منطقة اليورو تبحث الإفراج عن مساعدات لأثينا مع هبوط الأسواق عالمية

تقرير: مخاوف في لندن وواشنطن وبكين من «عدوى» أزمتها

البنك المركزي الأوروبي
TT

بينما شهدت بورصات آسيا وأوروبا هبوطا بعدما أعلنت أثينا أنها لن تتمكن من تحقيق أهدافها في خفض عجز الميزانية، يبحث وزراء مالية بلدان منطقة اليورو في ما إذا كان يتعين الإفراج عن قرض مهم لليونان. ويجتمع وزراء البلدان الـ17 في منطقة اليورو في لوكسمبورغ للتوصل إلى تفاهم حول ما إذا كان يتعين منح اليونان قرضا بـ8 مليارات يورو تحتاجه الحكومة اليونانية لدفع المستحقات عليها الشهر المقبل، الذي حال صندوق النقد الدولي دون الإفراج عنه الشهر الماضي.

كما سيبحث الوزراء في سبل دعم صندوق الإنقاذ الخاص باليورو بهدف تجنب اتساع الأزمة المالية وتداعياتها في أوروبا والعالم. وفي أثينا أمضى المدققون الماليون الدوليون عطلة الأسبوع في مراجعة الوضع المالي اليوناني والتكهنات الاقتصادية في أعقاب استمرار الاحتجاجات في اليونان على إجراءات التقشف وهي الاحتجاجات التي شملت اعتصامات من الموظفين داخل الوزارات.

غير أن آفاق الحل الاقتصادي بالنسبة للحكومة اليونانية تبدو أبعد بعد أن أعلنت أثينا أن العجز العام في موازنتها سيناهز 8.5 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي هذا العام، وهو الرقم الأعلى من 7.4 في المائة الذي تم الاتفاق عليه في يونيو (حزيران)، حيث يتعرض الاقتصاد اليوناني لكساد.

ومع ذلك يعد الرقم المتوقع للعجز المالي أفضل من 10.5 في المائة من العجز العام سجلته اليونان العام الماضي.

وتتوقع الحكومة اليونانية الآن أن تتمكن العام المقبل من خفض نسبة العجز لتبلغ 6.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بدلا من 6.5 في المائة.

وجاء الإعلان عن ذلك ليؤدي إلى هبوط في الأسواق الآسيوية مع تصاعد المخاوف من تخلف اليونان عن دفع ديونها وتداعيات ذلك وسط مخاوف من مدى قدرة زعماء منطقة اليورو على تجاوز الأزمة.

فقد انخفضت الأسهم اليابانية بنسبة 1.78 في المائة مع انخفاض للصادرات وانخفض اليورو أمام العملات الرئيسية.

وانخفضت أسهم هونغ كونغ بنسبة 4.38 في المائة، بينما انخفضت أسهم سيدني عند الإغلاق بنسبة 2.78 في المائة، وانخفضت بورصة سنغافورة 1.79 في المائة وتايبيه 2.93 في المائة، بينما كانت بورصتا كوريا الجنوبية والصين مغلقتين.

وقالت شارون زولنر، الخبيرة الاقتصادية في بنك «إيه إن زد» في ولنغتون بنيوزيلندا لإخبار داو جونز: «ليس مضمونا أن يتمكن صناع القرار من تجاوز أزمة الأسواق في الربع الأخير من العام».

وفي أوروبا أدى التخوف من تخلف اليونان عن سداد ديونها إلى انخفاض الأسواق الأوروبية مع بدء التعامل حيث فقدت بورصة فرانكفورت أكثر من 3 في المائة وفقدت بورصات لندن وباريس ومدريد أكثر من اثنين في المائة.

وفي لوكسمبورغ يتوقع أن يطلع رئيس المفوضية الاقتصادية والنقدية للاتحاد الأوروبي، أولي رين، وزراء مالية بلدان اليورو على موقف صندوق النقد الدولي في واشنطن من الأزمة.

وترزح أثينا تحت دين يبلغ 350 مليار يورو حيث يشهد اقتصادها انكماشا في ظل إجراءات التقشف التي فرضها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد.

وتعرب الولايات المتحدة والاقتصادات الرئيسية الأخرى عن قلق متزايد إزاء انقسام أوروبا حول الأزمة اليونانية والتعامل مع المشكلات التي تعتري الاقتصاد الإيطالي الأضخم، فضلا عن إعادة تمويل البنوك، وبخاصة في فرنسا، التي ستكون الخاسر الأكبر في حالة التخلف عن سداد الديون.

ويخشى من تداعيات الأزمة على الأسواق المالية العالمية المتضررة فعلا مع استمرار ورود أرقام تؤشر بالدخول في كساد آخر.

ويطالب كثيرون بتعزيز صندوق الإنقاذ الخاص باليورو المعروف بصندوق الاستقرار المالي الأوروبي الذي يضم 440 مليار يورو (590 مليار دولار).

وصرحت وزيرة المالية النمساوية، ماريا فكتر، في مقابلة مع صحيفة «دي فيلت» الألمانية اليومية، أمس، الاثنين، بالقول: «يدرس الخبراء في الوقت الراهن كيفية زيادة قوام صندوق الاستقرار الأوروبي عبر وسائل مختلفة».

