تأجيل صرف قسط إنقاذ اليونان.. ووزير سويدي يحذر

وسط مخاوف من فشل خطة إنقاذ اليورو

TT

أعلن وزير المالية السويدي أنديرس بورغ الثلاثاء عند وصوله إلى اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في لوكسمبورغ أن هناك «مخاطر واضحة بأن لا يكون البرنامج اليوناني يسير على الطريق الصحيح» وبأنه لن يكون من الممكن تجنب انتقال أزمة الديون إلى دول أخرى.

وأرجأ وزراء مالية منطقة اليورو ضمن مجموعة «يوروغروب» الاثنين خلال اجتماعهم في لوكسمبورغ قرار الإفراج عن شريحة من القروض الدولية البالغة ثمانية مليارات يورو التي تحتاج إليها اليونان بشكل ملحّ لتجنب الإفلاس ليتخذ «خلال أكتوبر (تشرين الأول)».

ووصل ممثلو الترويكا التي تضم صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي منذ الخميس إلى أثينا للبحث في التقدم الذي أحرزته الحكومة اليونانية بعد أن أعلنت الأحد عن تدابير تقشف جديدة صارمة لخفض العجز العام في موازنتها. وقال الوزير السويدي إن هذا الأمر قد لا يكون كافيا. وأضاف: «لم نطلع على تقرير الترويكا، لكن خطر (عدم ضبط) الموازنة اليونانية في هذه المرحلة كبير». وقال: «يجب أن نعيد التفكير بطريقة المضي قدما بشكل أسرع من أجل تأمين حماية وآليات أمان لضبط الوضع». وردا على سؤال حول الوسائل الممكنة قال إن «قسما كبيرا جدا يقوم على أساس تطوير القدرة على إعادة رسملة مصارف». وكان وزير المال البريطاني جورج أوزبرن دعا الاثنين منطقة اليورو إلى «تعزيز» مصارفها واتخاذ قرارات سريعة بشأن اليونان. وكانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد تعرضت لانتقادات شديدة اللهجة عندما دعت مرارا إلى تعزيز رأسمال المصارف الأوروبية.

وصرحت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني الاثنين أن تعزيز صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، الهادف إلى مساعدة البلدان التي تواجه أزمات ضخمة وعلى رأسها اليونان، سيسمح بإعادة جدولة أسرع للدين اليوناني وإعادة رسملة البنوك اليونانية. وهذا الإعلان أدى إلى تراجع كبير في البورصات الثلاثاء بعدما بلغت وول ستريت الاثنين أدنى مستوى لها منذ أكثر من سنة.

ومن المقرر أن يجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لمجموعة العشرين التي تضم الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الناشئة الرئيسية في باريس يومي 14 و15 أكتوبر الحالي قبل أن يعقد قادة الدول قمة في منتجع كان في جنوب فرنسا أوائل نوفمبر (تشرين الثاني).

إلى ذلك قال دبلوماسيون أمس الثلاثاء إن وزراء مالية الاتحاد الأوروبي صادقوا بشكل رسمي على مجموعة من القواعد الجديدة لتحقيق الانضباط المالي والتنسيق الاقتصادي، اعتبرت أنها خطوة رئيسية لاستعادة الثقة في منطقة اليورو. ومع ذلك تبقى خطوة واحدة يجب اتخاذها قبل أن تدخل ما يطلق عليها «مجموعة التشريعات الستة» حيز التنفيذ، وهي الاعتماد الرسمي للمقترحات بمجرد أن تتم ترجمتها إلى كل لغات دول الاتحاد الأوروبي. ويقول مسؤولون إنهم يتوقعون أن تكتمل العملية بحلول يناير (كانون الثاني) على أقصى تقدير. وستفرض حزمة القواعد، التي وافق عليها البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي، عقوبات مشددة على دول منطقة اليورو عند ارتكاب مخالفات في وضع ميزانياتها وتعزيز الرقابة على السياسات الاقتصادية الوطنية.

وكانت منطقة اليورو قررت الاثنين أن ترجئ مجددا القرارات المتصلة بمنح قرض مصيري لليونان، مطالبة إياها بمزيد من الجهود المالية ومستبعدة في الوقت نفسه خروجها من منطقة العملة الموحدة.

