الاحتياطي الفيدرالي يستثمر 400 مليار دولار جديدة في النمو الأميركي

«نمورا اليابانية»: هامش المناورة ضيق.. وسلطات النقد فعلت كل ما في وسعها

المتعاملون على السلع في بورصة شيكاغو يتكالبون على شراء الصفقات في أعقاب إعلان الاحتياطي الفيدرالي برنامج التحفيز الجديد (رويترز)
TT

هامش المناورة يضيق أمام السلطات الأميركية التي تعمل جاهدة لإنعاش اقتصادها. ويرى محللو دار الوساطة اليابانية «نومورا» أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي «أضفى على سياسته النقدية أكبر مرونة يمكنه القيام بها» في هذه المرحلة. ويقول نيغل غولت، الباحث في مكتب التحليلات الاقتصادية «آي إتش إس غلوبال إينسايت» إن البنك مع ذلك «لا يملك الأدوات التي تمكنه من تحقيق زيادة كبيرة في معدل النمو الاقتصادي»، وفي مواجهة انتعاش يعتبره «بطيئا» ومهددا بـ«مخاطر كبيرة»، وخاصة من أوروبا لكن أيضا نتيجة العرقلة السياسية في واشنطن حسب بعض مسؤوليه. وقال غولت مذكرا أن «معدلات الفائدة منخفضة جدا بالفعل»، معتبرا أن «بضع نقاط أقل (لمعدل الفائدة) لن تغير الآفاق» أمام الاقتصاد الأميركي. أما بالنسبة للمخاطر فقد كان مصرف الاحتياطي الفيدرالي أعلن مساء الأربعاء خطة غير تقليدية لخفض تكلفة الاقتراض الواقعة على كاهل رجال الأعمال والمستهلكين في إطار محاولة جديدة لدفع عجلة النمو الاقتصادي رغم قول الجمهوريين إنهم ضد أي توسعات في برنامج الحوافز. وصرح مصرف الاحتياطي الفيدرالي بأنه سيستثمر 400 مليار دولار من خلال شراء سندات خزانة طويلة الأجل خلال التسعة أشهر الماضية بالأموال التي جمعها من بيع حصته من الدين الفيدرالي قصير الأجل في محاولة لخفض سعر الفائدة على قروض الرهن العقاري وسندات الشركات وأشكال القروض الأخرى.

وحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، صرحت لجنة السياسة النقدية في المصرف الفيدرالي في بيان بأن ما تتخذه من إجراءات سببه هو عدم وجود احتمال لنمو الاقتصاد بصورة سريعة تساعد 25 مليون أميركي لا يستطيعون الحصول على وظيفة بدوام كامل. وكذلك صرحت بأن هناك احتمالا كبيرا بأن تؤدي «اضطرابات أسواق المال العالمية» إلى تأثيرات أكثر سلبية على احتمالات تعافي الاقتصاد. وصرح المصرف الفيدرالي في بيان أورد فيه أسباب قلق الأحوال المتردية للاقتصاد الأميركي: «لا يزال النمو متباطئا. وتشير الدلائل التي ظهرت مؤخرا إلى استمرار الضعف في سوق العمل ولا يزال معدل البطالة عند مستوياته المرتفعة. وازداد إنفاق القطاع المنزلي بخطى متباطئة خلال الأشهر القليلة الماضية». وبعثت الأسواق إشارات مختلطة. واستباقا لإعلان المصرف الفيدرالي، خفض مستثمرو السندات بالفعل سعر الفائدة، لكن تم تخفيض سعر الفائدة أكثر يوم الأربعاء مما يشير إلى التفاجؤ بحجم الخطة. وبدا المستثمرون في البورصات أكثر قلقا من المستقبل القاتم للاقتصاد الأميركي والأوروبي، حيث انخفضت المؤشرات الكبرى في البورصات بشكل حاد. وربما يشجع انخفاض سعر الفائدة الشركات على الاستثمار في المعدات وتعيين المزيد من العاملين، وكذلك فإنه يشجع المستهلكين على العودة إلى الإنفاق مرة أخرى في شراء المنازل والسيارات وقضاء العطلات. لكن من المرجح أن تحد معايير الإقراض الصارمة من المزايا، ففي الوقت الذي ينخفض فيه سعر الفائدة على القروض، يصعب الحصول عليها.

كتب ديان سوانك، كبير خبراء الاقتصاد في «ميسيرو فاينانشيال» في شيكاغو تعليقا على قرار اللجنة: «فقط التاريخ هو الذي سيحكم على رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي، بين بيرنانكي، وتحديد ما إذا كان قد نجح أم أخفق، لكن لا يمكن لأحد أن يشكك في أنه حاول».. والجدير بالذكر أن ثلاثة أعضاء من لجنة السوق المفتوحة بالمصرف، والتي تتكون من 10 أعضاء عارضوا هذا القرار، كما عارضوا آخر محاولة للمساعدة قدمتها اللجنة في أغسطس (آب) الماضي، لكن لا يبدو أن قلقهم عرقل رئيس المصرف الفيدرالي. وأشار بيان اللجنة إلى أنهم لم يدعموا أي تعديل إضافي في السياسة هذه المرة. على الجانب الآخر، أكد الساسة الجمهوريون على حجتهم التي أوضحوها في خطاب أرسله أربع شخصيات قيادية من الحزب الجمهوري يوم الثلاثاء إلى مصرف الاحتياطي الفيدرالي. ويشير الجمهوريون إلى أن محاولات مصرف الاحتياطي الفيدرالي لم تساعد الاقتصاد وربما يكون لها عواقب وخيمة.

يقول جيب هينسارلينغ، النائب الجمهوري عن ولاية تكساس وعضو اللجنة الخاصة لخفض الميزانية: «أنا مقتنع تماما بأن التحديات التي يواجهها اقتصادنا لا تمثل ظاهرة يمكن أن تعالجها السياسة النقدية». ويقول بعض الليبراليين إن مصرف الاحتياطي الفيدرالي لم يتخذ ما يكفي من إجراءات. ويقول السيناتور برنارد ساندرز، النائب المستقل عن ولاية فيرمونت: «الإجراء الذي اتخذه مصرف الاحتياطي الفيدرالي اليوم ليس جريئا ولن يوفر الملايين من فرص العمل التي يحتاجها الأميركيون». وتمثل المحاولة الجديدة تجربة غير مسبوقة، رغم قيام مصرف الاحتياطي الفيدرالي بمحاولة مشابهة في الستينيات. ويأمل المصرف ألا يكون خفض سعر الفائدة من خلال توسيع نطاق نشاطه كما فعل مرتين خلال الأعوام القليلة الماضية، بل من خلال نقل الأموال إلى استثمارات طويلة الأجل. وقد جمع المصرف ما يزيد على 1.6 تريليون دولار من الديون الفيدرالية. وصرح المصرف يوم الأربعاء بأنه سيبيع سندات بقيمة 400 مليار دولار في يونيو (حزيران) 2012 ويشتري عددا مماثلا من السندات إضافة إلى السندات الباقية مستحقة الدفع بعد أقل من ثلاث سنوات وشراء قدر مماثل من السندات التي يستحق دفعها بعد ست سنوات. وقال إن النتيجة سوف تجعل متوسط الاستحقاق 100 شهر أو أكثر من 8 سنوات، بينما يبلغ المتوسط الحالي 75 شهرا أو أكثر من ست سنوات.