المفوضية الأوروبية تنفي مطالبة اليونان بإجراءات تقشفية جديدة

اجتماعات في بروكسل لإنهاء الصدام مع برلين

TT

نفى الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، أن تكون المجموعة الثلاثية «الترويكا»، التي تضم المفوضية الأوروبية، وصندوق النقد الدولي، والمصرف المركزي الأوروبي، قد طلبت من اليونان إجراءات تقشفية جديدة قبل الحصول على مزيد من الأموال من صندوق الإنقاذ.

وأشار متحدث أوروبي إلى أن الأمر لا يتعدى حدوث مشاورات تجري على عدة مستويات، من أجل التأكد من فاعلية ما تقوم به الحكومة اليونانية»، وخلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر الجهاز التنفيذي للاتحاد ببروكسل، أكد أماديو ألفاتاج، المتحدث باسم المفوض الأوروبي، والمكلف بالشؤون المالية والنقدية، أولي راين، أن الأطراف الراعية لبرنامج المساعدة لليونان، وهي المفوضية، وصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي لم تطلب من اليونان إلا تنفيذ كل الإجراءات المتفق عليها سابقا لمواصلة خطة الإنقاذ، وأوضح المتحدث أن الأطراف الثلاثة تريد التأكد من أن اليونان تتابع ما تم الاتفاق عليه من إجراءات تقشفية تجعلها مستحقة لتسلم الدفعة اللاحقة من الأموال اللازمة لتصحيح عجزها المالي.

ورفض المتحدث أن تكون المفوضية الأوروبية معنية بالتشكيك بمصداقية الحكومة اليونانية، حيث «يقوم خبراؤنا حاليا بمساعدتهم على إنجاز ما تعهدوا به لنستطيع إكمال عمليات التقييم، وبالتالي ضخ الأموال اللازمة»، جاء هذا في حين شككت عدة دول أوروبية بمصداقية اليونان بشأن اتخاذ إجراءات تقشفية «قوية» قادرة على المساهمة في تصحيح عجز موازنتها.

وفي نفس الصدد، أعلن في بروكسل أن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ستزور مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل للاجتماع مع رئيس المفوضية الأوروبية، مانويل باروسو، وسط نقاشات قوية حول طرق الرد على الأزمة في منطقة اليورو.

وقالت بيا أهرنكايلد، المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، إن ميركل ستشارك أيضا في اجتماع المفوضين ومأدبة غداء عمل مع باروسو وباقي المفوضين، وستختتم زيارتها بمؤتمر صحافي. ومن المقرر أن تسافر المستشارة الألمانية إلى بروكسل بعد يوم من اجتماع مجلس وزراء المالية (إيكوفين) في لوكسمبورغ، وقبل وقت قليل من قمة رؤساء الدول والحكومات بالاتحاد الأوروبي يومي 17 و18 أكتوبر المقبل. وكانت السلطات الألمانية والمفوضية الأوروبية قد اصطدمتا مؤخرا على خلفية طرق مواجهة أزمة اليورو.

وأعلن باروسو، الأسبوع الماضي، عن نيته تقديم الكثير من الخيارات لإصدار سندات أوروبية خلال هذا الشهر وشهر أكتوبر، الأمر الذي تعارضه ألمانيا بشدة، مثلما أوضحت ميركل مرارا، وفي نفس الملف، نقلت وسائل إعلام أوروبية، عن وزير المالية اليوناني إيفانغيلوس فينيتسيلوس قوله: «إن الحكومة اليونانية تتحمل كامل المسؤولية عن تطبيق برنامج الدعم المالي لليونان»، قائلا: «إننا سنعمل على احترام هدفنا لعام 2011، وهو خفض العجز إلى 1.8 مليار يورو».

