المصارف الأميركية تستعد لفترة تراجع خلال الشهور المقبلة

«جي بي مورغان» و«سيتي غروب» و«مورغان ستانلي» تضع خطط طوارئ

TT

كأن المشاكل الموجودة في أوروبا ليست كافية، فبعد شهرين من الاضطرابات العنيفة داخل الأسواق التي تعتبر الأشد على مدار عقدين، من المتوقع أن تتأثر بدرجة كبيرة نتائج التداول الخاصة بالمصارف الأكبر في الولايات المتحدة.

وفي مؤشر يدلل على الاتجاهات داخل الشركات المالية الكبيرة الأخرى، حذر مصرف «جي بي مورغان تشيس» من أن عوائد التداول خلال الربع الثالث قد تتراجع عما كانت عليه قبل عام بمقدار 8 في المائة. ومن المتوقع أيضا أن يتراجع الدخل الاستثماري المصرفي بمقدار الثلث بالمقارنة مع ما كان عليه قبل عام، مع فقدان المؤسسات الثقة بشأن حيازات وعروض الأسهم والدين. وقال جيس ستالي، رئيس المصرف الاستثماري التابع لـ«جي بي مورغان»، في تصريحات خلال مؤتمر «باركليز» للخدمات المالية يوم الثلاثاء «أعتقد أنه يمكن توقع تراجع في إيرادات أسواقنا».

ولكن لا تزال هناك 13 يوما للتداول خلال الربع الثالث الذي ينتهي في 30 سبتمبر (أيلول)، ولن تنشر شركات وول ستريت أرقام النتائج النهائية حتى منتصف الشهر المقبل. ولكن يبدو أن تراجعا حادا في عمليات تداول فصل الصيف سيؤثر بشدة على أرباح المصارف - وربما يؤدي ذلك إلى حدوث موجة أخرى من عمليات تسريح العمالة المتوقعة خلال الأشهر المقبلة.

وبعد أن ساعدت المصارف على رفع نتائج وول ستريت خلال الأزمة المالية، من المتوقع أن تتراجع عوائد التداول للربع الثاني على التوالي. ومن المتوقع أن تتراجع عوائد التداول في المتوسط بمقدار 7 في المائة بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل عام، وذلك وفقا لما أفادت به أبحاث «كريدي سويس». ومن المتوقع أن تكون نتائج «بنك أوف أميركا» و«سيتي غروب» و«غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» ضعيفة خلال الربع الثالث.

وحسب صحيفة نيويورك تايمز تجاهل المستثمرون آخر أخبار سيئة مع ارتفاع أسهم المصارف الكبرى بنسبة قليلة يوم الثلاثاء في عمليات تداول هادئة نسبيا، لكن تراجعت أسهم المصارف أخيرا. وقد تراجع مؤشر «KBW»، الذي يستشهد به على نطاق واسع كمقياس للقطاع المصرفي، بمقدار أكثر من 28 في المائة منذ يناير (كانون الثاني). وعلى الرغم من أن شركات وول ستريت يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة من خلال رهانات برأسمال المصارف نفسها، فإن عوائد تداول الشركات تأتي من عمليات تجري نيابة عن العملاء.

ولكن على ضوء التقلب المحتدم خلال فصل الصيف، ما زالت الكثير من الشركات والمستثمرين على الهامش، مما أدى إلى تباطؤ كبير في نشاط التداول.

وجاءت نتائج التداول الضعيفة في وقت سيئ بالنسبة للقطاع المصرفي، حيث تراجعت العوائد والأرباح إلى مستويات كانت قد بلغتها قبل فورة الإسكان. ويستعد الكثيرون للتراجع في الإقراض مع ازدياد قلق العملاء بشأن مستقبلهم في العمل ومع قيام الشركات بإرجاء خطط التوسع. ولا تزال المصارف تواجه مشاكل قانونية مستمرة ورسوم تقاض بسبب فوضى الرهون العقارية. وعلاوة على ذلك، فقد رفعت تنظيمات جديدة رسوم الإذعان، كما تسببت في إلغاء مصادر دخل كانت تدر أرباحا، مثل رسوم بطاقات الدين ورسوم السحب على المكشوف. ولا يشمل ذلك أثر تعهد الاحتياطي الفيدرالي بالحفاظ على معدلات الفائدة منخفضة خلال العامين المقبلين، وهي خطوة ستؤدي إلى تآكل هوامش أرباح الإقراض خلال الأشهر المقبلة.

