هل تتخلى سويسرا عن تعويم الفرنك؟

المركزي السويسري مستعد لشراء أي كمية من العملات للحفاظ على اليورو أقل من 120 فرنكا

TT

دخلت حرب العملات العالمية، أمس، مرحلة جديدة، وشهدت تطورا خطيرا، في أعقاب إعلان السلطات النقدية السويسرية ربط عملتها (الفرنك السويسري) بسعر أدنى مع عملة اليورو، في محاولة لحماية تنافسية صادراتها التي ضعفت مقارنة بدول منطقة اليورو، وأثرت بشكل مباشر على النمو الاقتصادي. وقال البنك الوطني السويسري «البنك المركزي» في بيان، أمس، إنه لن يسمح مستقبلا لليورو بالهبوط إلى أقل من 120 فرنكا. وأشار «المركزي السويسري» إلى أنه مصمم على الحفاظ على هذا السعر، وأنه مستعد لشراء كميات غير محدودة من العملات الأجنبية للدفاع عن هذا المستوى. وفسرت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية هذا الإعلان على أساس أنه بمثابة تخلي سويسرا عن تعويم الفرنك السويسري. ومن غير المعروف ما إذا كان ربط الفرنك بسعر محدد سيفتح شهية المضاربين كما حدث في عام 1988 مع الجنيه الإسترليني، ولكن المؤكد أن سويسرا تستفيد حاليا من الضغوط التي يعاني منها اليورو والاضطراب الكبير في سعر صرف العملات العالمية. وسوق الصرف العالمي يصل قوامها لـ6 تريليونات دولار يوميا، وسيكون من الصعب على الفرنك السويسري الدفاع عن سعر ثابت للفرنك في الظروف العادية. ويذكر أن حرب العملات العالمية وأزمات ديون اليورو والدولار، إضافة إلى ضعف المصارف الكبرى واحتمالات انهيارها، تعد أهم العوامل التي دفعت أثرياء العالم وأوروبا تحديدا، إضافة إلى الشركات الكبرى والمصارف، إلى شراء الفرنك السويسري لحماية موجوداتها من التآكل، واللجوء إلى الإيداع في البنوك السويسرية لحماية موجوداتها في حال انهيار البنوك الأوروبية التي تعاني من أعباء ديون اليورو. وقد تأذى الاقتصاد السويسري من مكانة الفرنك كـ«ملاذ آمن» في محيط مضطرب من العملات. وفشل «المركزي السويسري»، على الرغم من التدخل الكثيف مرارا، وخفض سعر الفائدة السويسرية إلى الصفر في لجم موجات المضاربة على الفرنك، وسيل التدفقات الدولارية وتدفقات اليورو على البنوك السويسرية.

ونسبت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية إلى المصرفي ديفيد بلوم من بنك «إتش إس بي سي» قوله إن على الأسواق أن تتخوف من خطوة ربط اليورو بحد أدنى مع الفرنك، لأنها ستقود إلى تصعيد صراع حرب العملات، وأضاف: «بهذه الخطوة يبقى الذهب هو الملاذ الآمن الوحيد؛ لأنه لن يتعرض إلى سياسات التحفيز الكمي». وقال اقتصاديون في لندن إن الخطوة ستزيد من حدة أزمة دول منطقة اليورو؛ لأنها تزيد الفجوة بين سعري شراء وبيع اليورو في دول أوروبا المثقلة بالديون.

وفي أسواق الصرف استفاد الدولار، أمس، من الخطوة السويسرية وعزز مكاسبه أمام الفرنك السويسري مسجلا أعلى مستوى له في ستة أشهر. وارتفع الدولار إلى 0.9263 فرنك على منصة التعاملات الإلكترونية «إي بي إس» وهو أعلى مستوى منذ مطلع أبريل (نيسان). وبلغ الدولار في أحدث معاملة 0.92381 فرنك بزيادة 0.3 في المائة. وصعد اليورو لأعلى مستوى في الجلسة أمام الدولار، أمس، بعدما قال رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي «البنك المركزي الأميركي»، بن برنانكي، إن البنك مستعد لأخذ خطوات إضافية لدعم الاقتصاد. وارتفع اليورو ليبلغ 1.3244 دولار على منصة التعاملات الإلكترونية، بعدما بدد مكاسبه لفترة وجيزة عقب تصريحات برنانكي. وعلى الرغم من أن أسعار الذهب استفادت من الخطوة السويسرية في بداية التعاملات، أمس، فإن الذهب انخفض لأسباب، أهمها الإحباط الذي سيطر على الأسواق بسبب تعثر وجود حل لأزمة اليورو وقوة الدولار. وتحولت أسعار الذهب للانخفاض، أمس الثلاثاء، متخلية عن مكاسبها المبكرة تحت ضغط الخسائر الثقيلة في الأسواق المالية، نتيجة تفاقم المخاوف من احتمال تخلف اليونان عن سداد الديون. كما تراجعت الأسهم الأميركية نحو اثنين في المائة في التعاملات المبكرة، وانخفضت الأسهم الأوروبية 3.2 في المائة، بينما خسر النفط أكثر من دولارين للبرميل، كما هبطت المعادن الصناعية، مثل النحاس والنيكل، بسبب المخاوف المتزايدة من امتداد أزمة الديون السيادية الأوروبية إلى البنوك.