إيطاليا تتوغل في نفق الديون وتكلفة إقراضها تقفز إلى 3 أمثال ألمانيا

بعد خفض تصنيفها الائتماني

جانب من مظاهرة لعمال إيطاليين ضد الخطط التقشفية الحكومية (إ.ب.أ)
TT

كان رد الحكومة الإيطالية غاضبا أمس الثلاثاء على قرار مؤسسة «ستاندرد أند بورز» تخفيض تصنيفها الائتماني، ووصفت الحكومة الإيطالية هذه الخطوة بأنها لا تمت بصلة للواقع. وفي وقت متأخر من يوم الاثنين، خفضت مؤسسة «ستاندرد أند بورز» من تصنيفها الائتماني لإيطاليا إلى «A» بدلا من «A+»، وبررت ذلك باحتمالات النمو الاقتصادي السيئة والدين الحكومي الأعلى من المتوقع.

وقالت المؤسسة إن الائتلاف الحاكم الضعيف داخل إيطاليا وخلافات في السياسات داخل البرلمان ستستمر في الحد من قدرة الحكومة على التعامل بحسم مع التطورات الاقتصادية. كما أنها تطرح شكوكا حول ما إذا كانت المدخرات المالية الحكومية التي تبلغ 60 مليار يورو (أو 82 مليار دولار)، ستتحقق على ضوء ضعف توقعات النمو واعتماد مدخرات الميزانية على زيادات في العوائد وتوقعات بارتفاع معدلات الفائدة داخل السوق.

وأصدر مكتب رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني بيانا في وقت مبكر أمس الثلاثاء أشار إلى أن حكومته تمتع بأغلبية قوية داخل البرلمان. وأضاف البيان أن الحكومة تستعد لاتخاذ خطوات بهدف رفع النمو وقامت أخيرا بتمرير إجراءات لضبط مصادر التمويل العامة من خلال زيادات ضريبية وخصومات في النفقات. وجاء في البيان: «يبدو أن تقييمات (ستاندرد أند بورز) تُملى بدرجة أكبر عبر تقارير سرية في صحف أكثر منها تعتمد على الواقع ويبدو أنها تتأثر باعتبارات سياسية». ولكن أحزاب المعارضة من تيار يسار الوسط برلسكوني دعت برلسكوني إلى تحمل المسؤولية عما وصفته بفشل الحكومة في معالجة المشكلات الاقتصادية في البلاد وإلى تقديم استقالته. وقال إنريكو فارينون من الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي إن «بلدنا تواجه مآزق وإن الطريق الوحيد للخروج منه يتمثل في تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الأحزاب السياسية الرئيسية».

في أسواق الائتمان ارتفع العائد على السندات الإيطالية أجل 10 أعوام بدرجة بسيطة في منتصف أمس، ولكن بنسبة تتجاوز 5.6 في المائة كما ارتفعت تكاليف الاقتراض الإيطالية وأصبحت أزيد بمقدار ثلاثة أضعاف عما تدفعه ألمانيا، التي تمثل نقطة ارتكاز بمنطقة اليورو. وقامت أسواق الأسهم في أوروبا برفض التصنيف المنخفض، فيما كان المستثمرون يردون على إشارات إيجابية في نقاشات حول مساعدة اليونان، وقامت إسبانيا ببيع مجموعة جديدة من أذون الخزانة. ويقول محللون إن الحالة المزاجية عززها تكهن بأن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيوافق على برنامج جديد للتسهيل النقدي يوم الأربعاء لمحاولة تحفيز النمو الاقتصادي.

وارتفع مؤشر «يورو ستوكس 50» لمنطقة اليورو بمقدار نحو 2 في المائة في منتصف اليوم. وارتفع مؤشر «فوتسي 100» في لندن بمقدار 1.5 في المائة، وكذا حدث مع المؤشر الرئيسي في ميلان. وأشارت تعاقدات الآجل في مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» إلى بداية أقوى في وول ستريت. ولا يزال تصنيف «A» من «ستاندرد أند بورز» لإيطاليا أعلى بمقدار خمس خطوات عن الوضع غير المرغوب فيه، ولكنه أقل بمقدار خمس خطوات عما أعطته هيئة أخرى «موديز لخدمات المستثمرين»، التي تقوم حاليا بتقييم إيطاليا.

ونسبت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى كولين تان، المحلل لدى «دويتشه بنك» قوله: «إعلان موديز عن مد مراجعتها لتصنيف إيطاليا لشهر آخر يوم الجمعة الماضية ربما يعطي السوق شعورا زائفا بالراحة، ولا سيما بعد تكهنات مستمرة عن تخفيض التصنيف من جانب موديز الأسبوع الماضي». وأضاف أنه على الرغم من أن إيطاليا غطت 77 في المائة من احتياجات تمويل الدين خلال عام 2011، لا تزال بحاجة إلى 100 مليار يورو أخرى سيتم جمعها قبل نهاية العام.

وتعد إيطاليا صاحبة ثالث أكبر اقتصاد داخل منطقة اليورو، حيث تأتي بعد ألمانيا وفرنسا، كما تعتبر أكبر من أن يتم إنقاذها إذا عانت من نفس المشكلات التي تعاني منها اليونان والبرتغال وأيرلندا. وعلى الرغم من أن عجز ميزانيتها منخفض نسبيا، فإن مبعث القلق الكبير بين المستثمرين يتمثل في أن إيطاليا، التي تقف ديونها عند 120 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ستجد أنه من المكلف بصورة متزايدة أن تقترض.

ونتيجة لذلك، يقدم المصرف المركزي الأوروبي يد العون، وقام بشراء ما بين نحو 5 مليارات يورو إلى 10 مليارات يورو من ديون إيطاليا في عملية شراء لسندات منطقة اليورو الأكثر عرضة للمخاطر على مدار الأسابيع الخمسة الماضية. ولكن المصرف الأوروبي عجز عن وقف الارتفاع المتواصل في عوائد السندات الإيطالية. ويقول تان، في إشارة إلى برنامج شراء السندات: «من المحتمل أن يحتاج المصرف المركزي الأوروبي إلى القيام بالمزيد من عمليات الشراء من إيطاليا». وقال «كوميرتسبنك» في مذكرة بحثية إن العملية الطويلة للتصديق على التغييرات لعملية الإنقاذ الرئيسة بالاتحاد الأوروبي بدأت تضعف فعالية برنامج شراء السندات التابع للمصرف المركزي. وفي أثينا، من المقرر أن تكون استأنفت مساء أمس محادثات بين اليونان ومقرضين دوليين بدأت يوم الاثنين، بحسب ما ذكرته وزارة المالية اليونانية.

ووصف مسؤولون يونانيون المحادثات حتى الآن مع ما يطلق عليه «الترويكا» - صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية - بأنها مثمرة. وقالوا إنه ربما يتم التوصل إلى اتفاق قريبا. وإذا تم التوصل إلى اتفاق، ستقوم الترويكا حينها بتحرير آخر مجموعة من القروض، التي تحتاجها الدولة في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) لتجنب نفاد النقود اللازمة للدفع مقابل أذونها.