تقرير: أسعار النفط تشهد انخفاضا وسط مخاوف من تصعيد التباطؤ الاقتصادي العالمي

توقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط بنسبة 0.9% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من 2011

TT

بدأت أسعار النفط في شهر أغسطس (آب) تفقد كل الارتفاعات التي حققتها خلال شهر يوليو (تموز)، بسبب الأنباء الاقتصادية الواردة من الولايات المتحدة وأوروبا، التي أثارت مخاوف المستثمرين في جميع أنحاء العالم. حيث خفضت مؤسسة «ستاندارد آند بورز» التصنيف الائتماني للولايات المتحدة في أوائل شهر أغسطس على الرغم من الجهود التي كان الكونغرس الأميركي يبذلها من أجل التوصل إلى حل لمشكلة ارتفاع سقف الدين. أما في أوروبا، قرر البنك المركزي الأوروبي دخول سوق السندات، في محاولة لمساعدة الدول الأوروبية المثقلة بالديون. ومن ناحية أخرى، قضت محكمة ألمانية برفض جميع الدعاوى القضائية المرفوعة لإيقاف مشاركة ألمانيا في مساعدة دول منطقة اليورو في سبتمبر (أيلول) الحالي، وهو ما يمكن أن يمثل نقطة بداية تدفق الأنباء الإيجابية. من جهة أخرى، أظهر معدل نمو قطاع التصنيع في الصين تحسنا طفيفا في شهر أغسطس، بعد أن شهد أدنى انخفاض له خلال 28 شهرا في يوليو، على الرغم من انكماش فائضها التجاري ليصل إلى 17.8 مليار دولار أميركي.

توقعات بنمو الطلب العالمي على النفط بمعدل 1.2 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 88 مليون برميل يوميا في المتوسط خلال عام 2011 من المتوقع أن تستحوذ كل من الصين والدول الآسيوية الأخرى، إلى جانب دول الشرق الأوسط، على حصة كبيرة من الطلب العالمي على النفط. كما يتوقع أن تشكل زيادة طلب الصين على النفط نحو 50 في المائة من إجمالي معدل نمو الطلب على النفط في عام 2011 الحالي، رغم أن التقلبات التي شهدتها أسواق النفط في الآونة الأخيرة جعلت من الصعب تقييم معدل نمو الطلب المستقبلي على النفط.

إلى ذلك، يكون من المقدر على الاقتصاد الأميركي، أكبر الاقتصادات المستهلكة للنفط في العالم، مواجهة العامل المسيطر على تحرك أسعار النفط خلال العام المقبل. ووفقا لمنظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك)، انخفض الطلب الأميركي على النفط بمعدل 1.3 في المائة على أساس سنوي في يونيو (حزيران) 2011، وعلاوة على ذلك، استقرت معدلات البطالة في الولايات المتحدة عند 9.1 في المائة في شهر أغسطس، حيث لم يشهد الاقتصاد الأميركي أي زيادة في عدد الوظائف بالمقارنة مع الزيادة المسجلة في عدد الوظائف خلال الشهر السابق والبالغة 117 ألف وظيفة.

ارتفعت المخزونات النفطية الأميركية بمعدل 0.3 مليون برميل على أساس شهري لتصل إلى 1.088 مليون برميل في نهاية شهر أغسطس. ومن ناحية أخرى، كانت مستويات المخزون النفطي التجاري الأميركي أقل بمعدل 4.2 في المائة من المستويات المسجلة في أغسطس 2010. وفي أغسطس 2011، كان الوقود المقطر، والوقود المحلي، المخزونين الوحيدين اللذين حققا نموا مقارنة بمستوييهما في يوليو 2011، في حين كان المخزون من البنزين الأكثر انخفاضا، حيث هبط بمعدل 3 في المائة على أساس شهري ليصل إلى 209 ملايين برميل. علاوة على ذلك، انخفض المخزون الأميركي من النفط الخام، الذي يشكل العنصر الأكبر في المخزونات النفطية التجارية، للشهر الثالث على التوالي، متراجعا بمعدل 0.5 في المائة ليبلغ 353 مليون برميل.

خلال الأسبوع الذي بدأ في 15 أغسطس 2011، انخفضت أسعار النفط بمعدل 3.7 في المائة بسبب البيانات الواردة عن تراجع معدلات التصنيع، والتنبؤات المنذرة بانخفاض معدلات نموه.

