«باركليز» يعتبر أن منطقة الخليج أكثر جهوزية لاستيعاب الصدمات الاقتصادية المتوقعة

كبيرة الاقتصاديين في البنك لـ «الشرق الأوسط»: سعر النفط لتحقيق توازن مالي للسعودية 86 دولارا

علياء مبيض، كبيرة الاقتصاديين لدى «باركليز كابيتال» («الشرق الأوسط»)
TT

توقع بنك «باركليز كابيتال» أن تكون منطقة الخليج جاهزة لاستيعاب الصدمات الاقتصادية التي يمكن أن تواجهها إلى حد أكبر بكثير مما كانت عليه في مواجهة الأزمة المالية العالمية التي اندلعت شرارتها في 2008 - 2009، وذلك على الرغم من التحديات التي يمكن أن تواجه هذه الدول.

بينما أرجع البنك العوامل التي يمكن أن تحصن دول الخليج إلى واقع العرض والطلب في أسواق النفط والغاز، والذي يعتبر أفضل بكثير ولصالح بلدان الخليج مقارنة مع عام 2009، فيما توقع البنك نسب نمو للعام الحالي أكثر تفاؤلا من نسب العام المقبل، فمن المتوقع أن تحقق الإمارات نموا بنسبة 3.8 هذا العام، فيما ستنخفض هذه النسبة بشكل طفيف عند 3.5 في المائة العام القادم وذلك تأثرا بتوقعات البنك لانخفاض النمو الاقتصادي العالمي. وفي السعودية، من المتوقع أن يحقق النمو هذا العام نسبة 5.9 في المائة، فيما ستهبط هذه النسبة إلى 4 في المائة العام القادم على قاعدة توقعات بخفض إنتاج النفط، معتبرا أن تقديرات البنك للسعر المتوسط للنفط الذي يبعد العجز عن الميزانية السعودية تؤكد أنه 86 دولارا للبرميل.

وقالت علياء مبيض، كبيرة الاقتصاديين في «باركليز كابيتال» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن منطقة الخليج العربي أكثر جهوزية لمواجهة المخاطر والتحديات المقبلة التي قد تنتج عن تعثر اليونان أو أوروبا أو تباطؤ الاقتصاد العالمي، معتبرة أن واقع الاقتصادي الخليجي المرتبط بالنفط والغاز هو أفضل مما كان عليه في عام 2009 «فلو حدث تباطؤ في الاقتصاد العالمي فلن ينزل سعر النفط بمستويات كبيرة، لأن الطلب لا يزال قويا خاصة من الدول النامية»، مضيفة أن هناك نقصا في الإنتاج في أسواق النفط، ودول الخليج زادت إنتاجها لمواءمة الطلب بسبب الأزمة في ليبيا، وهو الأمر الذي يمنح هذه الدول هامش تحرك أوسع في أوبك لضبط الأسعار وإبقائها على مستويات تناسب دول الخليج، لا سيما المملكة السعودية. كما أن دول الخليج استطاعت أن تعوض الخسارات المالية التي تكبدتها عندما كانت أسواق النفط منخفضة، فالفوائد التي حققتها في الأعوام السابقة عززت احتياطياتها وأصول صناديقها السيادية».

إلى ذلك، اعتبرت علياء مبيض، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن واقع القطاع المصرفي في دول الخليج خلال الأزمة المالية العالمية (2008 - 2009) يختلف عما هو عليه الآن.. «الآن لدينا قطاع مصرفي لديه رسملة أكبر، فخلال الأزمة المالية الأمر الذي سبب أزمة للبنوك في بعض البلدان كان الاستعمال المفرط للودائع من خلال الإقراض بشكل كبير بما يتعدى معدلات السيولة التي تحفظ البنوك من المخاطر.. أما الآن فالأمر الذي اختلف هو أن رسملة البنوك تحسنت بشكل كبير بسبب السيولة التي تم ضخها، بالإضافة إلى الإجراءات الجديدة لضبط عملية الإقراض والائتمان.. فاليوم متوسط نمو التسليفات لا يتعدى 5 إلى 7 في المائة في الخليج، فهذا أعطى سيولة للبنوك أعطتها فرصة للمناورة أمام أي أزمة مقبلة».

