حركة «احتلال وول ستريت» تطالب بوضع مصرفيي أميركا في السجون

امتدت المظاهرات من نيويورك إلى شيكاغو وبوسطن

احد افراد حركة احتلال وول ستريت يتحدث إلى تلفزيون فوكس («نيويورك تايمز»)
TT

قال كريس كوب، أحد المحتجين من بروكلين في مقابلة صورية مع مشارك آخر: «أعتقد أنه يجب الزج بعدد كبير من المصرفيين في السجن». كان هذا ما أخبرني به أندرو كول، خريج جامعة باكنيل العاطل عن العمل والبالغ من العمر 24 عاما، في متنزه زوكوتي بارك الذي يعد مركز تجمع حركة «أوكيوباي وول ستريت». وصل كول الشاب الفصيح الذي يرتدي جينز وقميصا وقبعة صوفية زرقاء اللون مستقلا الحافلة من ماديسون بولاية ويسكنسن حيث فقد وظيفته مؤخرا. ولا يوجد مصدر تهديد أو خطر محدد بشأن كول، فقد قال إنه أتى للاشتراك في حركة «أوكيوباي وول ستريت» لأنه يؤمن برسالتها «المناهضة للرأسمالية»، حيث يقول: «أرى أن وول ستريت هي المسؤولة عن الفوضى التي نشهدها حاليا».

لقد ذهبت إلى متنزه زوكوتي بارك لأرى نشطاء الحركة عن قرب بعد تلقي مكالمة من الرئيس التنفيذي لأحد المصارف الكبرى الأسبوع الماضي قبل القبض على 700 شخص في نهاية الأسبوع خلال مظاهرة على كوبري بروكلين.

سألني الرئيس التنفيذي: «هل هذه الحركة ذات ثقل؟ نحن نحاول اكتشاف إلى أي مدى ينبغي أن نقلق من كل ما يحدث». واستطرد متسائلا بقلق: «هل سيتحول هذا إلى مشكلة أمن شخصية؟»، وبينما أتجول في المتنزه، بات من الواضح لي أن أكثر المصرفيين لا ينبغي أن يشعروا بالقلق من أي خطر قريب عليهم، لكن ربما تكون تلك هي الرسالة المخفية لحركة «أوكيوباي وول ستريت»، التي امتدت إلى بوسطن وشيكاغو ولوس أنجليس يوم الاثنين والتي يجب على المصارف الكبرى والشركات الأميركية التعامل معها قبل أن تصبح خطيرة. لكن عن أي رسالة نتحدث؟ في بعض الأوقات يمكن أن يكون من الصعب تجاهل الرسالة الواضحة أو على الأقل كما تبدو لي. وهي أن المتظاهرين يطالبون بمساءلة ومحاسبة «وول ستريت» والشركات الأميركية على الأزمة المالية والهوة الاقتصادية الشاسعة المتنامية بين الطبقات. وتحمل هذه الرسالة تحذيرا من اندلاع اضطراب مدني من نوع ما كما شاهدنا في بعض الدول الأوروبية إذا استمر وضعنا الاقتصادي في التدهور. وتقول جودي إيفانس، أحد مؤسسي منظمة «كود بينك»: «في النهاية الأمر يتعلق بعدم السيطرة على السلطة والطمع». وقالت أيضا إنها تريد أن ترى المسؤولين التنفيذيين لـ«وول ستريت» وراء القضبان.

ويمكن النظر إلى الاحتجاجات على أنها رد فعل متأخر للأزمة المالية التي وصلت إلى ذروتها حاليا مع استمرار عدم تلبية رغبة الشعب في البيع بسعر أعلى. وتم رفع لافتة في شيكاغو يوم الاثنين كتب عليها «إذا كانت الشركات أناسا، لما لا نزج بهم في السجن؟». في زوكوتي، تجمع عدد من المحتجين حول جهاز كومبيوتر محمول لمشاهدة مقطع مصور منتشر على شبكة على الإنترنت لروزان بار، الممثلة الكوميدية التي أجرت مقابلة مؤخرا مع صحافي. وقالت روزان للصحافي: «أفضل عودة الإعدام بالمقصلة»، في إشارة إلى المصرفيين. وأضافت: «أود في البداية أن أجعل المصرفيين المذنبين يردون ما يزيد لديهم على 100 مليون دولار». وأوضحت أن عليهم العودة إلى معسكرات إعادة التأهيل وإذا لم تجد نفعا، يمكن قطع رؤوسهم. وقد بدت جادة لدى قولها هذه التعليقات، لكن بدت المجموعة المتجمهرة حول جهاز الكومبيوتر المحمول مستمتعة بما تقول.

