تدخل فرنسي ـ بلجيكي لإنقاذ «دكسيا».. وأزمة اليورو تتحول إلى أزمة بنوك

3 بنوك كبرى فقدت أكثر من 5% من قيمة أسهمها في يوم واحد

TT

تراكمت السحب السوداء في سماء البنوك الأوروبية الكبرى أمس وبدأت أزمة اليورو تتحول إلى أزمة بنوك مع انهيار أسهم أكبر بنوك أوروبا وعلى رأسها البنوك الفرنسية والألمانية صاحبة الحصة الأكبر من محفظة ديون اليورو. وسادت في الأسواق حالة من الذعر حول قدرة اليونان على الوفاء بتسديد الديون وصحة عدد من البنوك وعلى رأسها البنك الفرنسي البلجيكي (دكسيا) الذي فقد سعر سهمه 14 في المائة من قيمته في تداولات يوم الاثنين ويواصل الانخفاض في التعاملات التي جرت أمس. ومن بين البنوك التي تراجعت بمعدلات كبرى كل من بنك باركليز البريطاني الذي فقد سعر سهمه نحو 6 في المائة من قيمته وسعر سهم مصرف رويال بنك أوف اسكوتلند، الذي فقد 5 في المائة من قيمته. وفي آسيا فقد سعر سهم مصرف ستاندرد تشارترد 4 في المائة من قيمته. وقال وزيرا مالية فرنسا وبلجيكا في بيان أمس (الثلاثاء) إن بلديهما سيتخذان بالتعاون مع البنوك المركزية كل الإجراءات الضرورية لحماية حملة الحسابات ودائني بنك دكسيا. وقال الوزيران فرنسوا باروان وديدييه ريندرز في البيان المشترك «تحقيقا لهذا الهدف يتعهد البلدان بضمان التمويل الذي يجمعه دكسيا». وفي لندن، قال مصرف دويتشه بنك، أكبر البنوك الألمانية، أمس (الثلاثاء)، إنه تخلى عن الرقم المستهدف لأرباحه للعام الحالي 2011، وإنه سيسرح 500 عامل في أعقاب الاضطرابات التي تشهدها بعض الأسواق العالمية. وقال البنك، ومقره فرانكفورت، إن رقم الأرباح المستهدف قبل خصم الضرائب والبالغ 10 مليارات يورو (13.2 مليار دولار) من عملياته الأساسية للعام الحالي «لم يعد من الممكن تحقيقه» عقب الاضطرابات التي تجتاح الأسواق منذ أشهر قليلة مضت. وهوى سهم دويتشه بأكثر من 6 في المائة عقب هذا الإعلان.

وخلال كلمة له في مؤتمر عقد في لندن، قال المدير التنفيذي لدويتشه بنك، جوزيف أكرمان إن البنك يعتزم أيضا شطب 250 مليون يورو (330 مليون دولار) من ديون اليونان السيادية في الربع الثالث. وقال إنه «رغم ذلك، سيحقق البنك أرباحا في الربع الثالث ويتوقع مستوى قويا من الأرباح لعام 2011 بأكمله».

وأضاف أكرمان في المؤتمر: «لكن اشتداد أزمة الديون السيادية الأوروبية أدى إلى حالة غموض مستديمة بين المشاركين في السوق خلال الربع الثالث وبالتالي خفض كبير في حجم التشغيل والعائدات». وقال أيضا إن ذلك أضر بشكل خاص بعمليات البنك المصرفية للشركات وقطاع الأوراق المالية. وقد شهد البنك تباطؤا في عملياته المصرفية الاستثمارية. ومن المقرر أن يتم الإعلان عن تفاصيل نتائج الربع الثالث المالية للبنك في 25 أكتوبر (تشرين الأول).

ولم تقتصر أزمة البنوك الأوروبية التي تعاني من أزمة سيولة حادة من هبوط أسهمها فحسب، ولكن تواجه أيضا أزمة سعر صرف اليورو المضطرب الذي بات يكلفها كثيرا في عمليات التمويل. ونزل اليورو لأقل مستوى في 9 أشهر وأقل مستوى في 10 أعوام مقابل الين، أمس، بعدما فشل مسؤولون أوروبيون في كبح مخاوف متنامية بشأن تخلف اليونان عن سداد ديون سيادية لتنخفض العملات التي تنطوي على مخاطرة أكبر ويرتفع الدولار. وصعد الدولار لأعلى مستوى في تسعة أشهر مقابل سلة من العملات، فيما انتابت السوق مخاوف من أن تضر أزمة الديون في أوروبا بالاقتصاد العالمي إلى حد بعيد.

ويستعرض وزراء مالية منطقة اليورو حجم مشاركة القطاع الخاص في حزمة مساعدات دولية ثانية لليونان فيما أجل الاتفاق على إرجاء الدفعة التالية من المعونة لأثينا إلى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) مخاوف مستثمرين بشأن خطر التخلف عن السداد.

ورغم التوسع في إجراءات خفض الإنفاق أقرت اليونان أمس بأنها لن تحقق هدف خفض العجز المالي للعام الحالي لتشعل من جديد شرارة الشكوك بشأن حصولها على المزيد من المساعدات الدولية. وقالت جين فولي كبيرة محللي العملة في رابوبنك «نبرة الحديث عن اليورو تنم عن مرارة بعد فشل وزراء مالية منطقة اليورو في طرح أي شيء ملموس على الطاولة فيما يخص اليونان». وتابعت «تنامى القلق في السوق إزاء مستقبل أزمة اليونان والكارثة التي يمكن أن تقع في حالة تخلف عن السداد على نحو يتسم بالفوضى». وسجل اليورو أقل مستوى في تسعة أشهر مقابل الدولار عند 1.3145 دولار. ونزل اليورو لأقل مستوى في عشرة أعوام عند 100.77 ين، ويقول بعض المحللين إن ضخامة المراكز المدينة باليورو ستحد من نطاق هبوط كبير في المستقبل القريب. ونزل الدولار الأسترالي لأقل مستوى في عام عند 0.9414 دولار أميركي بانخفاض نحو 15 في المائة من أعلى مستوى في 29 عاما الذي سجله في يوليو (تموز) فيما بدا القلق يتسرب لكثير من المتعاملين في السوق بشأن النمو في الصين الذي يعول عليه كثير من المستثمرين كمحرك رئيسي للنمو في العالم مع تعثر اقتصاديات متقدمة.