تشريعات أوروبية جديدة تتعلق بمستوى الاحتياطات في البنوك

مؤتمر عبر الهاتف لأعضاء الترويكا الدولية مع حكومة أثينا

جان كلود تريشيه
TT

قال البرلمان الأوروبي ببروكسل إن لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية في المؤسسة التشريعية الأعلى في التكتل الأوروبي الموحد ستبدأ الاثنين دراسة التشريعات الجديدة التي تتعلق بمستوى الاحتياطيات التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها، تساعده على الصمود في وجه الضربات الاقتصادية، وقالت مصادر البرلمان إن مناقشات أعضاء اللجنة حول هذا الصدد ستركز بشكل أساسي على متطلبات رأس المال بالنسبة للبنوك، ولمحت في هذا الإطار إلى تصريحات صدرت عن الاجتماع الوزاري الأخير الذي انعقد خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي في فراتسلاف البولندية، حيث أفادت وزيرة الاقتصاد الإسبانية إلينا سالغادو بأن وزراء مالية الاتحاد الأوروبي توصلوا إلى «اتفاق» حول ضرورة زيادة البنوك الأوروبية لرؤوس أموالها لإمكانية مواجهة أزمة الديون. وقالت سالغادو عند انتهاء المجلس غير الرسمي لوزراء مالية الاتحاد الأوروبي (إيكوفين): «يوجد توافق حول ضرورة زيادة المؤسسات المالية لرؤوس أموالها لمواجهة التقلبات في الأسواق بسبب أزمة الديون». وأوضحت أنه «لا يوجد أي رقم لرؤوس الأموال» لإعادة الهيكلة، مفيدة بأن صندوق النقد «لم يتحدث» عن مبلغ 200 مليار يورو كتقدير لاحتياجات البنوك الأوروبية من رؤوس الأموال.

وبالتزامن مع ذلك قالت الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي إن وزراء المال نجحوا في التوصل إلى اتفاق لكل القضايا العالقة في ما يتعلق بحزمة التشريعات الست لتحسين الإدارة المالية والاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، وتساهم في تفادي تكرار أزمة الديون السيادية في دول جديدة بمنطقة اليورو، ومن خلال بيان للرئاسة البولندية الحالية للاتحاد، التي تستمر حتى نهاية العام، جرى الإشادة بالاتفاق الذي توصل إليه وزراء المال خلال الاجتماعات، وقالت رئاسة الاتحاد إن الاتفاق يشكل رسالة واضحة وقوية للمستثمرين والأسواق المالية، وهو دليل على أن الاتحاد الأوروبي ومؤسساته لديهم القدرة على التصرف ومواجهة التحديات بحزم. ومن جهته أشاد رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه بالاتفاق الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي حول مجموعة إجراءات الإدارة الاقتصادية. وأوضح تريشيه في مؤتمر صحافي على هامش الاجتماع أن هذا الاتفاق «ليس مكتملا»، لكنه يمثل تحسنا ملموسا مقارنة بالوثيقة المبدئية. وتهدف هذه الإجراءات المكونة من ستة اقتراحات تشريعية إلى تعزيز النظام المالي في الاتحاد الأوروبي لزيادة صلابة منطقة اليورو وتحقيق مزيد من التنسيق الاقتصادي بهدف تفادي أزمات مستقبلية. وتوصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مبدئي حول الإجراءات المذكورة التي ستسمح بفرض غرامات على الدول التي لديها عجز مفرط. وذكر تريشيه أن «حزمة الإجراءات هامة للغاية بالنسبة إلينا. إنها تمثل خطوة جادة».

وقالت رئاسة الاتحاد إن اتفاق الوزراء سوف يسمح للرئاسة الدورية للاتحاد بإكمال الإجراءات الرسمية اللازمة لإجراء التصويت على الحزمة قبل نهاية الشهر الحالي ثم عرضها على اجتماع مجلس وزراء المال والاقتصاد لاعتمادها في الرابع من الشهر القادم.

