البنك الدولي: دول مجلس التعاون الخليجي لم تتأثر بالآثار السلبية للثورات

نسبة النمو المتوقعة العام المقبل نحو 3.8%

TT

أشار تقرير التنمية الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن معدلات النمو في المنطقة قد بلغت 4.1 في المائة خلال عام 2011، بتحسن بلغ نصف في المائة من التوقعات التي أصدرها البنك الدولي في مايو (أيار) الماضي. ويرجع التحسن إلى زيادة الإنفاق الحكومي، مما أدى إلى ارتفاع الطلب في كل دول الإقليم، وإلى زيادة إنتاج النفط في معظم الدول المصدرة للنفط، وزيادة غير متوقعة في الإنتاج الصناعي في مصر قبل اندلاع الثورة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وتوقع التقرير - الذي أصدره البنك الدولي أمس- أن تحقق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معدل نمو يبلغ 3.8 في المائة في عام 2012، وترجع هذه التوقعات المنخفضة إلى التباطؤ العام في الاقتصاد العالمي.

وقالت انجا أندرسون، مديرة إدارة الشرق الأوسط بالبنك الدولي «إن التقرير يسلط الضوء على أهمية ارتباط الحكم الرشيد ودور القانون بتحقيق تحفيز للنمو على أرض الواقع» وأضافت «إذا نظرنا إلى نماذج لبلدان نجحت في التحول إلى الديمقراطية فإن الاستثمار كان العنصر الأساسي في دعم الاقتصاد»، وأضافت أن استثمارات القطاع الحكومي فشلت في خلق فرص عمل في منطقة الشرق الأوسط لضعف دور القانون وذهاب هذه الاستثمارات في مشروعات تحقق مصالح فئة معينة. وضربت مثالا لذلك بمشروعات بناء الأنفاق تحت الأرض التي بناها العقيد الليبي معمر القذافي لتحقيق مصالحه الشخصية.

وقالت كارولين فرويند، رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن تحسن الأداء الحكومي والقدرة على المساءلة هما عنصران ضروريان لتحقيق النمو والاستخدام الفعال للموارد حتى تتجاوز الدول العربية المرحلة الانتقالية وتحقق الانتقال إلى الشفافية والمساءلة.

ونفت المزاعم التي تتهم البنك الدولي بالتدخل في الشؤون السياسية للدول العربية تحت عنوان المساعدة في تحقيق جودة الحكم، وقالت إن هناك فارقا كبيرا بين الحوكمة والديمقراطية، فالحوكمة تتعلق بتنفيذ المشروعات بكفاءة وحماية حقوق الملكية، والمصداقية وإصدار الإحصاءات، وهذا ليس تدخلا من البنك الدولي الذي يساعد فقط الدول التي تعلن عن ميزانيتها «وقد أثارت الحكومات العربية اتهامات للبنك الدولي بالتدخل في سياساتها الداخلية عندما تحدث البنك الدولي عن ارتفاع نسب الفساد لدى تلك الحكومات».

وقال التقرير إن زيادة الإنتاج الصناعي في كل من مصر وتونس يعود إلى ما قبل قيام الثورات في كلا البلدين، وفي حال نجاح الدولتين في تحقيق تحول سياسي هادئ إلى الديمقراطية، فإن النمو الاقتصادي سيرتفع مصاحبا للتطور الديمقراطي. وقال التقرير إن معدلات النمو انخفضت في كل من مصر وتونس بنسبة 3 في المائة بعد قيام الثورتين. وتوقع أن تعاود المعدلات النمو بنفس النسبة أو أكثر خلال عام أو عامين، لكن التحول السياسي سيكون له تأثير على فرص جذب الاستثمارات.

وقال التقرير إن خبرات التحول السياسي الناجح في عدد من الدول تشير إلى أن الاستثمارات تأخذ معدلا منخفضا وتتأخر في معاودة نشاطها أكثر من الأنشطة الاقتصادية الأخرى. وتوقع التقرير أن تتراجع الاستثمارات بنسبة 2 في المائة، وأن تعاود نشاطها في كل من مصر وتونس بعد خمس سنوات.

وقالت إيلينا اينكوفيتشيا، كبيرة الاقتصاديين بإدارة الشرق الأوسط «إن هناك تجارب ناجحة في دول أميركا اللاتينية مثل الأرجنتين التي استطاعت تنفيذ مشروعات بنية تحتية تؤدي إلى تحفيز الاقتصاد، وفي الوقت نفسه خلق فرصة عمل للفقراء وخفض معدلات البطالة». وأوضحت أن كلا من مصر وتونس تواجه مشكلة كبيرة في ارتفاع نسب البطالة التي ارتفعت عن معدلاتها السابقة بنسبة 3 في المائة بعد قيام الثورتين. وأن على الحكومة المصرية أن تجد مجالا لإعادة هيكلة الإنفاق الحكومي، حيث يذهب جزء كبير من ميزانية الدولة إلى دعم الفقراء. وأشارت إلى أن هناك طريقة لإعادة هيكلة الإنفاق وتحفيز النمو، وفي الوقت نفسه حماية الفقراء عن طريق القيام بمشروعات بنية تحتية توفر وظائف بأجور متدنية يقبل عليها الفقراء، إضافة إلى الاقتراض من المؤسسات الدولية ومن دول مجلس التعاون الخليجي.

وتفاءل خبراء البنك الدولي بقدرة مصر على تحقيق نمو في الناتج القومي الإجمالي يبلغ 3.5 في المائة في عام 2012، وقالت فرويند «إننا متفائلون بقدرة مصر على حل المشاكل السياسية، وإذا نجحت في حل هذه المشاكل وإنهاء الشكوك السياسية والاقتصادية، فإننا سنرى نموا قويا وارتفاعا في الإنتاج الصناعي (كما حدث قبل الثورة)، وستعاود السياحة نشاطها مرة أخرى.