البنوك الفرنسية ليست لديها مشكلات في السيولة أو في الملاءة الائتمانية وقد تتحمل أي أزمة تتعلق باليونان.

وخلال مؤتمر عبر الهاتف تم تنظيمه على عجل لإعلان مبيعات الأصول الجديدة قال أوديا الرئيس التنفيذي لسوسيتيه جنرال إن البنوك الفرنسية «متينة» وإنه ليست هناك محادثات جارية بشأن تدخل محتمل للدولة.

وقال أوديا للصحافيين «هناك توتر وتقلب شديد في الأسواق المالية».

وذكر أن البنك سيبيع أصولا في أقسام إدارة الأصول والخدمات المالية المتخصصة بشكل رئيسي لجمع رأسمال بقيمة أربعة مليارات يورو بحلول 2013 وسيقلص أنشطة التمويل التي لم تكن عالية الربحية.

وقال أوديا إنه لن يتجاوز رقم الأربعة مليارات.

وذكر الرئيس التنفيذي أن البنك سيخفض عدد موظفيه في دول من بينها مصر وأنه لن يبيع أصولا تتجاوز الأربعة مليارات يورو. وقال إن البنك يعتزم تقليص الوظائف في روسيا ورومانيا وبولندا بالإضافة إلى مصر. وقال مسؤول بالبنك في القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن البنك الرئيسي لم يطلب منه تخفيض أعداد الموظفين أو تقليص حجم استثماراته، مستبعدا تقليص عدد الموظفين في مصرف خاصة في ظل نتائج الأعمال الجيدة في ظل الظروف التي تحيط بالاقتصاد العالمي.

وحقق البنك الأهلي سوستيه جنرال - مصر أرباحا بلغت 733.2 مليون جنيه (123 مليون دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري بنمو قدره 8.4% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.