وفي الوقت نفسه أخفق وزراء المال لدول منطقة اليورو (17 دولة) في التوصل إلى أي اتفاق عملي بين دولهم بشأن الإرساء العملي لصندوق الاستثمار المالي الأوروبي الخاص بمساعدة الدول المتسيبة، كما أنهم أرجأوا اتخاذ قرار نهائي بشأن الإفراج عن مبلغ ثمانية مليارات يورو كدفعة جديدة لمساعدة اليونان على تسديد جزء من ديونها السيادية، ولم تتمكن الحكومات الأوروبية مجددا من تجاوز خلافتها التي لا تزال تحول دون تنفيذ حزمة التوصيات، التي اتخذها زعماء الاتحاد الأوروبي خلال قمتهم في بروكسل يوم 21 يوليو (تموز) الماضي. وقال رئيس مجموعة اليورو في الاتحاد الأوروبي جان كلاود يونكر إن هناك مؤشرات واضحة على تباطؤ النمو العالمي واضطرابات مالية، إضافة إلى التوترات التي تواجه الاقتصاد العالمي. وأضاف يونكر: «إننا ملتزمون باستجابة عالمية قوية ومتناسقة لهذه التحديات»، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى مستوى من الاتفاق على الصعيد العالمي لمساندة نمو قوي ومتوازن. وأوضح أنه تبادل وجهات النظر مع وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر حول إدارة الأزمات في منطقة اليورو والبرنامج المالي في الولايات المتحدة. وحول الوضع في منطقة اليورو قال إن برامج التصحيح في آيرلندا والبرتغال تسير على الطريق السليم، وإن البلدين تلقيا عمليات إنقاذ ضخمة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

من جانبه اعتبر الألماني يورغن شتارك، المستقيل مؤخرا من منصب كبير خبراء الاقتصاد في البنك المركزي الأوروبي، أن صندوق النقد الدولي تعامل برفق مع اليونان عند فرض إصلاحات هيكلية. ودافع شتارك، في مقابلة مع صحيفة «دير شتاندرد» النمساوية، عن إجراءات التقشف والإصلاحات الهيكلية لمعالجة مشكلات الحسابات الحكومية، مؤكدا أن آيرلندا والبرتغال ملتزمتان بمواعيد تطبيق إجراءات التقشف. وذكر في ما يخص اليونان أن «تغيرا في السياسية الاقتصادية بمعدل 180 درجة بعد أعوام عدة من السياسات الخاطئة لا يمكن أن يجلب نتائج إيجابية في وقت قصير». وأكد أن اليونان لم تطبق الإصلاحات وعمليات الخصخصة في الوقت المحدد، مفيدا بأن البلد الأوروبي متأخر في تحقيق هدفه بخفض عجز الموازنة من نسبة 10.5% في عام 2010 إلى 7.6% العام الحالي.

يأتي ذلك بينما أرجأ مفتشو الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي زيارتهم التي كانت مقررة الاثنين 19 سبتمبر (أيلول) إلى أثينا، انتظارا لتطبيق اليونان لإجراءات التقشف. وذكرت وكالة أنباء اليونان الرسمية أن ممثلي الهيئات الثلاثة (الترويكا) سيعقدون فقط مؤتمرا عبر الهاتف مع الحكومة اليونانية الاثنين. وأفادت بأن «هدف المؤتمر يكمن في الإسراع بمراجعة الاقتصاد اليوناني والتصديق على الدفعة السادسة من خطة الإنقاذ». وكان مقررا أن يصل المسؤولون الكبار في الترويكا إلى أثينا لإجراء تقييم، اعتبارا من الاثنين، حول مدى تقدم اليونان في تطبيق برنامج الإصلاحات المتفق عليه مع المانحين الدوليين. يذكر أن اليونان تواجه عجزا مطردا في موازنتها رغم خطة الإنقاذ التي حصلت عليها من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي لمواجهة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها.