بريطانيا تسعى لتطبيق إصلاحات «صارمة» في النظام المصرفي

أسهُم البنوك تواجه خسائر فادحة

مقر سوق لندن للأوراق المالية («الشرق الأوسط»)
TT

تواجه البنوك البريطانية مجموعة من اللوائح الأكثر صرامة في العالم في إطار إصلاحات أعلنت أمس وتتضمن عزل أنشطة إقراض الأفراد والاحتفاظ بمليارات من رأس المال الإضافي بتكلفة تصل إلى سبعة مليارات جنيه إسترليني (11 مليار دولار).

وقال وزير المالية جورج أوزبورن إنه سيستعجل تشريعا يقوم على أساس هذه المقترحات التي تهدف إلى تجنب تكرار الأزمة المالية التي دفعت الحكومة لإنقاذ اثنين من أكبر البنوك البريطانية هما لويدز ورويال بنك أوف اسكوتلند بضخ مبالغ ضخمة.

وقالت جين كوفي وهي مديرة صندوق في رويال لندن لإدارة الأصول: «نحن في طريقنا للاقتداء بالسويسريين الذين لديهم أكثر النظم الرأسمالية مشقة». وأضافت: «قد لا يستعيد هذا ثقة المساهمين لكنه سيستعيد ثقة حملة السندات».

وأصرت اللجنة المستقلة بشأن البنوك في تقريرها النهائي أن تحتفظ البنوك برأسمال أساسي لا يقل عن 10 في المائة في عمليات التجزئة المحلية. وحددت اللجنة أيضا معيارا أعلى من الإصلاحات الأوروبية الأخرى، إذ أوصت بأن تحتفظ البنوك برأسمال أولي لامتصاص الخسائر تتراوح نسبته بين 17 و20 في المائة، وهو مستوى لا تعتزم فرضه إلا سويسرا.

في المقابل تفرض اللوائح العالمية الجديدة التي من المقرر تطبيقها في 2019 على البنوك الاحتفاظ برأسمال عالي الجودة بنسبة لا تقل عن سبعة في المائة، وقد تصل إلى 9.5 في المائة للبنوك الكبرى.

وقدرت اللجنة المستقلة التكلفة السنوية لمقترحاتها على البنوك البريطانية قبل الضريبة بما بين أربعة وسبعة مليارات إسترليني، وأوصت بإتمام الإصلاحات بحلول 2019 لأخذ المناخ الاقتصادي الراهن في الحسبان. ورحبت الحكومة البريطانية بالتقرير قائلة إنه سيساعد على تقوية الاقتصاد وحماية دافعي الضرائب.

وقال أوزبورن: «جون فيكرز، رئيس اللجنة، حدد جدولا زمنيا وأنوي الالتزام بجدوله. هو يقترح تطبيق كل هذه التغييرات بنهاية العقد الحالي». وأضاف: «الأمر ينطوي على كثير من التحديات ولهذا سيستغرق وقتا.. لكن دعونا نقر التشريع في البرلمان الحالي».

وتشكل البنوك البريطانية مجموعة ضغط قوية، إذ إن قطاع الخدمات المالية يساهم بنحو عشرة في المائة من الاقتصاد البريطاني. وقاومت البنوك الأربعة الكبرى في بريطانيا، وهي: باركليز وإتش إس بي سي ولويدز ورويال بنك أوف اسكوتلند، بشدة فرض أي لوائح جديدة شديدة الصرامة فوق إصلاحات الاتحاد الأوروبي والإصلاحات العالمية التي ستجبرها على زيادة رأس المال.

وستحد هذه المقترحات من قدرة البنوك على استخدام الأموال من أذرع التجزئة المصرفية لتمويل الأنشطة المصرفية الاستثمارية مما سيرفع تكلفة التمويل، ومن المرجح أن يؤثر سلبا على أرباحها ويزيد من صعوبة إقراض الشركات.

وهوت أسهم باركليز ولويدز ورويال بنك أوف اسكوتلند 4.8 في المائة بينما تراجع إتش إس بي سي 1.6 في المائة وسط خسائر مماثلة في أنحاء أوروبا. وهبط مؤشر البنوك الأوروبية الأوسع نطاقا 3.8 في المائة.

وتريد اللجنة المستقلة أن تضع البنوك سياجا عازلا حول عمليات التجزئة المصرفية الأساسية، ويجب أن تكون ودائع المستهلكين وقروض الشركات الصغيرة داخل هذا السياج، لكن البنوك ستتمتع بالمرونة في تحديد العناصر الأخرى التي سيجري عزلها. ومن المرجح عزل أصول بقيمة تتراوح بين تريليون وتريليوني إسترليني.

وقال اتحاد الصناعة البريطاني أمس إن خطط عزل عمليات التجزئة المصرفية قد تضر بالاقتصاد وإن الإجراءات التي اقترحتها اللجنة المستقلة بشأن البنوك لحملها على زيادة رأسمالها لا تتسق مع الإجراءات الدولية.

ونشرت اللجنة المستقلة تقريرا نهائيا أمس يوصي بأن تعزل البنوك عمليات التجزئة المصرفية عن الأنشطة المصرفية الاستثمارية عالية المخاطر لحماية دافعي الضرائب من أي أزمات مستقبلية، وبأن تحتفظ البنوك برأسمال أساسي لا يقل عن عشرة في المائة في عمليات التجزئة المحلية.

وقال نيل بنتلي نائب المدير العام للاتحاد الصناعي البريطاني في بيان: «بريطانيا تعمل بشكل منفرد في مسألة العزل، لذلك لا بد أن تدرس الحكومة بشكل صارم كيف ومتى تطبق هذه المقترحات وإلا فإنها قد تضر الشركات وتعرض النمو للخطر». وأضاف: «المقترحات المتعلقة بمتطلبات رأس المال لا تتسق مع الإجراءات الحالية التي تم الاتفاق عليها دوليا، لذلك فإنها سترفع تكلفة الإقراض على الشركات البريطانية وتجعلها في موقف صعب مقارنة بالمنافسين الأجانب».

وتبلغ الأصول الإجمالية للبنوك البريطانية ستة تريليونات إسترليني، أي أربعة أمثال الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا. واضطرت الحكومة إلى تأميم اثنين من البنوك البريطانية هما رويال بنك أوف اسكوتلند ولويدز جزئيا بعد الأزمة المالية، وتأميم بنك نورذرن روك كليا. ونتيجة لذلك شكلت الحكومة التي تملك الآن حصة 83 في المائة في رويال بنك أوف اسكوتلند و41 في المائة في لويدز اللجنة المستقلة بشأن البنوك العام الماضي للبحث عن طرق تضمن أن لا يتحمل دافع الضرائب عبء إنقاذ بنوك أخرى في حالة حدوث أي أزمات مستقبلا.