ويرى البعض أن احتجاجات حركة «أوكيوباي وول ستريت» مجرد شكل من أشكال مسرح الشارع، حيث يعاني المحتجون من مظالم مختلفة وليست لديهم أجندة وأهداف محددة. قد يكون كل ذلك حقيقيا وصحيحا.

ويقول إدوارد هيلث، شاب عاطل من شيكاغو يبلغ من العمر 36 عاما، إنه يشارك في هذه الاحتجاجات لضمان نظام ضريبي أكثر عدلا. وعندما سألته عن آرائه في قانون «وارين بافيت» أجاب: «لا أستطيع التعليق لأنني لم أسمع به». لكن هذه المجموعة جديرة بالانتباه إليها على الأقل لأنها منظمة وتزداد أعدادها يوما بعد يوم. وبدأت المجموعة التعاون مع الاتحادات. ومن المتوقع أن يتم تنظيم المزيد من الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد في وقت لاحق من الأسبوع الحالي في ظل تزايد أعداد المحتجين. وبدأت هذه الحشود في تنظيم صفوفها في مجموعات من أجل صياغة المطالب. ويقول كريس كوب كاتب يبلغ من العمر 41 عاما ومصمم من بروكلين أجرى مقابلات صورية بكاميرا تلفزيونية كرتونية وميكروفون عليه شعار «فوكس نيوز»: «نحن محرومون من حقوقنا. إن وول ستريت مجاز لعالم المال». وقال وهو يضحك ويقر بأن أكثر المسؤولين التنفيذيين الماليين يعملون حاليا في ميدتاون: «لا يمكننا أن نفعل ذلك في بارك أفينيو. إنها ليست مجازا لأي شيء، بل لمعركة داوود وجالوت». ورغم عدم حديث أكثر المحتجين كثيرا عن السياسة، يميل أكثرهم نحو اليسار. ويوضح كوب قائلا «مثلما كان هدف حزب الشاي بث الحياة في تيار اليمين، هذه الحركة تهدف إلى بث الحياة في تيار اليسار».

وفي إشارة إلى التوجه السياسي، تطوعت إيفانس وقالت بفخر إنها قاطعت سير فعاليات مؤتمر حزب الشاي الذي عقد بداية العام الحالي في بالم سبرينغز بولاية كاليفورنيا. وقالت: «لقد قيدوني، وكانوا يحدقون في بنظرة دونية بينما كانوا يمسكون بالمشروبات التي يتناولونها». إيفانس التي قالت إنها جعلت من مشاركتها في المظاهرات مهنتها، قالت إنها سافرت من لوس أنجليس إلى نيويورك جوا للانضمام إلى حركة «أوكيوباي وول ستريت». وعندما سألتها كيف وصلت إلى هنا، أجابت قائلة وعلى وجهها ابتسامة: «على خطوط شركة (فيرجن أميركا)». فقلت لها: «أليست (فيرجن أميركا) نموذجا للشركات التي تحاولين مقاومتها؟». فنفت ذلك بإصرار، وأشارت إلى ريتشارد برانسون وقالت: «إنه يعمل على تصنيع طائرات تعمل بالسولار».

وبينما كنت في طريقي إلى المغادرة وأتحدث مع آلاف المحتجين، لاحظت أن اثنين منهم يتجهون إلى ماكينة الصرف الآلي لمصرف «بنك أوف أميركا». وربما في الوقت الذي يرغب فيه الكثير من هؤلاء الهروب من «وول ستريت» و«أميركا»، يمكن أن يقعوا في فخاخها. ويرى المحتجون الشباب أنه وإلى أن يتحرروا من النظام أو ربما جعل النظام يعمل لصالحهم، من غير المرجح أن تنتهي الاضطرابات قريبا.

* خدمة «نيويورك تايمز»