البنوك المصرية تكشف عن حسابات الجمعيات المدنية والسياسية

مصدر مطلع: بعض الجماعات تلقت أموالا لم يتضح السبب وراء إرسالها

TT

كشفت مصادر مصرفية رفيعة المستوي بالجهاز المصرفي المصري، لـ«الشرق الأوسط»، عن إرسال البنوك العاملة في السوق المصرية البالغة 39 بنكا، بيانات تتعلق بالأموال التي تلقتها جمعيات المجتمع المدني والنشاط السياسي من الخارج، في الشهور الماضية التي أعقبت ثورة 25 يناير، بناء على طلب الأجهزة الرقابية المختلفة في مصر قبل نحو شهر من الآن.

وقالت المصادر، التي رفضت الإفصاح عن هويتها، إن المعلومات المرسلة أكدت تلقي بعض الجمعيات أموالا لم يتضح السبب الحقيقي من إرسالها، وهو الأمر المنافي لعمل المصارف داخل مصر، وتدخل تحت بند «الأموال غير الشرعية»، التي تعتبر إحدى الوسائل لـ«غسل الأموال» المجرمة في القانون المصري.

وأشارت المصادر إلى تنوع الجهات المرسلة لتلك الأموال، مشيرة إلى أن هيئة المعونة الأميركية على رأسها، حيث قامت بإرسال مليوني دولار لإحدى الجمعيات الحقوقية في الحساب الخاص برئيس تلك الجمعية، وعند طلب لجنة الالتزام بالبنك منه إرسال بيانات تؤكد سلامة موقفها القانوني رفض، مما جعل إدارة البنك تغلق حسابه الخاص بالبنك بعد عمل الإجراءات القانونية وإخطار البنك المركزي المصري. وقالت المصادر إن وزير العدل المصري، محمد عبد العزيز الجندي، ربما يكون اعتمد على تلك البيانات المرسلة من البنوك فيما قاله قبل يومين عن تلقيه تقريرا خطيرا بشأن تورط عدد من الدول في تقديم أموال تفوق التصور، وتقدر بالملايين من الجنيهات، لبعض الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، سواء المشهرة منها أو غير المشهرة.

وكان البنك المركزي المصري قد أخطر منتصف الشهر الماضي البنوك العاملة في السوق بضرورة إبلاغه ووزارة التضامن والعدالة الاجتماعية بالتعاملات المصرفية التي تتم على حساب منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية، وسط الاتهامات التي تلاحقها في الفترات الأخيرة المتعلقة بتلقي أموال خارجية تضر بالأمن القومي.

يأتي تحرك المركزي، وفقا لرئيس أحد البنوك الكبرى في السوق، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عقب الجدل الذي أثير خلال الفترة الماضية، حول حسابات تلك الجمعيات الحقوقية والخيرية، خاصة الحاصلة منها على رخصة تسمح بتلقي الأموال، في محاولة لتتبع مصادر الأموال المقدمة من الخارج، التي أصبحت تهدد الأمن القومي المصري، كما جاء على لسان كثير من المسؤولين المصريين في وقت سابق.

وتنص المادة 97 من الباب الرابع في قانون البنك المركزي، على أن «تكون جميع حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزانتهم في البنوك، وكذلك المعاملات المتعلقة بها سرية، ولا يجوز الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر، إلا بإذن كتابي من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة أو الخزينة، أو من أحد ورثته، أو من أحد الموصى لهم بكل أو بعض هذه الأموال، أو من النائب القانوني أو الوكيل المفوض في ذلك، أو بناء على حكم قضائي أو حكم محكمين، ويسري الحظر المنصوص عليه في الفقرة السابقة على جميع الأشخاص والجهات، بما في ذلك الجهات التي يخولها القانون سلطة الاطلاع أو الحصول على الأوراق أو البيانات المحظور إفشاء سريتها طبقا لأحكام هذا القانون، ويظل هذا الحظر قائما حتى ولو انتهت العلاقة بين العميل والبنك لأي سبب من الأسباب».

ورفضت المصادر الإفصاح عن قيمة تلك الأموال، لكنها أكدت وجودها وضخامتها، وأن البنك المركزي الرقيب والمنظم للعمل المصرفي أخطر الجهات المعينة بها، وأن لجان الالتزام بالبنوك تعمل في الوقت الحالي لرصد تلك الأموال وإخطار المركزي بها، مع تجميدها داخل حسابات خاصة حتى يتم النظر القانوني فيها.

وأضافت المصادر أن المركزي طلب من البنوك التأكد من تجديد الرخص الممنوحة لهذه الجمعيات من قبل وزارة التضامن، لمزاولة النشاط الحقوقي أو الخيري، خاصة لمن تسمح رخصته بتلقي الأموال، مع إبلاغ المركزي والتضامن بالتحركات غير الطبيعة التي تتم على حسابات تلك الجمعيات. موضحا أن هذا القرار «احترازي لا يضر بأحد طالما أنه يعترف بمصدر أمواله وسبل إنفاقها بشكل قانوني». كانت جهات التحقيق في عدد من القضايا المنظورة أمام القضاء المصري، قد طالبت بالكشف عن الحسابات المصرفية السرية لعدد من السياسيين في مصر وبعض النشطاء، كان آخرها قبل يومين، طلب قدمه مرتضى منصور، أحد المتهمين فيما يعرف بموقعة الجمل، للمحكمة التي تنظر الدعوة، حيث طالب بالكشف عن حسابات الحقوقي نجاد البرعي والمحامي أمير سالم.