وفي ترقب لعمليات تراجع في المستقبل، تدرس المصارف تخفيض التكاليف وتسهيل عملياتها. ويوم الاثنين أعلن «بنك أوف أميركا» عن خطط للتخلي عن 30.000 وظيفة داخل الشركة، أي قرابة 10 في المائة من قوتها العاملة. وتأتي «سيتي غروب» و«غولدمان ساكس» و«باركليز» و«كريديت سويس» و«يو بي إس» من بين الشركات الكبرى داخل وول ستريت التي بدأت التخلص من موظفين خلال الأشهر الأخيرة.

وقد وصل المصرف الاستثماري التابع لـ«جي بي مورغان» إلى منتصف الطريق في خطة مدتها خمسة أعوام لتوفير 1.3 مليار دولار سنويا من خلال دمج عملياته التجارية، وهي خطوة ستتضمن التخلص مما يصل إلى 3000 موظف البعض منهم سيحولون إلى مناصب أخرى داخل المصرف. ولكن حتى الآن قال ستالي إن المصرف لا يتوقع جولة كبرى من عمليات تسريح العمالة تتجاوز المُعلن عنه سابقا. وقال في مؤتمر مصرفي داخل فرانكفورت الأسبوع الماضي «كان النصف الأول من العام جيدا جدا بالنسبة لنا، وسنرى أثر ذلك».

ولكن ربما تنذر الأعداد داخل «جي بي مورغان» بالمزيد من المشاكل الماثلة. وكان «جي بي مورغان» من بين أوائل المصارف الكبرى التي تدق ناقوس الخطر بسبب قروض الرهن العقاري المحفوفة بالمخاطر في أوائل 2007. وفي 2008، أظهر المصرف مخاوف من الخسائر المتزايدة في محفظته الضخمة لقروض أسهم المصارف وتحرك سريعا لدعم احتياطيه ضد دعاوى قضائية نتجت عن فوضى في حسابات الرهون. وفي تصريحات، قال ستالي إن المستثمرين قد يتوقعون تراجعا في عوائد تداول الأسهم والدخل الثابت بنحو 30 في المائة عن الربع الثاني، لتقف عند نحو 3.85 مليار دولار. ومن المتوقع أن تتراجع رسوم الاستثمار المصرفي بنحو مليار دولار، بدلا من 1.9 مليار دولار خلال الربع الثاني. وقال أيضا إن نشاط الأسهم الخاصة التابع للمصرف سيواجه «خسائر معتدلة» تقدر بنحو 100 مليون دولار، وأن نشاط إدارة الأصول التابع له سيشهد تراجعا مرتبطا بالتداول. وربما تشهد مصارف أخرى تراجعا مماثلا في التداول. وتوقعت نيويورك تايمز أن يشهد «سيتي غروب»، الذي له نشاط دخل ثابت ضخم، تراجعا نسبته 47 في المائة في عوائد التداول الأساسية بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل عام، وفقا لما أفادت به أبحاث «كريدي سويس». ومن المتوقع أن يتراجع إجمالي عوائد التداول داخل «مورغان ستانلي» بمقدار 1 في المائة عما كانت عليه قبل عام، فيما يتوقع نموا في عوائد «بنك أوف أميركا» بمقدار 11 في المائة. وقد كانت نتائج الربع الثالث لكلا البنكين ضعيفة نسبيا خلال 2010.

وفي هذه الأثناء، من المتوقع أن يتراجع دخل التداول التابع لـ«غولدمان ساكس» بنحو 7 في المائة عما كان عليه قبل عام، بحسب ما ذكرته «كريدي سويس». لكن ربما لا يمثل هذا المدى الكامل لعمليات التراجع المتوقعة. وكتب ريتشارد ستيت، وهو محلل بـ«أتلانتك إكويتس»، في تقرير نشر مؤخرا أن المصرف سيواجه خسائر تتجاوز 3.2 مليار دولار مرتبطة بنشاط الإقراض والاستثمار التابع له، الذي يضم أسهما خاصة واستثمارات أخرى برأس مال المصرف نفسه. وذلك لأنه يجب عليه تعديل حساباته لتعكس موجة التقلبات الأخيرة في السوق.

* خدمة «نيويورك تايمز»