كان الأسبوع قد بدأ بنتائج إيجابية، حيث ارتفعت أسعار النفط بمعدل 2.9 في المائة خلال جلسة التداول الأولى، لتبلغ 87.88 دولار أميركي/ برميل، بفضل الأنباء التي أفادت بأن الاقتصاد الياباني قد انكمش بمعدل أدنى بكثير من المعدلات المتوقعة خلال الربع الثاني من عام 2011 الحالي. غير أن أسعار النفط قد شهدت انخفاضا كبيرا بلغ 5.9 في المائة خلال جلسة تداول 18 أغسطس وصولا إلى 82.38 دولار/ برميل. ويعزى هذا الانخفاض الحاد إلى تقرير مؤسسة «مورغان ستانلي»، حيث عدلت فيه توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي العالمي، حيث توقعت أن تنخفض معدلات النمو خلال العامين 2011 و2012. كما ذكرت في التقرير أن الولايات المتحدة وأوروبا «باتت قريبة من الركود بشكل خطير». علاوة على ذلك، أظهرت قراءة هامة لبيانات قطاع الإسكان أن مبيعات المنازل القائمة قد انخفضت بمعدل 3.5 في المائة خلال شهر يوليو، ويعتبر هذا المعدل أسوأ بكثير من المعدلات المتوقعة. إضافة إلى ذلك، شهد مؤشر فيلادلفيا الفيدرالي، الذي يقيس أرقام التصنيع الإقليمية على نحو دقيق، انخفاضا حادا، مما يشير إلى أن النشاط الاقتصادي الأميركي قد شهد انكماشا ملحوظا في يوليو 2011.

بدأ الأسبوع الثاني من الفترة قيد الدرس بتسجيل أسعار النفط، ارتفاعا آخر ملحوظا بلغ 2.3 في المائة لتصل إلى 84.12 دولار أميركي/ برميل، نظرا لانخفاض الدولار الأميركي، وهو العملة المستخدمة في تداول معظم السلع الأساسية، مقابل اليورو والين. من ناحية أخرى، انخفضت أسعار خام برنت بقرابة 1.2 في المائة، حيث توقع المحللون أنه كلما دخل الثوار الليبيون مدينة طرابلس، وواصلوا الضغط على نظام الرئيس القذافي لكي يتنحى، وضعت الحرب في ليبيا أوزارها سريعا، وعاد النفط الليبي عاجلا إلى السوق. وفي 23 أغسطس، ارتفعت أسعار النفط بمعدل 1.4 في المائة، حيث بدا الوضع السياسي الليبي غامضا، وشهد المستثمرون ارتفاعا كبيرا في أسعار الأسهم، مما أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار النفط.

خلال الأسبوع الذي بدأ في 29 أغسطس: شهدت أسعار النفط ارتفاعا طفيفا بفضل الأنباء الإيجابية الواردة من اليونان والولايات المتحدة.

وبدأ الأسبوع الثالث من الشهر بداية مبشرة عقب الأنباء الإيجابية التي أعلنت عنها أوروبا والولايات المتحدة. في حين أنه في 29 أغسطس، أعلن اثنان من أكبر البنوك في اليونان عن اعتزامهما الاندماج، وهو ما اعتبر خطوة أولى مشجعة في سبيل معالجة مشكلة الديون اليونانية الحالية. علاوة على ذلك، أفادت وزارة التجارة الأميركية بأن الإنفاق الشخصي قد ارتفع بمعدل 0.8 في المائة أو ما يوازي 88.4 مليار دولار أميركي خلال يوليو 2011، وهو ما تجاوز توقعات المحللين، بعد صدور تقرير في الشهر السابق ينذر بتباطؤ النمو الاقتصادي.

إلى ذلك، ارتفعت أسعار النفط خلال جلسة 29 أغسطس بمعدل 2.2 في المائة لتبلغ 87.27 دولار أميركي/ برميل. علاوة على ذلك، ارتفعت أسعار النفط بمعدل 1.9 في المائة في جلسة 30 أغسطس، عقب صدور تقرير أفاد بارتفاع أسعار المنازل بمعدل 3.6 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي 2011. من جهة أخرى، شهدت نهاية الأسبوع الأخير من الشهر صدور تقرير عن انخفاض معدلات الوظائف إلى مستويات أدنى من المتوقعة، مما أدى إلى انخفاض أسعار النفط بمعدل 2.8 في المائة لتصل إلى 86.45 في المائة، لتتبدد معظم الارتفاعات التي سجلتها طوال الأسبوع. وعلى الرغم من أن المحللين يتوقعون صدور تقرير يشير إلى انخفاض عدد الوظائف، فإن الأرقام الفعلية كانت أدنى مما هو متوقع، حيث لم يشهد الاقتصاد الأميركي أي زيادة في عدد الوظائف خلال شهر أغسطس، كما استقرت معدلات البطالة عند 9.1 في المائة.