وتنوي مجموعة «يوروغروب» أيضا تعزيز القدرة الرقابية لدى صندوق إنقاذ الدول المتعثرة لجعله أكثر «فاعلية»، ولكن من دون زيادة حجمه، وفق ما أعلن رئيس المجموعة جان كلود يونكر إثر اجتماع في لوكسمبورغ. وأضاف يونكر: «نطلب من اليونان أن توافق على تدابير (اقتصادية) إضافية» للعامين 2013 و2014، تتجاوز تلك التي أعلنتها للتو للعامين الحالي والمقبل. كذلك طالبت منطقة اليورو بخصخصة عدد أكبر من المؤسسات اليونانية. وفي أثينا أمضى المدققون الماليون الدوليون عطلة الأسبوع في مراجعة الوضع المالي اليوناني والتكهنات الاقتصادية في أعقاب استمرار الاحتجاجات في اليونان على إجراءات التقشف التي شملت اعتصامات للموظفين داخل الوزارات، غير أن آفاق الحل الاقتصادي بالنسبة للحكومة اليونانية تبدو أبعد بعدما أعلنت أثينا أن العجز العام في موازنتها سيناهز 8.5 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي هذا العام، وهو الرقم الأعلى من 7.4 في المائة الذي تم الاتفاق عليه في يونيو (حزيران).

ووسط مخاوف من إفلاس اليونان وتداعيات هذا الأمر على أوروبا والعالم، أقفلت البورصات العالمية الاثنين على تراجع كبير وهبطت وول ستريت إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عام بينما تراجع اليورو إلى ما دون 1.32 دولار للمرة الأولى منذ يناير. وأوضح يونكر أنه تم «إلغاء» اجتماع لوزراء مال منطقة اليورو كان مقررا عقده في 13 أكتوبر للإفراج عن قسم من القروض الدولية البالغة 8 مليارات يورو التي تحتاج إليها اليونان لتفادي الإفلاس، وذلك بهدف الاطلاع على كل عناصر التقييم الضرورية حتى ذلك التاريخ.

ورغم ذلك رفض يونكر الشائعات التي تتحدث عن احتمال تخلف اليونان عن السداد، وأكد أن «تخلف اليونان عن السداد سيتم تفاديه»، موضحا أن «لا أحد يفكر في خروج اليونان من منطقة اليورو». ومن جهته أعلن وزير المال البلجيكي ديدييه رايندرز في ختام الاجتماع أيضا أن اليونان لن تكون بحاجة إلى التمويل لتجنب الإفلاس قبل «الأسبوع الثاني من نوفمبر».

أما بالنسبة إلى الخطة الثانية لمساعدة اليونان بقيمة 109 مليارات يورو، التي وعدت بها في 21 يوليو (تموز)، فقد تم الاثنين تجاوز أحد المعوقات لترجمتها، إذ توصل أعضاء منطقة اليورو إلى تسوية حول الضمانات التي طلبتها فنلندا من أثينا. ولمح يونكر إلى أنه يمكن تعديل هذه الخطة الجديدة بحيث يشارك فيها عدد أكبر من المصارف، مشيرا إلى «إعادة نظر تقنية» في هذا الموضوع مقارنة بالقرارات التي اتخذت في 21 يوليو. وأضاف «في ما يتعلق بمشاركة القطاع الخاص، علينا أن نأخذ في الاعتبار أننا شهدنا تغييرات منذ قرار 21 يوليو».

وأتاح اجتماع الاثنين أيضا تحديد موقف منتدى «يوروغروب» من أداة أخرى أساسية لتفادي عدوى أزمة الديون، أي صندوق إنقاذ البلدان المتعثرة الذي تم اللجوء إليه لمساعدة آيرلندا ثم البرتغال.

وفي هذا السياق تنوي منطقة اليورو زيادة قدرة الصندوق الرقابية ليكون أكثر «فاعلية»، الأمر الذي تلح عليه الولايات المتحدة، ولكن من دون زيادة حجمه وفق ما أوضح يونكر. ومن الوسائل التي يجري تدارسها تغيير لوائح الصندوق، ما يمكنه من التحول إلى مصرف قادر على الحصول على أموال من البنك المركزي الأوروبي فور وقوع أزمة. وثمة وسيلة أخرى تتمثل في تأمين حاملي السندات بقيمة لا تتجاوز 20 إلى 25 في المائة من الخسارة في حالة تخلف بلد عن سداد ديونه. وأوضح يونكر مساء الاثنين أن منطقة اليورو لن تعطي الأولوية لخيارات يشارك فيها البنك المركزي الأوروبي، من دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل.