مصر: الحكم على «عز» يربك الحكومة والبنوك والبورصة

وزير المالية: سنتخذ جميع الإجراءات لحماية المستثمرين والعاملين

أحمد عز
TT

تعتزم هيئة التنمية الصناعية المصرية عقد اجتماع طارئ الأسبوع المقبل، لبحث التعامل مع قرار القضاء المصري أمس، بسحب الرخص الست التي منحتها قبل عامين والخاصة برخص «الحديد» في عدد من محافظات الجمهورية المختلفة، على خلفية منح رخصتين منها بالمخالفة للقانون لمجموعة «عز» المملوكة لأمين التنظيم السابق بالحزب الوطني المنحل أحمد عز.

وتخشى هيئة التنمية الصناعية من مغبة قرار الحكم الصادر غيابيا أمس ضد وزير الصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد بالحكم بالسجن 15 عاما وتغريمه 1.4 مليار جنيه، وحبس كل من عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية السابق وأحمد عز بالسجن 10 سنوات لكل منهما مع دفع عز وعسل غرامة مالية تصل إلى 660 مليون جنيه.

وكانت المحكمة قد وجهت للثلاثة اتهامات بالفساد ومنح رخصتين للحديد بالمخالفة للقانون ومن دون دفع الرسوم المستحقة.

وقال مصدر مطلع من داخل الهيئة لـ«الشرق الأوسط» إنه على الرغم من احترام القرار القضائي، فإنه لم يراعِ الجوانب السيئة المترتبة على الحكم والخسائر الاقتصادية الناجمة عنه، وخاصة أن معظم تلك الرخص بدأت بالفعل في تجهيز البنية التحتية لعمل تلك المصانع من خلال تعاقدات كبرى مع الشركات المنفذة، ومنها شركات أجنبية قد تلجأ إلى التحكيم الدولي للحفاظ على حقوقها المادية.

وفي أول رد فعل رسمي على الحكم القضائي، أكد الدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء وزير المالية أن صدور بعض الأحكام القضائية على بعض المستثمرين أو رجال الأعمال - مع احترامها ولا معقب عليها - لا تعني تخلي الدولة عن هذه السياسة فهي ركن أساسي وأصيل لتوجه الدولة المصرية، وقال إن الحكومة حريصة على حماية مصالح المستثمرين وكذلك العاملون والوفاء بكامل الالتزامات التي تعهدت بها الدولة طالما تتماشى مع القانون، مشددا على حرص الحكومة على استقرار البورصة وحماية حقوق المساهمين والمتعاملين بها وبما يحقق استقرار الاقتصاد، مشيرا إلى أنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات لحماية حقوق المستثمرين والعاملين، وذلك حفاظا على عدم تعريض الاقتصاد المصري لأي هزة في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها مصر حاليا.

وشدد على حرص الحكومة أيضا على قدسية القضاء واستقلاله واحترام أحكامه، والذي يتيح الفرصة أمام الجميع للتقاضي لحماية جميع الحقوق عبر إجراءات ينظمها القانون.

ولا يختلف الأمر كثيرا عن البنوك المقرضة للشركات التي حصلت على تلك الرخص والتي قد يؤدي سحبها إلى تعطل عمل تلك المصانع، مما يهدد بضياع الأموال التي صرفتها من قروض ممنوحة على ذمة عمل تلك المشاريع.

فقد صرفت مجموعة «عز» ما يقرب من 900 مليون جنيه، تمثل نصف قيمة قرض حصلت عليه يقدر بـ1.8 مليار جنيه من 7 بنوك، لبناء مصنع الحديد الأسفنجي في محافظة السويس المخالف للقانون، وأدى حكم أمس إلى سحب رخصته.

واعتبرت المصادر أن سحب الرخصة من مصنع لا تتعلق بشخص بمفرده، وإنما بكيان صناعي يضم آلاف العاملين، وينتج كميات كبيرة من الحديد في السوق، مما يكون له تداعيات سلبية كبيرة على سوق الحديد خاصة مع وجود فجوة في الطلب ترتب عليها قفزة في الأسعار طوال الفترة الماضية، وحتى مطلع الشهر الحالي ليصل الطن إلى ما يقرب من 5000 جنيه.

وتوقعت المصادر أن تطرح الحكومة مجموعة من البدائل على المصانع التي تضمنها قرار المحكمة، منها سحب رخصتها، وإعادة طرح الرخصة لنفس المصنع بشروط جديدة عادلة ومقابل قيمة حقيقية.

وعلى الرغم من اتخاذ الجهات الحكومية المانحة تمويلا لبعض تلك الرخص، خاصة لمجموعة «عز» المحتكر الأكبر لسوق الحديد في مصر، التي تستحوذ على 43 في المائة من إجمالي سوق الحديد عقب ثورة يناير ، مجموعة من الإجراءات الاحترازية في صرف دفعات من القروض التي كانت قد اتفقت عليها قبل الثورة، فإن مصير المبالغ التي صرفت في السابق قد تكون مرهقة للجهاز المصرفي خلال الفترة المقبلة لاستردادها أو الاستمرار في صرف الدفعات المستحقة في حالة التوصل إلى إجراءات جديدة.

وقد اشترطت الجهات التمويلية لمساعدة تلك الشركات عقب ثورة يناير تغير بعض إدارات تلك الشركات، وعدم صرف أرباح إلا بعد صدور أحكام نهائية في القضايا المنظورة أمام القضاء.

وأغلق سهما شركتي «عز» اللتين تعملان في مجال الحديد (حديد عز وعز الدخيلة) على انخفاض بلغ 5.1 في المائة و4.71 في المائة، لتوقف البورصة التعامل على أسهم تلك الشركات التي كانت سببا في تراجع مؤشر البورصة الرئيسي 2.69 في المائة بنهاية تداولات أمس، وقال مسؤول بالبورصة لـ«الشرق الأوسط» إن وقف التداول على أسهم الشركتين لحين قيام الشركة بالإفصاح عن كيفية تعاملها مستقبلا مع الأحكام القضائية الصادرة والوضع المالي والتشغيلي لها بعد تلك الأحكام.

ويؤدي إلغاء الرخصة إلى إلغاء الطاقة المخصصة للمشروع، وهو ما يستلزم الحصول على موافقة ثانية لضخ هذه الطاقة وهو أمر شديد الصعوبة في ظل الأزمات المستمرة في ذلك القطاع على مدار الشهور الماضية.

وتعد شركة «دانيللي» الإيطالية من أبرز الشركات الأجنبية التي تشيد مصانع الحديد، وهي الشركة التي تنفذ مصنع عز المخالف في السويس وقدرت التكلفة الاستثمارية لمصنع الحديد الأسفنجي بنحو 2.5 مليار جنيه، تم عليها بعض ذلك تحديد قيمة القرض التي جمدت البنوك صرف بقية دفعتها حتى يتم الفصل في النزاع القضائي الذي أسدل الستار عنه أمس.