دراسة: مبيعات الأجانب لأذون الخزانة وإيداعات البنوك المصرية بالخارج أثرتا على احتياطي العملة الأجنبية بالبلاد

أوصت برفع الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك إلى 3 مليارات جنيه

TT

رصدت دراسة مصرفية حديثة أسباب الانخفاض المستمر في احتياطيات مصر الدولية من النقد الأجنبي على مدار الشهور الثمانية الماضية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي فقدت فيها مصر نحو 18.1 مليار دولار، موزعة بواقع 11 مليارا من الاحتياطي الرسمي، الذي وصل إلى ذروته عند 36 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) وأصبح 25 مليار دولار في مطلع ديسمبر الحالي، بخلاف ودائع بالعملة الأجنبية لدى البنك المركزي لم يتم إدراجها ضمن الاحتياطيات الرسمية بلغت بنهاية العام الماضي 7.1 مليار دولار وأصبحت حاليا صِفراً.

يأتي على رأس الأسباب التي رصدتها دراسة أحمد آدم، التحويلات التي تمت لرؤوس أموال أجنبية قصيرة الأجل كانت مستثمرة بأذون الخزانة، وقد بلغت هذه الأموال خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 35.1 مليار جنيه، تمثل ما يزيد على 5.9 مليار دولار، ويشير آدم في ذلك الشأن إلى ما سبق وحدث، فقد انسحب الأجانب من الاستثمار بأذون الخزانة بعد إشاعة إخضاع عائدها للضريبة أوائل عام 2009 ثم تحولت الإشاعة إلى حقيقة في ما بعد وبدأت استثمارات الأجانب تنخفض من 32.2 مليار جنيه في نهاية 2008 إلى 2.4 مليار جنيه فقط في أغسطس (آب) 2009، ثم عادت للزيادة وبغرابة في العام الماضي (عام الانتخابات لمجلسي الشعب والشورى) لتصل أقصاها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وتبلغ 62.8 مليار جنيه، أي ما يوازي 11.0 مليار دولار طبقا لسعر الصرف آنذاك. وهو ما جعل الخبراء يطالبون بضرورة الحد من استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلي حتى لا يحوله إلى دين خارجي بما له من تأثيرات على القرارات السيادية لمصر.

ومن أهم أسباب انخفاض الاحتياطيات الدولية لمصر حسب الدراسة، زيادة إيداعات البنوك المصرية لدى البنوك في الخارج على الرغم من التدني الكبير لأسعار الفائدة بالخارج، وكذا على الرغم من عدم زيادة الاستيراد حتى شهر مارس (آذار) الماضي، وهو ما يشير إلى احتمالات، أهمها تخوف البنوك الأجنبية والعربية من الأوضاع بمصر فزادت من إيداعاتها ببنوكها الأم. وكذلك خطابات ضمان وكذا اعتمادات مستندية استيراد أو شيكات مقبولة الدفع كتحويل غير مباشر لأموال رجال أعمال مصريين ويجري التعامل معها خارجيا.

وقد كشف المركز المالي الإجمالي لبنوك مصر عن زيادة إيداعاتها لدى البنوك بالخارج خلال بداية من شهر ديسمبر الماضي وحتى شهر مايو (أيار) الماضي، أي خلال ستة أشهر بنحو 37.8 مليار جنيه، تمثل ما يوازي 6.3 مليار دولار. وقد جاءت الأزمة الأميركية وكذا تخفيض «ستاندر آند بورز» للجدارة الائتمانية للاقتصاد الأميركي لترفع من نسبة مخاطر زيادة الإيداعات بالخارج سواء كانت من بنوك أو من أفراد، وهو ما يجعلنا نتابع الحركة على إيداعات بنوكنا بالخارج أولا بأول. وقال آدم إن هناك أخطاء في إدارة الاحتياطي ناجمة عن تغيير قيادات البنوك خلال عام 2004 وتعيين قيادات أخرى كانت من خلال تدخل مباشر لأمين لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل، وهو ما استُتبع بتعيين قيادات إدارة عليا ووسطى بوساطة فجة ودون خبرات فعلية. ويشير آدم إلى أنه عند ذكر أرقام الاحتياطيات الدولية لمصر خلال شهر يونيو (حزيران) من قبل البنك المركزي أكدوا على أن الانخفاض قد أصبح 0.6 مليار دولار فقط، إذ بلغت الاحتياطيات في هذا الشهر 26.6 مليار دولار مقابل 27.2 مليار دولار الشهر السابق، ولم يُشِر البنك المركزي إلى أن هناك تقييما سنويا تم لقيمة الذهب وارتفعت قيمته بواقع 0.6 مليار دولار، وهو ما خفض من تراجع الاحتياطيات خلال الشهر من 1.2 مليار دولار إلى 0.6 مليار دولار فقط، وهذا يشير إلى تدني الشفافية عند عرض البيانات من قبل البنك المركزي.

وأوصت دراسة آدم باتخاذ بعض الحلول، من أهمها رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك العاملة في مصر من 500 مليون جنيه إلى 3 مليارات جنيه، وهذا من شأنه ضخ 67.4 مليار جنيه تمثل 11.3 مليار دولار في أوصال الاقتصاد. وكذا رفع الحد الأدنى لفروع البنوك الأجنبية العاملة بمصر من 50 مليون دولار إلى 300 مليون دولار، وهذا من شأنه ضخ ما لا يقل عن 1.7 مليار دولار في أوصال الجهاز المصرفي المصري وبالتبعية. مع الإسراع بالدخول في شراكة مع السودان الشقيق لزراعة القمح والذرة وإقامة مشروعات للثروة الحيوانية ومنتجاتها من ألبان وخلافه يمكن أن يوفر لنا واردات بما لا يقل عن 4 مليارات دولار كل عام. وضرورة اتخاذ التدابير لتدعيم المصريين العاملين بالخارج، فثاني أكبر مواردنا الدولارية باتت هي تحويلات المصريين العاملين بالخارج، مع ضرورة الإسراع بإجراء الاتصالات اللازمة مع قيادة الثورة في ليبيا للإسهام في إعادة إعمارها، ولدينا شركات المقاولات الكبرى مثل «المقاولون العرب» ولدينا العمالة القادرة على تحمل أعمال إعادة الإعمار الشاقة، مع الإسراع بعملية انتخاب رئيس لمصر لتحقيق الاستقرار، وهو ما سيؤدي إلى زيادة إيرادات السياحة، التي لو استقرت الأوضاع بمصر لتضاعفت أعداد السائحين وتضاعفت إيرادات السياحة.