وأعاد الوزير اليوناني الذي تعاني بلاده أزمة الديون إلى الأذهان أن العجز كان يبلغ 11 مليار يورو في العام 2010، و24 مليارا في العام الذي سبقه. إلا أن الوزير اليوناني قال إنه يتعين أن تكون المسؤولية أيضا على عاتق كل المؤسسات الأوروبية وكل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لأن قرار شهر يوليو (تموز) الماضي ستكون له آثار مهمة جدا على منطقة اليورو. وكان قادة دول منطقة اليورو الـ17، أقروا، خلال اجتماعهم في بروكسل، في شهر يوليو (تموز) الماضي، منح اليونان حزمة مساعدات ثانية بقيمة 109 مليارات يورو، إلا أن الكثير من الدول الأوروبية لم تصادق بعد على هذا الاتفاق.

يذكر أن وزراء المالية في دول الاتحاد الأوروبي قرروا في اجتماعهم الذي عقدوه في بولندا، نهاية الأسبوع الماضي، تأجيل الدفعة الأولى من القرض إلى اليونان، وهي بقيمة ثمانية مليارات يورو، إلى شهر أكتوبر المقبل، وعقد وزير المالية اليوناني ايفانجيلوس فينيزيلوس، الاثنين، لقاء عبر «فيديو كونفرانس»، مع خبراء من صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي ومنطقة اليورو، لبحث مدى التزام بلاده بخطط التقشف اللازمة لحصولها على المساعدات الأجنبية.

وقال وزير المالية إن هدف اللقاء كان الاتفاق حول أهداف عام 2011، وللتأكيد على أن اليونان تتخذ خطوات سريعة لإجراء إصلاحات جوهرية. يأتي ذلك بعد إعلان فينيزيلوس، الأحد، عن عزم اليونان التعجيل من الإصلاحات الهيكلية التي تعهدت بتطبيقها لخفض العجز في موازنتها من أجل الحصول على المساعدات الأجنبية لتفادي الإفلاس. وأكد وزير المالية اليوناني في لقاء اقتصادي، صباح الاثنين، أن «الوقت قد حان لاتخاذ قرارات تاريخية، لأنه من دونها ستكون هناك عواقب وخيمة».

وأكد بوب ترا، الممثل الدائم لصندوق النقد الدولي لدى أثينا، الاثنين، أن اليونان عليها تطبيق المزيد من إجراءات التقشف خاصة في القطاع العام، حيث يتعين عليها تقليل عدد الشركات والعاملين وخفض الرواتب في هذا القطاع.

وخلال مؤتمر أقيم الاثنين بمنتجع كافوري السياحي باليونان، قال ترا إن اليونان أحرزت تقدما كبيرا، ولكن يجب أن تجري تعديلات هيكلية على الصعيد لاقتصادي والمالي لكي تحقق هدفها المتمثل في خفض العجز بالموازنة وتقليل حجم الديون وتفادي الإفلاس.

وأضاف: «الكرة باتت الآن في ملعب اليونان»، كما ذكر قمة قادة دول منطقة اليورو التي عقدت في 21 يوليو الماضي، وتم خلالها الاتفاق على خطة ثانية لإنقاذ اليونان تبلغ قيمتها الإجمالية 160 مليار يورو. ويرى ترا أن اليونان تعاني من مشكلة في القطاع العام، الذي وصفه بأنه «كبير جدا»، مبرزا ضرورة إغلاق عدة شركات، وتقليل عدد العاملين، وخفض الرواتب التي تعد كبيرة جدا في بعض الأحوال.

ومن جانبه، قال وزير المالية اليوناني، ايفانجيلوس فينيزيلوس، إنه متفق مع ترا حول مسألة القطاع العام، وعلى ضرورة تطبيق حزمة الإجراءات التي تهدف لتوفير 78 مليار يورو حتى عام 2015، وتتضمن استقطاعات من رواتب موظفي الحكومة والمعاشات، فضلا عن زيادة الضرائب وخصخصة الموانئ والشركات الحكومية.

وأوضح الوزير خلال المؤتمر أن «اليونان لا يمكنها أن تحرز تقدما دون إجراء تغييرات جوهرية، لقد تأخرنا وعلينا أن نحرز تقدما في مجال الخصخصة، ويجب أن نحقق أكبر قدر من الأهداف المحددة بنهاية العام الحالي».

يذكر أن اليونان تواجه عجزا مطردا في موازنتها على الرغم من خطة الإنقاذ التي حصلت عليها من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي لمواجهة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها.