بنك إنجلترا يتجه نحو حزمة تحفيز بنحو 77 مليار دولار

الإسترليني في أدنى مستوياته والملاذات الآمنة تضيق

ميرفن كينغ محافظ بنك إنجلترا (يمين) وبن بيرنانكي في أحد إجتماعات البنوك المركزية («أ.ب»)
TT

يزداد التقارب بين محافظ بنك إنجلترا المركزي (بانك أوف إنجلند) سير ميرفن كنغ ورئيس بنك الاحتياط الفدرالي بين بيرنانكي في الفترة الأخيرة. وتشير تقارير البنك المركزي البريطاني إلى تنفيذ سياسة تيسير كمي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لانتشال الاقتصاد البريطاني من الركود. وذلك وفقا لوقائع مذكرة اجتماع اللجنة النقدية الأخير التي نشرها البنك يوم الأربعاء، فإن اللجنة النقدية بـ«بنك إنجلترا» أصبحت قريبة من تنفيذ حزمة تيسير كمي جديدة. ويرصد بنك إنجلترا مبلغ 200 مليار جنيه استرليني لتحفيز الاقتصاد. وتوقع اقتصاديون في مصرف «جي بي مورغان» أمس أن ينفذ بنك إنجلترا عمليات شراء للسندات بقيمة 50 مليار جنيه استرليني (نحو 77 مليار دولار) خلال نوفمبر المقبل أو ربما في أكتوبر (تشرين الأول) في أعقاب توقعات النمو الضعيفة للاقتصاد البريطاني التي أعلن عنها صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر هذا الأسبوع.

وقال الاقتصادي مالكوم بار الذي يعمل في «جي بي مورغان» في تصريحات تلفزيونية أمس إن حزمة التيسير الكمي متوقعة في نوفمبر بعد أن وافق معظم صناع السياسة في البنك عليها. ويذكر أن أزمة ديون منطقة اليورو وتباطؤ النمو العالمي قد ركزت انتباه صناع السياسة النقدية في أنحاء العالم بعيدا عن مخاطر التضخم وجذبت الأنظار نحو الركود الاقتصادي. وكان مجلس الاحتياط الفيدرالي قد أعلن مساء الأربعاء عن خطوة لشراء سندات بقيمة 400 مليار دولار، بهدف خفض كلفة الإقراض في جميع مناحي القروض. كما قال البنك المركزي السويدي إن تباطؤ النمو ربما يدفعنا إلى خفض أسعار الفائدة. وفي سويسرا خفض البنك السويسري الوطني (البنك المركزي) سعر الفائدة على الفرنك إلى صفر لإبعاد عمليات الإيداع والشراء الواسعة للفرنك كـ«ملاذ آمن» في أعقاب الاضطراب الكبير الذي تعاني منه أسواق الصرف العالمية والعملات الرئيسية وعلى رأسها اليورو. وقال الاقتصادي صامويل تومبس الاقتصادي بشركة «كابيتال إيكونومكس ليمتد» في لندن في تصريحات نقلتها وكالة بلومبيرغ «مخاوف التضخم تحمل وزنا ضئيلا في الوقت الراهن وإن التركيز يتجه نحو النمو وإن البنوك المركزية تتجه بشكل واضح نحو شراء الأصول خلال الشهور المقبلة». ويذكر أن توقعات تبني البنك المركزي البريطاني شراء أصول قد أثرت أمس على سعر الجنيه الاسترليني، حيث انخفض أمس إلى أدنى مستوياته أمام الدولار وتم التعامل فيه بسعر 1.5465 دولار. ويتخوف اقتصاديون من أن يؤثر تبني برنامج تحفيز كمي على الجنيه الاسترليني الذي استفاد كثيرا خلال العام الحالي من وضعه كـ«ملاذ آمن» وجذب كميات ضخمة من الاستثمارات إلى حي السيتي في لندن، مستفيدا من اضطراب العملات وخاصة اليورو. كما أثر النبأ كذلك على السندات، حيث ارتفعت أسعارها. وفي لندن انخفضت الفائدة على سندات الخزينة البريطانية أجل 10 سنوات بست نقاط أساس إلى 2.36%.

ويذكر أن صندوق النقد الدولي خفض توقعاته للنمو البريطاني إلى 1.1% في العام الحالي وإلى 1.6% خلال العام المقبل 2012. وكانت الحكومة البريطانية تتوقع معدلات نمو بنسبة 1.5% للعام الحالي و2.3% للعام المقبل. وفي الوقت الذي يؤيد فيه معظم أعضاء اللجنة النقدية ببنك إنجلترا سياسة التحفيز الكمي، قال كبير الاقتصاديين في البنك سبنسر ديل إنه ليس ضمن المجموعة التي تؤيد سياسة التيسير الكمي وأشار إلى أن أي خطوة تحفيز يجب أن توزن مقابل مخاطر التضخم. ويذكر أن البنك المركزي البريطاني قد توقع أن يرتفع معدل التضخم إلى 5.0% خلال الشهور المقبلة، وهو ما يعادل ضعف المعدل المستهدف. وقال ماريو بليجر الذي عمل مستشارا لمحافظ البنك البريطاني بين 2003 - 2008 في مقابلة نشرت في لندن «مع مخاطر الركود كل شيء ممكن، التضخم في بريطانيا مرتفع جدا في الوقت الحالي ولكن الدمار الذي سيحدثه ركود ثان يفوق كل الاعتبارات الأخرى». وكان مصرف باركليز كابيتال قد توقع في نشرته قبل يومين أن يخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي إلى 1.25% في شهر أكتوبر في خطوة لسحب التوتر من سوق الصرف. ويذكر أن البنوك التجارية الأوروبية لا تزال بحاجة إلى سيولة حتى في أعقاب العملية المنسقة التي قامت بها خمسة بنوك مركزية قبل أسبوع وضخت بموجبها عشرات المليارات الدولارات.

ويؤشر تواصل سياسات التيسير الكمي إلى أن الملاذات الآمنة لأصحاب الثروات تضيق والعالم يتجه نحو إغراق الأسواق بالنقود على أمل النجاة من الركود الذي بات يدق بعنف على أبواب الاقتصادات الرئيسية في العالم.

ومن المتوقع أن تشهد أسعار الذهب ارتفاعات فوق 2000 دولار للأوقية خلال الفترة المقبلة كما سترتفع جميع أسعار السلع بلا استثناء مستفيدة من تدافع المستثمرين نحو حماية ثرواتهم. وتتوافق الخطوات التي تنوي بعض البنوك المركزية تنفيذها أو نفذتها فعلا، وعلى رأسها بنك الاحتياط الفدرالي وبنك إنجلترا مع الدعوة التي أطلقها الاقتصادي الأميركي آدم بوسن الذي يعمل في اللجنة النقدية في بنك إنجلترا ونشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» ودعا فيها المصارف المركزية إلى تبني سياسات تحفيز كمي وخفض معدلات الفائدة على المدى الطويل حتى يتمكن العالم من جر قاطرة الاقتصادات من هاوية الركود نحو رحلة انتعاش خلال السنوات المقبلة.