وترى علياء مبيض أنه «على مستوى الشركات وديونها كان هناك تقدم كبير بإعادة جدولة ديون دبي بطريقة أبعدت المخاطر الآنية التي يمكن أن تواجه المنطقة في حال اشتدت الأزمة، فمثلا يستحق على دبي مبلغ 11 مليار دولار العام المقبل، ونتوقع أن قوة القطاع المصرفي وتحسن سيولة البنوك والمؤسسات سيمكنان الإمارة من الإيفاء بديونها، فهناك أموال كافية لدفع المستحقات المتأتية في دبي، كما أن الأوضاع السياسية في المنطقة ستسهم في الوقوف إلى جانب دبي أمام أي ضائقة».

وتعتبر مبيض أن حصانة دول الخليج مرتبطة بالسيولة، وأن أهم مصادر هذه السيولة عائدات النفط التي تدور في القطاع المصرفي، وذلك يشكل دعما للميزانيات السيادية، كما تعتبر أن أحد أهم مصادر السيولة هو مدخرات الأفراد والمؤسسات على أنواعها «خاصة في بلد مثل السعودية».

وفي ما يتعلق بأسعار النفط، يتوقع «باركليز» ألا ينخفض النفط تحت سقف 80 دولارا للبرميل خلال الأشهر الستة المقبلة، وأن يحافظ على مستويات تراوح بين 90 و100 دولار أميركي للبرميل. وترى المسؤولة في البنك أن سعر 86 دولارا للبرميل يجعل موازنة المملكة العربية السعودية متوازنة ومستقرة، ويحميها من عجز بالمالية العامة، مضيفة أن المملكة تمتلك القدرة على التأثير في أسعار النفط من خلال الاحتياطيات الموجودة، وقدرة السعودية على تخفيض إنتاجها وما لهذا من تأثير على الأسعار.

وتضيف المسؤولة في البنك أن «السياسات التي قامت بها السعودية مؤخرا من خلال ضخ سيولة وبرنامج إصلاحي شامل جاءت في وقت مهم للاقتصاد العالمي، صحيح أنها رفعت حجم الإنفاق لدى المملكة، لكن نوع الأنفاق سيدعم الاستهلاك ويحل بعض المشاكل الهيكلية في قطاع الإسكان، وستكون هناك سيولة يستفيد منها القطاع المصرفي وسيكون لها تأثير إيجابي على النمو».

ويتوقع «باركليز» في تقريره أن تحقق الإمارات نموا بنسبة 3.8 هذه العام، فيما ستنخفض هذه النسبة بشكل طفيف عند 3.5 في المائة في العام القادم وذلك تأثرا بتوقعات البنك لانخفاض النمو الاقتصادي العالمي، وفي السعودية من المتوقع أن يحقق النمو هذا العام نسبة 5.9 في المائة، فيما ستهبط هذه النسبة إلى 4 في المائة العام القادم على قاعدة توقعات بخفض إنتاج النفط، فيما كان لافتا أن التوقعات تشير إلى أن قطر ستحقق نموا يبلغ 21.5 في المائة هذا العام، لتنخفض هذه النسبة بما يزيد على النصف العام القادم إلى نحو 9.4 في المائة، فيما يرجع السبب لهذا الانخفاض الحاد في توقعات النمو في قطر وفقا لـ«باركليز» إلى انحسار التوسع في زيادة إنتاج الغاز كما كان متوقعا، فيما يبقى النمو مرتفعا نسبيا بسبب نمو قطاع الإنشاءات تحضيرا لاستضافة مونديال كاس العالم.

وفي ما يتعلق بالتوقعات للمدة الزمنية التي تحتاجها تداعيات أي أزمة مقبلة للتأثير على الاقتصادات الخليجية، تشير الخبيرة الاقتصادية إلى أن تداعيات الأزمة بحاجة إلى وقت لتصل إلى الخليج، أما تحديد هذا الوقت وحجم هذا التأثير فلا يمكن التكهن به، مضيفة أن الأمر مرهون بتعاون المسؤولين في بلدان الاتحاد الأوروبي وقدرتهم على التنسيق في ما بينهم ومع باقي البلدان في مجموعة العشرين لطمأنة الأسواق.

ولا تغفل مبيض أنه سيكون هناك تباطؤ في منطقة اليورو «ولكن لا نتوقع حتى الآن أن نجد تباطؤ كبيرا لدرجة الركود، وتأثير ذلك على المدى الطويل سيكون له انعكاس على أسعار النفط والقطاع المصرفي الأوروبي، وهذا بحاجة إلى بعض الوقت، ويعتمد على سياسات بعض البنوك المركزية، لكن هناك استعدادات لرسملة البنوك الأوروبية خوفا من تعثر اليونان».