تنسيق أوروبي دولي لإنقاذ المصارف الأوروبية من مصير «ليمان براذرز»

جمع بين تريشيه وروبرت زوليك وكريستين لاغارد

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى جانب رئيس صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في اجتماع برلين (أ.ف.ب)
TT

يتباحث عدد من كبار المسؤولين الماليين في العالم مع المصرف المركزي الأوروبي يوم الخميس في برلين حول مصير مصارف منطقة اليورو التي يمكن أن تأمل في إعادة رسملة تنقذها من الانهيار. وأكد رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروزو، أنه يقترح «عملا منسقا» في أوروبا من أجل إعادة رسملة المصارف للتخلص من الأصول السامة. ورحبت الأسواق بالإعلان الذي أتى ردا على طلب تقدمت به المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأربعاء. وسجلت بورصتا باريس وفرانكفورت ارتفاعا بـ2 في المائة قبل الظهر.

ويخشى قادة منطقة اليورو من أن تتحول أزمة الديون، لا سيما في اليونان إلى أزمة في القطاع المصرفي، كما حصل في عام 2008 بعد انهيار مصرف «ليمان براذرز» في الولايات المتحدة. وعلاوة عن مساعدة المفوضية، تأمل مصارف منطقة اليورو بالحصول على دعم من المصرف المركزي الأوروبي ومقره فرانكفورت (غرب). وقد أعلن حاكم البنك بعد اجتماعه الشهري حول السياسة النقدية، جان كلود تريشيه، سلسلة من العمليات الاستثنائية لمساعدة مصارف منطقة اليورو على إعادة تمويلها، لكنه دعا هذه المؤسسات في الوقت نفسه إلى تعزيز أدائها. وتنوي المؤسسة القيام بعمليتي إعادة تمويل محدودتين على مدى عام تقريبا في أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول)، وهي أداة استثنائية لم يلجأ إليها منذ ديسمبر 2009. وأعلن تريشيه أيضا عن إطلاق برنامج لإعادة شراء سندات مؤمنة بقيمة أربعين مليار يورو بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 وأكتوبر 2012. والسندات المؤمنة هي أسهم تعتمد على ممتلكات عقارية، ولا بد منها لبقاء الكثير من المصارف المتخصصة في أوروبا. وكان البنك المركزي الأوروبي طبق برنامجا مماثلا بين يوليو (تموز) 2009 ويونيو (حزيران) 2010 بلغت قيمته الإجمالية ستين مليار يورو.

من جهة أخرى، أعلن البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس الإبقاء على معدل فائدته الرئيسية عند 1.50 في المائة، المستوى المرجعي في كلفة التسليف في منطقة اليورو على الرغم من التدهور الاقتصادي والمالي الكبير.

ويبدو أن أنصار انتهاج سياسة نقدية متشددة ربحوا المعركة في إطار ارتفاع التضخم في سبتمبر (أيلول) في منطقة اليورو. وكان يمكن لخفض شروط التسليف أن يعطي بعض الدفع لاقتصاد المنطقة الغارقة في أزمة الديون التي تهدد اليونان بالإفلاس.

وبلغت مساهمة مصارف دول منطقة اليورو لدى المصرف المركزي مستوى قياسيا جديدا ليل الأربعاء - الخميس مما يدل على المنافسة بين مختلف المؤسسات المالية. وبدلا من أن تحرك هذه المؤسسات سيولتها وتسهم في رسملة بعضها البعض، فهي تتهافت على احتياطي المصرف المركزي الأوروبي رغم تراجع الأداء. كما أن توقف المعاملات بين المصارف يمكن أن يهدد تمويل الاقتصاد وبالتالي النمو الذي يسجل تراجعا في أوروبا. وأثارت أزمة مصرف الاستثمار الفرنسي - البلجيكي «ديكسيا» الذي بدأت آلية تفكيكه، مخاوف من تكرار ما حصل بعد انهيار مصرف «ليمان براذرز». ويتباحث في قضايا المصارف، في برلين عدد من كبار المسؤولين الماليين في العالم من بينهم ميركل والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ووزير الاقتصاد الفرنسي فرانسوا باروان ورئيس البنك الدولي روبرت زوليك، وتريشيه. وتدور القمة رسميا حول إصلاح النظام النقدي، كما دعت إليه فرنسا التي تتولى حاليا رئاسة مجموعة الدول العشرين الأكثر ثراء في العالم، والتي تعترض على هيمنة الدولار على الأسواق العالمية. إلا أن المشاركين لا يمكنهم تجاهل أزمة ديون منطقة اليورو، وخصوصا بعد أن دعا وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر مجددا الأوروبيين الأربعاء إلى «بذل المزيد من الجهود» قبل أن تمتد الأزمة لمختلف أنحاء العالم.

وستتيح إعادة رسملة المصارف الأوروبية لها تحمل خفضا جديدا لقيمة أسهم الدين اليوناني يفوق عتبة الـ21 في المائة التي وافقت عليها أساسا. إلا أن الملح بالنسبة إلى اليونان التي شهدت الأربعاء يوما جديدا من الإضرابات والمظاهرات ليس خفض قيمة الأسهم، بل استئناف المساعدة الدولية. وتوقف صرف المساعدة الدولية بانتظار استنتاجات مبعوثي المصرف المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي الذين يراجعون التقدم الذي حققته اليونان على صعيد الإصلاحات. وعلاوة على «الترويكا»، فإن اليونان تنتظر يوم الخميس وصول وزير الاقتصاد الألماني فيليب روسلر.

وبدا الرأي العام في ألمانيا المساهم الرئيسي في خطط الإنقاذ الأوروبي يبدي تبرمه من المساعدات المتتالية. واختار البنك المركزي الأوروبي أمس مكافحة التضخم على النمو، حيث أبقى أسعار الفائدة عند 1.5 في المائة، أمس (الخميس)، إذ إن القفزة التي سجلها التضخم الشهر الماضي طغت على الضغوط الداعية للتعامل مع أزمة ديون منطقة اليورو بخفض تكاليف الاقتراض. وتبحث الأسواق عن مؤشرات على أن المركزي الأوروبي يستعد لخفض أسعار الفائدة الشهر المقبل أو في ديسمبر. وإذا قرر البنك خفض الفائدة هذا العام فإن هذا سيشكل تغيرا في مسار سياسة البنك بعدما رفع الفائدة في يوليو وأبريل (نيسان) حين أصبح أول بنك مركزي رئيسي يرفع الفائدة بعد اشتداد الأزمة المالية.

وقال المركزي الأوروبي إن سعر الفائدة على الودائع سيبقى عند 0.75 في المائة، بينما ستبقى الفائدة على الإقراض الحدي عند 2.25 في المائة.

وفي لندن سجل اليورو أدنى مستوى في الجلسة مقابل الدولار، أمس (الخميس)، بعدما قرر البنك المركزي الأوروبي إبقاء الفائدة الرئيسية دون تغيير مما دفع بعض المستثمرين لخفض رهاناتهم على صعود العملة في حالة إعلان البنك عن إجراءات لتيسير السياسة النقدية. وقلصت الأسهم الأوروبية مكاسبها بعد القرار.