ومن الوسائل التي يجري تدارسها تغيير لوائح الصندوق، مما يمكنه من التحول إلى مصرف قادر على الحصول على أموال من البنك المركزي الأوروبي حال وقوع أزمة.

وثمة وسيلة أخرى تتمثل في تأمين حاملي السندات بقيمة لا تتجاوز 20 إلى 25 في المائة من الخسارة في حالة تخلف بلد عن سداد ديونه.

وتتزايد الضغوط الدولية من أجل حل الأزمة قبل اجتماع زعماء مجموعة الـ20 في كان في الثالث والرابع من نوفمبر (تشرين الثاني).

وقد حث وزير الخزانة الأميركي، تيموثي غايتنر، وزير المالية الألماني، فولفغانغ شويبله، على توفير مزيد من الثقل المالي الألماني لدعم منطقة اليورو إذا تردت الأوضاع، حيث يعد الاقتصاد الألماني الأكبر في أوروبا.

غير أن شويبله قال في عطلة الأسبوع إن بلاده لن ترفع الحد الأقصى لانكشافها البالغ 211 مليار يورو.

وثمة عقبة فورية يتعين تجاوزها تتمثل في التصديق النهائي على اتفاق توصل إليه زعماء منطقة اليورو في يوليو (تموز) يمنح صندوق الاستقرار الأوروبي صلاحية التدخل حال عدم قدرة الحكومات على دفع المستحق عليها.

وحتى يوم الجمعة أقر 14 بلدا من دول اليورو الـ17 تشريعا يأمل الاتحاد الأوروبي في الإعلان عنه خلال اجتماع وزراء مالية مجموعة الـ20 في باريس في 14 و15 أكتوبر (تشرين الأول).

وقد عاد مدققو الحسابات التابعون للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد إلى أثينا يوم الخميس بعد 4 أسابيع من قطع زيارتهم لليونان حين أعربوا عن خيبة أملهم من عدم إحراز تقدم على صعيد تنفيذ الحكومة اليونانية إصلاحات هيكلية وعدت بها.

وحث المدققون الحكومة اليونانية على إقرار إجراءات تقشفية أخرى بهدف خفض النفقات وزيادة العائدات.

وأعلنت أثينا في وقت متأخر يوم أول من أمس، الأحد، عن خطة لتقليص الأعداد الضخمة للموظفين في الإدارات العامة والحكومية بها بنحو 30 ألف موظف بنهاية العام.

وتراجع اليورو لأدنى مستوى منذ 8 أشهر أمام الدولار قبل اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو، أمس، الاثنين، لتقييم تهديد حدوث عجز في اليونان التي تجري خفضا جديدا للموازنة لتأمين الحصول على حزمة إنقاذ دولية.

هبط اليورو لليوم الثاني قبل الاجتماع الذي سيبحث المسؤولون فيه سبل حماية البنوك من أزمة ديون المنطقة التي تضم 17 دولة وبحث زيادة صندوقهم للإنقاذ.

نقلت وكالة أنباء «بلومبيرغ» الاقتصادية الأميركية عن إمر سبايزر، الخبير الاستراتيجي في أوكلاند لدى شركة «ويستباك بنكينج كورب»، ثاني أكبر بنك في استراليا إن «من المرجح أن تمتد أزمة أوروبا لأشهر كثيرة.. طول الأزمة يعني أن اليورو سيواصل التراجع».

انخفض اليورو 0.3 في المائة إلى 1.3341 دولار في الساعة 8.3 صباحا في لندن مقابل 1.3387 دولار في نيويورك الأسبوع الماضي بعد أن تراجع إلى 1.3314 دولار في أدنى مستوى له منذ 18 يناير (كانون الثاني) الماضي.

انخفضت العملة الأوروبية المشتركة بنسبة 0.6 في المائة، لتصل إلى 102.52 ين مقابل 103.12 ين يوم الجمعة الماضي حيث خسر 1.3 في المائة من قيمته. وهبط الدولار بنسبة 0.3 في المائة أمام الين ليسجل 76.86 ين.

كان اجتماع لوكسمبورغ، أمس، هو الموعد الأصلي المحدد للموافقة على شريحة قروض بقيمة 8 مليارات يورو (11 مليار دولار) لليونان وهي الشريحة السادسة من طوق نجاة قيمته 110 مليارات يورو تم جمعها في مايو (أيار) عام 2010.

تم تأجيل هذا القرار إلى منتصف أكتوبر، إذ يسعى رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو إلى سد فجوة الميزانية.

وسيجتمع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في التاسع من الشهر الحالي، وذلك وفقا لمصدر وصفته «بلومبيرغ» بأنه مطلع بالترتيبات لكنه رفض الكشف عن هويته لعدم الإعلان عن الموعد بشكل رسمي.

وفي باريس قالت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية المحافظة في عددها الصادر أمس إن هناك مخاوف في واشنطن ولندن وبكين من التهديد الذي تشكله أزمة الديون في منطقة اليورو.

وافتتحت الصحيفة تعليقها قائلة إن هذا الموقف ينم عن قلق حقيقي إذ إن الأزمة وذعر الأسواق المالية «معديان».