البورصة المصرية تصل إلى أدنى مستوى لها منذ عامين ونصف العام وتفقد 1.7 مليار دولار

محللون يطالبون البورصة بمراقبة المضاربات العنيفة واتخاذ إجراءات ملموسة

جانب من البورصة المصرية («الشرق الأوسط»)
TT

أنهت مؤشرات البورصة المصرية تداولات أمس على تراجع حادة، ووصل مؤشرها الرئيسي إلى أدنى مستوى له منذ عامين ونصف العام تقريبا بعد مبيعات مكثفة من قبل المتعاملين المصريين، وفسر محللون هذا التراجع بأنه ناتج عن عمليات بيع عشوائية من قبل المستثمرين الأفراد رغم ظهور مؤشرات على استقرار الأوضاع السياسية في البلاد، في حين دعا مستثمرون لوقفة احتجاجية أمام البورصة المصرية اليوم لتحفيز إدارتها على اتخاذ إجراءات ملموسة على أرض الواقع، كما طالب بعضهم بإيقاف التداولات حتى تستقر الأوضاع في البلاد.

وفقدت البورصة المصرية نحو 10 مليارات جنيه (1.7 مليار دولار) بعد وصول رأس المال السوقي إلى 317.765 مليار جنيه (53.4 مليار دولار) وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من ستة سنوات تقريبا، وقررت إدارة البورصة إيقاف التداول لمدة نصف ساعة بعد أقل من ساعة من بداية التداولات بعدما فاق تراجع مؤشر «EGX100» (يضم أسهم مؤشري البورصة الرئيسيين) نحو 5%، متأثرا بتراجع مؤشر «EGX70» بنحو 6%.

وانخفض المؤشر العام EGX30 بنحو 3.58% ليغلق عند 4094.64 نقطة ليسجل بذلك أدنى مستوى له منذ جلسة 23 مارس (آذار) عام 2009 أي منذ عامين ونصف العام تقريبا. بينما كان التراجع الأكبر لمؤشر Egx70 بعد تراجع بنسبة 6.86% ليغلق على 447.58 نقطة، وبلغت قيم التعاملات 332 مليون جنيه، بحجم تداول قدره 84.3 مليون سهم من خل 20.305 ألف صفقة.

وأرجع محللون هذا التراجع بشكل رئيسي إلى المضاربة الواضحة من قبل مجموعة من المضاربين في البورصة، مستغلين تلك الأوضاع لتحقيق أرباح هائلة فيما يسمى بـ«استراتيجية المضاربة على الهبوط»، مستبعدين تأثر البورصة بالأوضاع السياسية التي تتجه نحو الاستقرار.

واتجهت تعاملات المصريين نحو البيع بعد استحواذهم على 66.45% من إجمالي التداولات بصافي بيعي بلغ 34.27 مليون جنيه، في حين اتجه العرب والأجانب نحو البيع. وطالب المحللون بتدخل الحكومة المصرية لإنقاذ البورصة من خلال إيقاف المضاربة وإنشاء صندوق سيادي لدعم البورصة. وقامت الحكومة المصرية عام 1998 بإنشاء صندوق سيادي شاركت فيه عدة جهات حكومية، وذلك عقب الأزمة الاقتصادية بدول جنوب شرقي آسيا عام 1997، وحققت عائدا وقتها تجاوز 28% سنويا، وخرج الصندوق من البورصة عام 2005، محققا مكاسب كبيرة.

وقال محمد سعيد، رئيس قسم البحوث بشركة «آي دي تي» للاستشارات والنظم، إنه لا توجد أي مبررات منطقية تفسر الهبوط العنيف الذي شهدته البورصة المصرية خلال تداولات أمس. وتابع: «الأحوال السياسية في البلاد تتجه نحو الاستقرار بعد تحديد إطار زمني للانتخابات التشريعية في البلاد، هذا إلى جانب الأداء الجيد للأسواق العالمية، وكل تلك الأمور من المفترض أن يكون لها تأثير جيد على البورصة، هذا لم يحدث».

وأشار إلى أنه رغم وجود الدعوات لمظاهرة مليونية خلال الجمعة المقبل، فإن هذا لا يبرر هذا الهبوط، فالمظاهرات المليونية تحدث بشكل متكرر، ولكن السوق لم تهبط بتلك الشدة.

ويرى سعيد أن على إدارة البورصة اتخاذ قرارات لحماية المستثمرين في السوق، أهمها الكشف عن المضاربين في السوق ومحاسبتهم. ويقول: «قبل عامين قالت البورصة إنها اشترت نظاما رقابيا جديدا على التداولات، ولكن دون جدوى حتى الآن، فالمضاربات لا تزال مستمرة». ويرى محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، أن طول فترة التسوية البالغة يومين في ظل الأوضاع السياسية الحالية يؤدي إلى عزوف المشترين عن الشراء في جلستي الأربعاء والخميس خلال الفترة الأخيرة لترقب ما تسفر عنه «مليونيات» يوم الجمعة إلى جانب الأوضاع المحلية والعالمية في نهاية الأسبوع، وهو أمر لا يواجه إلا من خلال تخفيض التسوية وتكوين حائط دفاعي من خلال زيادة السيولة.

طالب عادل بضرورة الإسراع بفتح حوار جاد لتكوين صندوق استثمار سيادي برؤوس أموال مصرفية يعمل كصانع للسوق على المدى المتوسط وطويل الأجل لضبط الإيقاع المتهاوي خلال الفترة الحالية وإلا فإننا سنعرض البورصة المصرية إلى موجات من الضغوط، خاصة في ظل التقلبات الداخلية سواء سياسيا واقتصاديا أو في ظل الأزمة الاقتصادية التي يواجهها العالم حاليا، بالإضافة إلى ضرورة فصل التسوية الورقية عن النقدية وتخفيض فترة التسوية إلى T+1 مع البدء في خطوات جادة لإصلاح السوق خلال الفترة المقبلة.